أنا ذاهبة للدراسة في هارفارد.. من سيوفر مصاريفي الجامعية؟

موقع إلكتروني يقدم قروضا بلا فوائد ويخفف من أزمة رسوم الالتحاق بالكليات

TT

داخل الصورة، تبدو عينا الشابة ذات لون بني وبها نظرة عطف. إنها في حاجة للحصول على مساعدة مالية. وقد قام موقع إلكتروني جديد يجمع المهتمين بالعمل الخيري والمحتاجين بنشر تفاصيل طلبها. هذه ليست من بين الصفقات التي يمكن للمتبرعين من خلالها رعاية طفل محتاج أو مزارع يزرع في الدول النامية، فمن تطلب المساعدة هي طالبة في الواحدة والعشرين من عمرها تدرس بجامعة هارفارد، وتطلب قرضا من خريجي الجامعة ذاتها. كتبت الشابة، التي أبقت على اسمها مجهولا لإخفاء وضعها المالي عن هؤلاء الذين لا يسمح لهم بالوصول إلى موقع Unithrive.org (يونيثريف): «خلال الصيف الجاري أخطط لاجتياز امتحانات القبول بكلية الطب، وليس لدي في الوقت الحالي رسوم التسجيل أو أدوات الاستعداد اللازمة لاجتياز الامتحان، ومن ثم فإن الحصول على قرض من يونيثريف قد يساعدني كثيرا».

ويجمع موقع يونيثريف، الذي دشن الشهر الماضي، بين الخريجين المقرضين والطلاب الذين يحتاجون إلى المال، حيث يقوم الطلاب بنشر صور ومعلومات خاصة بهم ويمكنهم طلب الحصول على ما يصل إلى 2000 دولار. وهذه القروض بلا فوائد ويمكن ردها خلال خمسة أعوام من التخرج. ويعد هذا الموقع الذي لا يهدف إلى تحقيق أرباح من بنات أفكار ثلاثة خريجين جدد من جامعة هارفارد يأملون المساعدة على التلطيف من أزمة رسوم الالتحاق بالكليات، ويمكن أن يكون لذلك أثر إذا ما امتد في يوم من الأيام ليصل إلى الكليات الأخرى التي لا تستطيع أن تكون سخية مثل جامعتهم، التي تقدم بالفعل منحا دراسية إلى جميع الطلبة الذين لديهم حاجة يمكن إثباتها.

ويقول مؤسسو يونيثريف إن عنصر الجذب في القروض المباشرة من المانحين إلى الطلبة هو أن الخريجين سيكون لديهم اتصال شخصي بالطلبة الحاليين، ويقوم من يريد الحصول على قرض بذكر المدينة التي يعيش فيها والسنوات الدراسية والمواد التي درسها. ويمكن للخريجين أن يقرضوا الطلاب الذين يرغبون. ويحصل الخريجون على تعهد بالحصول على معلومات محدثة ثلاثة مرات خلال العام من الطلبة الذين يدعمونهم، على غرار الخطابات التي يحصل عليها رعاة الأطفال الفقراء في أفريقيا عن طريق صندوق الأطفال المسيحي. بيد أنه في هذه الحالة، لن يكون عنصر الإقناع بممارسة العمل الخيري هو سالي ستروثرز ولكن عن طريق المؤسسين الثلاثة وهم: غوشا كوشنر، الذي تخرج العام الماضي وينتمي إلى عائلة عقارات ثرية (اشترى أخوه الأكبر غارد كوشنر مرصد نيويورك بعد أن تخرج في هارفارد بفترة قصيرة)، وناماي ميتا وتانوي باريخ، اللذان تخرجا الشهر الحالي. ويقوم خريجو هارفارد الأثرياء بدعم منحة قيمتها 29 مليار دولار، تقوم بتمويل أحد أكثر برامج المنح الدراسية سخاء في التعليم العالي، حيث يتعهد بتوفير الرسوم الدراسية للطلاب الذين تحصل عائلاتهم على أقل من 60.000 دولار. وأشار كوشنر إلى أن الكلية لا تزال تطلب من طلاب المنح الدراسية المساهمة بآلاف قليلة من الدولارات كل عام عن طريق العمل خلال الصيف. ويضيف كوشنر، 24 عاما: «لدي أصدقائي يمكن أن يقضوا 10 ساعات في الأسبوع عندما لا يكونون في دراسة في العمل في مقهى أو داخل المبنى الطلابي»، مشيرا إلى اعتقاده بأن هذا وقت مهدر. ويضيف: «أعتقد أن الشيء الذي يتسم بخصوصية أكبر فيما يتعلق الكلية بل ما نقوم به خارج فترة الدراسة وليس ما نقوم به خلالها».

وبدأ الرجال الثلاثة الشباب برنامج الإقراض غير الربحي في هارفارد، لأن لديهم مجموعة من الأصدقاء الخريجين الذين لديهم استعداد لتقديم تبرعات. وحتى الآن، سجل 73 منهم مع يونيثريف، ونشر ثمانية طلاب طلبات بهدف الحصول على قروض خلال الأسابيع الأربعة التي تلت تدشين الموقع. (ولا يتاح هذا الموقع إلا لمن لديهم عنوان بريد إلكتروني خاص بطلاب أو خريجي جامعة هارفارد).

وعلى الرغم من أن يونيثريف تريد في النهاية أن ترفع الحد الأقصى من الطلاب الذين يمكنهم الاقتراض، فإن قرض الـ2000 دولار الحالي يغطي معظم المساهمات التي يطلب من طلاب المنح الدراسية بهارفارد تقديمها من خلال الالتحاق بوظيفة ما.

ويقول متحدث باسم الجامعة غوشوا بوبور إن الأموال التي تأتي من أي قرض، بما فيها الأموال التي تأتي من يونيثريف، لن تؤثر على الطريقة التي تستخدم لتحديد كمية المساعدات المالية التي يحصل عليها الطلاب. بيد أنه أشار إلى أن الحاجة للقروض أصبحت أقل مما كان عليه في الماضي. ومع رفع جامعة هارفارد لمستوى المساعدات المالية خلال الأعوام الأخيرة، تراجعت القروض التي يحصل عليها الطلاب الدارسون من 16.500 دولار للفصل الدراسي عام 1999 إلى 8000 دولار للفصل الدراسي خلال عام 2008. ويقول براين فينستين، الذي يبلغ من العمر 24 عاما وتخرج عام 2007، إنه أقرض 50 دولارا إلى طالبة في يونيثريف لأنها من إيست لونغميدو بولاية ماساتشوستس ولديها نفس المواد التي كانت لديه. ويضيف فينستون، وهو محلل في شركة توظيف أموال: «عشت في لونغميدو لفترة عندما كنت شابا ووجدت تشابها مع خلفياتها».

ويوافق الكثير من المقرضين الخريجين على الانضمام إلى هذا العمل الخيري شريطة الإبقاء على أسمائهم سريا فيما عدا بالنسبة لهؤلاء المسموح لهم بزيارة موقع يونيثريف. ويضم المقرضون أسماء بعض العائلات الشهيرة وأبناء شخصيات معروفة من الوسط الإعلامي والتمويلي. وإلى الآن، قام الخريجون بتقديم قروض بلغت قيمتها نحو 4500 دولار للطلاب التسعة الذين قاموا برفع ملفات على الموقع. وجاءت فكرة يونيثريف من نموذج إقراض لشركات على شبكة الإنترنت مثل Kiva.org (كيفا)، الذي يسمح للمقرضين باستعراض ملفات المقترضين في الدول النامية، وتقديم أموال لهم، يمكن أن تبلغ 25 دولارا فقط، لاستخدامها في مشروعات مثل مساعدة مزارع على شراء سماد لرفع إنتاجية المحاصيل. وتقول مؤسسة كيفا، التي لا تهدف تحقيق أرباح والتي بدأت عام 2005، إنها تقدم حاليا نحو مليون دولار في الأسبوع في صورة قروض بلا فوائد وإن 97.8 في المائة من القروض يتم ردها. وكما هو الحال مع كيفا، تستخدم يونيثريف حشدا تمويليا، حيث يتم حشد عدد من المقرضين لتلبية طلب إجمالي لشخص ما. وعلى الرغم من أن كيفا تمرر الأموال إلى المقترضين عبر مؤسسات التمويل الأصغر في بلادهم، تخطط يونيثريف إلى دفع قروضها مباشرة إلى الجامعة كجزء من الرسوم الدراسية للطلاب. ولا يشترط أن يكون القرض مطلوبا لهدف دراسي محض، فعلى سبيل المثال، قال ريكي كوبرمان، وهو مقترض طالب أنهى السنة الدراسية الثانية في هارفارد كما أنه راقص بارع، في مقابلة أجريت معه أنه كان يريد قرضا قيمته 2000 دولار لزيارة أوكيناوا باليابان في 2010 لقضاء بعض الوقت داخل البلد الذي ظهرت فيه لعبة الكاراتيه. ويقول: «إذا لم أحصل على المال، فسيكون علي أن أعمل لفترة أطول الصيف الماضي أو خلال إجازة الفصول الدراسية، حيث سيساعدني ذلك على المحافظة على بنيتي ويجعلني لائقا بدرجة أكبر للأفلام أو مشروعات الرقص التي تتاح». ويقوم الطلاب بالتوقيع على عقد يتعهدون فيه برد القرض، وإذا تعثروا، يتم إيراد ذلك لمكتب ائتمان، كما أنه سوف يؤثر على أهليته للحصول ائتمان، حسب ما يقوله ميهتا، 21 عاما. ورئيس كيفا بريمال شاه قريب لباريخ، 21 عاما. وقد قدم استشارات ليونيثريف، ولكنه غير واثق من مستقبلها. ويقول شاه: «هل سيكون ذلك هو الشيء المقبل الأكبر الذي يخرج من مساكن الطلبة في هارفارد، إنها فكرة كبرى لصبغ المساعدات المالية بصبغة ديمقراطية، حقا إنه شيء رائع». ولكنه يقول إن كيفا نفسها من أكبر التحديات التي يواجهها يونيثريف، ففي 10 يونيو (حزيران)، أعلنت مؤسسة كيفا أنها توسع من إقراضها لرجال الأعمال في الولايات المتحدة، وأنها تخطط في النهاية لتقديم قروض للطلبة للكليات والمدارس المهنية. ويضيف شاه: «ربما يريد بعض الأشخاص تقديم تمويل مصنع زبادي في السنغال، ولكن ربما يريد شخص أن يموّل شابا يبلغ 18 عاما في جنوب بوسطن يرغب في تعلم مهارة أو تجارة». أما ما يمكن أن يميز يونيثريف عن كيفا هي أنها تركز على علاقات تشبه علاقة المعلم بالدارس بين الخريجين والطلبة، حسب ما يقوله ميكولاي جان بيسكورسكي، الأستاذ بكلية التجارة بهارفارد والذي قدّم استشارات للمشروع. ويضيف: «الكثير من خريجينا يشعرون بالحماس عندما يذهبون إلى جامعة ويريدون أن يقدموا تبرعاتهم إلى الطلاب ويشعرون أنها تستخدم من قبل شخص يحتاجها وليس من قبل مدير».

ويقول بعض الخبراء إن ثمة تحديا في عملية دفع القروض، ويقول سورش صندارسان، الأستاذ في كلية كولومبيا للتجارة الذي يدرس في مواد التمويل الأصغر، إن السبب في معدلات الدفع المرتفعة لصالح كيفا هي أن المزارعين في العالم النامي الذين لا يدفعون قروضهم الصغيرة ستكون خياراتهم الباقية الوحيدة للائتمان هو الحصول على قروض من المقرضين المرابين. ومن المفترض أن يكون لخريجي هارفارد خيارات أفضل.

* خدمة «نيويورك تايمز»