بغداد بعد منتصف ليلها.. وضع طبيعي في مركزها وأقل رعبا عند أطرافها

إعادة فرض حظر تجول محدود فيها تمهيدا للانسحاب الأميركي

TT

بغداد ما بعد منتصف الليل، مدينة أخرى غير التي تراها ساعات النهار، فكل شيء مختلف: لا سيارات ولا زحام ولا تجد في شوارعها سوى قلة من الناس بعضهم عائد من عمله وآخرون في طريقهم إلى إحدى صالات الحفلات. وبعد أن كانت بغداد ليلا مدينة موحشة تبعث على الرعب والموت، أصبحت الآن أقل رعبا بل أصبح الوضع فيها شبه طبيعي في مركزها، وأقل خطرا في أطرافها، ومع إعلان جهات أميركية عن عزمها بدء عملية الانسحاب من المدن، لجأت الأجهزة الأمنية إلى وضع خطط بديلة كإجراء وقائي وتحسبا لحدوث أي عمليات قد تخل بالوضع الأمني. وعاودت الأجهزة الأمنية اتباع أساليب أكثر تشددا ومنها حظر التجوال مساء، وهذا ما نتج عنه ارتياح عند جزء من سكان بغداد، وأثار حفيظة الجزء الآخر.

«الشرق الأوسط» تعمدت التجوال في بغداد بعد الساعة الواحدة ليلا، حيث بدت الشوارع وخاصة الرئيسية منها آمنة ولوحظ الانتشار المكثف لنقاط التفتيش التي حسنت هي الأخرى من تعاملها مع المارة. وبعد الساعة الثانية يظهر بعض السيارات المدنية وإن كانت قليلة جدا فيصل عدد السيارات في شارع السعدون ثلاثة أو أربعة. التساهل من قبل الأجهزة الأمنية مستمر لكن هنا تبدأ عملية طرح الأسئلة أو مطالبة المدني بهويته، وسؤاله إلى أين يتوجه، وهنا عليك إيجاد إجابة مقنعة، أو ستزداد الأسئلة، لكن لا تزال الطريقة مهذبة جدا لتحسسك بوجود تحسن فعلا.

المطاعم والمولات والأسواق التجارية تغلق بعد الساعة العاشرة مساء تحسبا لأي طارئ قد يحدث، عدا بعض المرافق السياحية التي عاودت نشاطها أخيرا بينها مطاعم خاصة تقام فيها الحفلات، وكذلك قاعات الأعراس والنوادي الاجتماعية فهي تستمر بعملها لكن على روادها تحمل البقاء حتى الساعة الخامسة فجرا وهو موعد انتهاء حظر التجوال.

ضابط في وزارة الداخلية العراقية / مديرية الشرطة الوطنية المسؤولة عن تأمين بغداد وخاصة في المساء وهو الرائد محمد، أكد من جانبه أن وزارة الداخلية ونيابة عن الحكومة مع عودة الحياة الطبيعية لبغداد «فبقاء الناس في الأسواق والشوارع وافتتاح المحال التجارية هو مؤشر استقرار أمني، ونحن ندفع بهذا المجال ولسنا مع حظر التجوال، ولهذا قامت الجهات المعنية بتقليل ساعات الحظر وإلغائه ومن ثم إعادته بسبب الانسحاب، لكن بسبب انسحاب القوات الأميركية عاودنا اتباع أسلوب الحظر المسائي لكن بشكل مخفف وأقل زمنا من السابق لأن الأوضاع مسيطر عليها بشكل كبير». وبسؤاله عن ماذا يقصد بالمخفف؟ قال الرائد محمد «إن السيطرات المكلفة بحماية مدينة بغداد تبدأ بتطبيق تعليمات الحظر مثلا في الساعة الواحدة، لكنها في وسط المدينة تسمح بالتجوال إذا كانت سيارة تقل عائلة عائدة من زيارة أو ذاهبة للمستشفى، أو العودة من العمل، لكن على الأكثر بعد الساعة الثالثة يبدأ رواد ( الملاهي) بالتنقل وهنا يتعامل معهم أفراد السيطرات بمرونة».