قلق عالمي لما يجري في إيران.. وباريس توجه رسائل قوية: التلاعب غير مقبول

مراقبون: الغرب والأمم المتحدة قرروا تشديد الضغوط على طهران من أجل التعجيل بـ«انفتاحة»

TT

توالت أمس ولليوم الرابع على التوالي ردود الفعل الدولية على أعمال العنف المستمرة في إيران منذ الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس محمود أحمدي نجاد بولاية ثانية، وأعرب العديد من العواصم الأوروبية عن «قلقه» من قمع السلطات للتظاهرات السلمية.

ففي باريس أعرب رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون عن «قلق فرنسا البالغ من تدهور الأوضاع في إيران» داعيا «السلطات الإيرانية إلى اختيار الحوار» وتجنب «مأزق التشدد» مع المتظاهرين. ووجهت باريس مجموعة رسائل قوية إلى السلطات الإيرانية تشدد كلها على الإعراب عن «القلق العميق» لتطور الوضع في إيران وإدانة العنف الذي استخدمته قوى الأمن ضد المتظاهرين وتوقيف سياسيين والحث على ضرورة احترام إرادة الناخبين الإيرانيين والتنديد بالغش الانتخابي وإجراء تحقيق مستقل في اتهامات الغش بمشاركة ممثلي المرشحين ودعوة طهران إلى احترام حرية التعبير والتظاهر السلمي وتوفير إمكانية العمل بكل حرية للصحافة الإيرانية والأجنبية. وبعدما كانت باريس قد التزمت موقفا حذرا في البداية، أخذت شيئا فشيئا تعبّر عن مواقف متصلبة جاءت على لسان هنري غينو المستشار الخاص للرئيس ساركوزي، ثم من وزير الخارجية وأخيرا عن قصر الإليزيه نفسه.

وأصدرت الرئاسة بيانا فنّدت فيه «المآخذ» على أداء السلطات الإيرانية بعدما كانت وزارة الخارجية استدعت السفير الإيراني في فرنسا. لكن الرجل الثاني في السفارة هو الذي حضر بعد اعتذار السفير عن الحضور «بسبب المرض». وأثارت الخارجية الفرنسية مع الدبلوماسي الإيراني المواضيع كافة التي تثير قلق باريس بما في ذلك المظاهرات المعادية في محيط السفارة الفرنسية في طهران. وجاء في البيان الرئاسي أنه «لن يكون مقبولا أن يكون التلاعب في نتائج الانتخابات قد أودى بصدقية العملية الانتخابية وأسقط التعبير الديمقراطي الحر للإرادة الشعبية».

ويبدو أن الدول الغربية والأمين العام للأمم المتحدة قرروا تشديد الضغوط على طهران من أجل التعجيل في «انفتاحة» من غير أن يعني ذلك أن ما يجري في إيران «مقدمة» لتغيير النظام. وقال أريك شوفاليه الناطق باسم الخارجية إن فرنسا تعتبر إيران «لاعبا إقليميا مهما» و«نحن نريد أن يكون دورها مهما، ولكنها هي التي بشكل ما تضع نفسها في موقع يحط من مكانتها بسبب عدم احترامها للقرارات الدولية ولالتزاماتها»، في إشارة إلى ملفها النووي. وأضافت الخارجية الفرنسية أنه «بقدر ما تحترم إيران قرارات مجلس الأمن ومقررات الوكالة الدولية للطاقة النووية، فسيسهل عليها فرض احترام دورها الإقليمي والدولي».

وفي ما خص ملف طهران النووي قالت المصادر الفرنسية إن إعادة انتخاب أحمدي نجاد والطريقة التي يتعامل بها مع المبادرة الأميركية «لا تبشر بأي اختراق على هذا الصعيد»، متوقعة أن تبوء المبادرة الأميركية بالفشل «لأن إيران متمسكة ببرنامجها النووي الذي لا نرى له غاية سلمية». وفي المقابل، ترى باريس أن «التقدم التكنولوجي» الذي تحققه إيران نوويا يمنع الدول الست من فتح باب التفاوض معها إلى ما لا نهاية، ما يعني أن «لحظة الحقيقة ستأتي في وقت أقرب مما نتصور». وفي لاهاي استدعى وزير الخارجية الهولندي ماكسيم فيرهاغن القائم بالأعمال الإيراني مجيد قهرماني لإبلاغه بـ«المخاوف الهولندية الكبيرة حيال مجرى الانتخابات والعنف المفرط المستخدم ضد المتظاهرين».

وأكد فيرهاغن بحسب بيان عن وزارته أنه «لا يمكن استخدام القوة لتفريق متظاهرين سلميين»، داعيا إلى إطلاق المتظاهرين المعتقلين «فورا»، ومؤكدا أن «شكوكا جدية تساوره حيال مصداقية النتائج»، داعيا طهران إلى التحقيق في المزاعم بشأن حصول مخالفات.

وبدوره أعلن وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس أنه سيطلب من السفير الإيراني في مدريد سيد داود صالحي لدى لقائه إياه الأربعاء تزويده بـ«معلومات» و«توضيحات» حول الأوضاع المضطربة في إيران، وسيبلغه بضرورة أن تعمد طهران إلى «إعادة النظر» في نتائج الانتخابات، مشددا على أن اللقاء مع السفير الإيراني ليس استدعاء بل هو لقاء مقرر منذ مدة.

من ناحيته، دعا رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون طهران إلى الاستماع إلى «الشكاوى المحقة» للشعب الإيراني، وقال: «مصير الانتخابات يعود إلى الشعب الإيراني، ولكن إذا بقيت أسئلة هامة تدور حول سير هذه الانتخابات، عندها يجب أن يكون هناك جواب» على هذه الأسئلة. وأكد براون أنه «يجب أن لا تكون هناك أعمال عنف ردا على التظاهرات السلمية»، مضيفا: «أعتقد أن على إيران أن تسمع جيدا، لأن علاقاتها مع باقي العالم والاحترام الذي سيقابلها به باقي العالم وقْف على طريقة تعاملها مع الشكاوى المحقة التي جرى الإعراب عنها والتي يجب الحصول على ردود عليها».