الاتحاد الأوروبي يدعو للتحقيق في اتهامات تزوير الانتخابات الإيرانية ووقف العنف ضد المتظاهرين

فرنسا وألمانيا تستدعيان السفيرين الإيرانيين لديهما.. وميركل تطالب بتوضيحات.. ولندن قلقة

ايرانية من انصار موسوي شاركت في مظاهرة احتجاجية في انقرة (أ.ب)
TT

اتخذ الاتحاد الأوروبي أمس موقفا متشددا تجاه نتائج الانتخابات الإيرانية، داعيا السلطات في طهران إلى التحقيق في الاتهامات بتزوير الانتخابات الرئاسية والامتناع عن أي أعمال عنف ضد المتظاهرين مبديا في الوقت ذاته استعداده لاستئناف الحوار مع طهران بشأن برنامجها النووي. واتخذت عدة دول أوروبية الموقف نفسه على انفراد، واستدعت كل من باريس وبرلين السفيرين الإيرانيين لديهما للتعبير عن القلق والاحتجاج على أعمال العنف. وطالب الاتحاد الأوروبي في إعلان نشر بعد اجتماع وزراء خارجيته في لوكسمبورغ أمس، «السلطات الإيرانية بالاهتمام بالطعون التي قدمت في نتائج الانتخابات والتحقيق فيها». وأعرب عن قلقه العميق لأعمال العنف في الشارع الإيراني واستخدام القوة ضد متظاهرين سلميين. ويؤكد إعلان الوزراء الشكوك والانتقادات التي عبر عنها عدد من المسؤولين الأوروبيين خلال اجتماع في لوكسمبورغ.

وأعربت المفوضة الأوروبية المكلفة الشؤون الخارجية بنيتا فيريرو فالدنر «عن الأمل في أن تدرس (السلطات الإيرانية) الشكاوى كافة حول المخالفات، وأظن أن ذلك أقل ما يمكن أن يقال». وأضافت: «إنني أكن احتراما كبيرا للمواطنين الإيرانيين الذين عبروا عن استيائهم وتظاهروا سلميا وآمل أن تمتنع قوات الأمن عن استخدام العنف». وشدد وزير الخارجية النمساوي مايكل سبيندلغر على ضرورة فتح تحقيق «مستقل» بدلا من تحقيق تجريه السلطات الإيرانية، وأن الاتحاد الأوروبي يعلم أن «هذا الطلب لن يتحقق». وأكد الاتحاد الأوروبي على رغبته في «فتح حوار مع الجمهورية الإسلامية على أساس الاحترام المتبادل». وقال الوزراء إن «ذلك يستلزم اعتراف إيران بمسؤولياتها والتزاماتها» وأن «تتحرك» طهران وفقا لذلك.

وأعرب الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية خافيير سولانا عن «القلق من الصور الأخيرة التي رأيتها والأخبار الواردة من طهران. وأملي أن يتم احترام إرادة الشعب». وأضاف سولانا الذي يقود المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي باسم الدول الست الكبرى (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا): «على كل حال، سنواصل التزامنا تجاه الشعب والقادة الإيرانيين». وأوضح: «آمل عقد لقاء قريبا وما أن تشكل حكومة سنقيم اتصالات».

وأعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند لدى وصوله إلى اجتماع نظرائه الأوروبيين في لوكسمبورغ أن «شكوكا جدية جدا أثيرت حول حرية وإنصاف عملية فرز الأصوات التي تثير قلقا حقيقيا وسنتابع الوضع عن كثب لجمع أكبر قدر من المعطيات». وقال ميليباند «ما زلنا ننتظر رد إيران على عروضنا السخية حول البرنامج النووي الإيراني» في إشارة إلى طلب الدول الست في أبريل (نيسان) استئناف الحوار المنقطع مع طهران منذ سبتمبر (أيلول). وقال إن «قلقنا لا يتعلق بمن يحكم إيران، بل كيف تلتزم إيران إزاء المجتمع الدولي. إن الأسرة الدولية تكن الاحترام لطهران، وما تريده في المقابل هو التحلي بالمسؤولية، لكننا لم نر ذلك بعد من طرف النظام».

وشدد وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير على «ضرورة القيام بالتحقيقات التي تطالب بها المعارضة». وقالت وزارة الخارجية في باريس أمس إن فرنسا استدعت السفير الإيراني لديها للتعبير عن قلقها بشأن الأحداث المرتبطة بانتخابات الرئاسة التي شككت المعارضة في نزاهتها. وأعلنت ألمانيا أيضا أنها استدعت السفير الإيراني لدى برلين للاحتجاج على الأحداث الجارية في إيران.

وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس إن هناك مؤشرات على حدوث مخالفات في انتخابات الرئاسة الإيرانية، ودعت إلى فحص شفاف للنتائج. وقالت في مؤتمر صحافي مشترك مع مورغان تسفانغراي رئيس وزراء زيمبابوي إن ألمانيا «قلقة للغاية» من التطورات منذ الانتخابات الإيرانية، وأدانت «موجة من الاعتقالات» قامت بها حكومة طهران.

وعبرت الحكومة الألمانية، على لسان المتحدث الرسمي توماس شتيج، عن «قلقها العميق» إزاء العنف الذي تستخدمه قوات الأمن الإيرانية في قمع المظاهرات الاحتجاجية التي أعقبت الإعلان عن نتائج الانتخابات الإيرانية. وقال شتيج ببرلين أمس، إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل طالبت حكومة طهران بتقديم تفسيرات «سريعة وبلا ثغرات» عن نتائج الانتخابات الإيرانية والاضطرابات التي أعقبتها. وطالبت ميركل، من الحزب الديمقراطي المسيحي، برفع الحظر الإعلامي المفروض على الوضع الداخلي في إيران وبوقف الهجمات التي تنفذها قوات الأمن ضد المتظاهرين السلميين.

وكان وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، قد استدعى السفير الإيراني علي رضا شيخ عطار إلى وزارته ببرلين بهدف مساءلته حول ملابسات الانتخابات الإيرانية والعواقب السياسية التي تمخضت عنها. ووزعت وزارة الخارجية الألمانية تصريحا للوزير، جاء فيه أن نتائج الانتخابات في إيران تستدعي كثيرا من الأسئلة، وأن التقارير حول الخروقات التي رافقت الانتخابات تستدعي «أكبر القلق». وطالب التصريح الحكومة الإيرانية بتقديم الإيضاحات حول الاتهامات الموجهة إلى عملية الانتخابات، ووصف العنف المستخدم ضد المتظاهرين بـ«غير المقبول». وقال شتاينماير في برنامج «تاجيستيمن» الصباحي، الذي تبثه القناة الألمانية الأولى: «سنراقب تطورات الوضع عن كثب».

ولا يختلف موقف أحزاب المعارضة الألمانية عن موقف الحزبين الكبيرين الذين يشكلان حكومة ميركل. فطالب جيدو فيسترفيله، زعيم الحزب الليبرالي، الحكومة الألمانية بالتحقيق في الاتهامات الموجهة إلى نتائج الانتخابات. وقال متحدث باسم حزب الخضر لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع في إيران يبعث على القلق وإن على حكومة طهران تبديد الشكوك كافة حول نتائج الانتخابات. وكانت القناتان الأولى والثانية في التلفزيون الألماني قد وجهتا خطابا شديد اللهجة إلى السفير الإيراني ببرلين بسبب الحظر المفروض على مراسلي قناتيهما بإيران. وجاء في التصريح أن السلطات الإيرانية فرضت حظرا إعلاميا على مراسل القناة الثانية حليم حسني، ومنعت مراسل القناة الأولى بيتر ميتزغر من مغادرة فندقه. واعتبر توماس باومان، مدير القناة الثانية، ونيكولاس بريندي، مدير القناة الأولى، ممارسات الحكومة الإيرانية تعديا على حرية الصحافة ومبادئ الديمقراطية.