رحيل النبوي إسماعيل.. أكثر وزراء داخلية مصر إثارة للجدل

أنقذ عبد الناصر وفشل في منع اغتيال السادات

اللواء النبوي إسماعيل
TT

غيب الموت اللواء النبوي إسماعيل وزير داخلية مصر الأسبق. لكنه أبدا يبقى في ذاكرة المصريين.. إذ كان لاعبا رئيسيا وشاهدا على كثير من الحوادث التي شكلت «انعطافات مهمة للسياسة المصرية». توفي النبوي إسماعيل فجر أمس بمستشفى دار الفؤاد (غرب القاهرة)، بعد صراع طويل مع المرض.

ويعد النبوي إسماعيل الرجل ذا القبضة الحديدية الذي جاء به الرئيس المصري الراحل أنور السادات بعد مظاهرات يومي 18، 19 يناير (كانون الثاني) عام 1977.

تخرج اللواء النبوي إسماعيل في كلية الشرطة عام 1946. درس القانون وتخرج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة قبل أن يعين بإدارة مباحث أمن الدولة فور قيام ثورة يوليو عام 1952. غير أن الصراعات السياسية أطاحت ببعض قيادات الرعيل الأول لجهاز مباحث أمن الدولة، فانتقل النبوي إسماعيل إلي مباحث السكك الحديدية، لكنه مع المشهد الأخير لهذه المرحلة أصبح مديرا لمكتب ممدوح سالم الذي كان حينها وزيرا للداخلية.

رفض اللواء فؤاد علام التعليق على تاريخ وزير داخلية مصر الأسبق، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن النبوي إسماعيل «أدى دوره في مرحلة من أصعب المراحل في تاريخ مصر الحديث قدر ما استطاع. كان الراحل النبوي إسماعيل دائما ما يردد أن مهمته الأساسية تلخصت في ترتيب البيت من الداخل وتأمين البلاد من أخطار رافضي السلام الذين حاولوا غير مرة العبث بأمن مصر، مؤكدا أنه نجح في إفشال كثير من المخططات الإرهابية، كنسف مجمع التحرير ومبنى الإذاعة والتلفزيون وكثير من محاولات اغتيال الرئيس محمد أنور السادات. «الغريب أن النبوي إسماعيل هو من أنقذ جمال عبد الناصر من محاولة اغتيال في احتفالات محافظة السويس عام 1965» هذا ما يقوله الكاتب الصحافي محمود فوزي الذي خص الراحل النبوي إسماعيل بكتاب وسلسلة حلقات تلفزيونية. يقول محمود فوزي لـ«الشرق الأوسط»: «كانت منظمة إرهابية قد نجحت في وضع قنبلة موقوتة جاءت من ألمانيا، أسفل المنصة التي استقبلت الرئيس جمال عبد الناصر، لكن براعة النبوي إسماعيل حالت دون إتمام المخطط». ويؤكد فوزي أن النبوي إسماعيل قد وطد علاقته بممدوح سالم أثناء بعثة دراسية إلي إنجلترا عام 1965 لمدة ستة أشهر لدراسة نظم الشرطة، وهو ما جعله مديرا لمكتبه كوزير للداخلية ثم كرئيس للوزراء قبل أن يختلفا سويا.

رتب اللواء النبوي البيت من الداخل، وكان هذا هو مشهده الثاني الذي لن يغيب عن الذاكرة. ففي فجر الخامس من سبتمبر (أيلول) صدرت قائمة بأوامر اعتقال ضمت ما يقرب من ثلاثة آلاف اسم من أبرز الشخصيات السياسية والثقافية والقانونية المعروفة من التيارات الفكرية والحزبية المختلفة، قائمة لم تستثن أحدا، الناصري، والوفدي، والماركسي، والإسلامي، والمسيحي، والمستقل، أساتذة الجامعات وطلابها والصحافيين والكتاب. كانت هجمة شرسة غير متوقعة وغير مفهومة. وقد كانت نسبة الـ99.9% من ضمن طرائقه في ترتيب البيت. والـ99.9 هي نسبة الأصوات «الموافقة» في الاستفتاءات المصرية خلال عهده، والتي رآها الرجل ضرورية لكي يستعيد السادات الثقة في الجماهير التي خذلته في يناير (كانون الثاني) 1977.

المشهد الأخير وهو أكثر هذه المشاهد شهرة، وكان في صباح يوم السادس من أكتوبر عام 1981 حيث كانت التقديرات تشير إلي احتمال القيام بمحاولة اغتيال السادات عن طريق تفجير المنصة بطائرة من طائرات سلاح الجو المصري.. على الرغم من ذلك كان النبوي إسماعيل قد نصح السادات في هذا اليوم بضرورة ارتداء القميص الواقي من الرصاص. مر عرض الطائرات بسلام، لكن ما أن عبر سلاح المدفعية أمام المنصة وترجل عن إحدى حافلاته الملازم خالد الإسلامبولي العامل باللواء 333 مدفعية حتى تغير كل شيء. اللواء النبوي إسماعيل طالما دافع عن نفسه مؤكدا على أن حماية الرئيس كانت مسؤولية مباشرة للجيش، مشيرا إلي أنه كان يعلم بالأمر وقد أبلغه للرئيس السادات، الذي رفض القيام بالخطوات الاحترازية المناسبة قائلا: «أنا سأكون وسط أولادي».

ومع عام 1982 أصبح اللواء النبوي إسماعيل نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للحكم المحلي تمهيدا لابتعاده عن الحياة السياسية.