مستشار ساركوزي: إعادة انتخاب أحمدي نجاد ليس خبرا سارا لأحد

باريس تنبه لمخاطر الحرب مع إيران

TT

صعدت باريس لهجتها إزاء إعادة انتخاب أحمدي نجاد رئيسا للجمهورية الإسلامية الإيرانية لأربع سنوات إضافية، لكنها في الوقت عينه اعترفت بمحدودية تأثيرها على الوضع المستجد في إيران. وبعد أن كانت الخارجية الفرنسية في بيان صدر أول من أمس اكتفت بالقول إنها «أخذت علما» بالنتائج المعلنة للانتخابات وبالطعن الذي قدمه المرشح المعتدل مير حسين موسوي، ذهب المستشار الخاص للرئيس ساركوزي هنري غينو أبعد من ذلك إذ اعتبر أن إعادة انتخاب أحمدي نجاد «ليست خبرا سارا لأي كان، لا للإيرانيين ولا للاستقرار والسلام في العالم» مما يعني ضمنا أن نجاد خطر على الاستقرار والســلم في العالم. و قال غينو المقرب من ساركوزي وكاتب خطاباته في حديث صحافي أمس لإذاعة أوروبا رقم واحد ولوسائل إعلامية أخرى إن العالم موجود أمام «واقع سياسي رئيسي وهو أن أحمدي نجاد موجود أمامنا بتجاوزاته ومبالغاته وهذا ليس من شأنه أن يسهل عمل الذين يسعون عبر العالم إلى أخذ إيران بعين الاعتبار وإظهار الاحترام لها والحوار معها». وأقر غينو بعجز الأسرة الدولية عن التأثير في الوضع الإيراني الداخلي بعد أن كان كثيرون قد راهنوا على فوز موسوي لإحداث تغيير في تعاطي إيران مع المجتمع الدولي وفي ما خص ملفها النووي.

و فيما كانت الدول الست «الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا» تربط معاودة التفاوض مع إيران حول ملفها النووي بوضعها حد لنشاطاتها النووية الحساسة ومنها التخصيب ومعالجة الوقود النووي وتوفير كل ما تطلبه الوكالة الدولية للطاقة النووية عن ماضي البرنامج النووي، فإن المستشار الرئاسي ربط الحوار مع طهران بشرطين جديدين: اعتراف طهران « بوضوح» بحق إسرائيل بالوجود والأمن وقبولها إخضاع منشآتها النووية للتفتيش من قبل الوكالة الدولية. أما إذا تعذر الحوار على هذين الأساسين، فإن غينو حذر من الانزلاق إلى «وضع بالغ الخطورة» أي إلى «الحرب» في حال حصلت إيران على السلاح النووي، واستمرت في سياسة عدوانية مما سيعني حكما وجود خطر المواجهة بينها وبين من سيعتبر نفسه «مهددا» في إشارة إلى إسرائيل. أما بخصوص الانتخابات نفسها واستمرار الأعمال الاحتجاجية في الداخل، فقد أعرب الوزير كوشنير، عقب لقائه المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل عن «أسفه» للجوء السلطات إلى العنف ضد «المتظاهرين الذين سينظمون أنفسهم». ونبه كوشنير السلطات الإيرانية إلى أنها ضيعت فرصة فتح حوار مع المعارضين محذرا إياها من أن «لا شيء» يمكن أن تكسبه من اللجوء إلى العنف الذي وصفه بـ«الشرس» بعض الشيء وإلى أنه «سيترك أثرا» على العلاقة بين السلطة والمعارضة. وكان كوشنير يشير إلى الاشتباكات التي اندلعت بين أنصار موسوي ومتظاهرين من جهة وقوى الأمن من جهة أخرى وإلى توقيف العشرات منهم. وبحسب الوزير الفرنسي فإن العنف «لن يأتي بالحل» لا بل إنه يتعين على السلطات الإيرانية أن تأخذ بعين الاعتبار تطلعات المجتمع المدني. و ترى باريس، كما دول غربية عديدة، أن البرنامج النووي الإيراني «ليست له غاية مدنية» باعتبار أن إيران تفتقر لمنشآت نووية مدنية لإنتاج الطاقة الكهربائية وأن المعمل الوحيد الذي تملكه ولم يدخل حيز الإنتاج بعد هو معمل بوشهر الذي تتولى روسيا تزويده بالوقود النووي. وتتخوف باريس خصوصا من معمل أراك النووي الذي يعمل بالمياه الثقيلة. وتؤكد الوساطة الفرنســية أن إيــران قادرة على التحول من إنتاج اليورانيوم ضعيف التخصيب إلى اليورانيوم عالي التخصيب عن طريق زيادة الطاردات المركزية وإعادة برمجتــها.

وأعربت مصادر رئاسية أن باريس «توافق» الرئيس الأميركي الرأي في أنه لا يمكن التفاوض مع طهران إلى ما لا نهاية وأن مهلة تنتهي مع بدء العام الجديد يمكن اعتبارها «مهلة معقولة» لمعرفة ما إذا كان الإيرانيون راغبين بالتوصل إلى تسوية حول برنامجهم النووي أم لا.