شركات أميركية وأوروبية وصينية تتنافس لاختبار لقاح إنفلونزا الخنازير

عالم بريطاني لـ«الشرق الأوسط»: إنتاجه سيغطي 10% فقط من سكان العالم

TT

فيما دخلت عشرات شركات الدواء العالمية الأميركية والأوروبية والصينية حلبة التنافس لإنتاج لقاح مضاد لفيروس «ايه ـ أتش 1 أن1» المسبب لأنفلونزا الخنازير، أكد عالم بريطاني بارز في الفيروسات لـ«الشرق الأوسط» أن اللقاح الضروري سيكون جاهزا لاستخدامه حول العالم خلال بضعة أشهر فقط، إلا أن جرعاته لن تكفي إلا لاحتياجات جزء يسير من سكان العالم. وأضاف أن 32 من شركات الأدوية حول العالم أعلنت عن دخولها ميدان السباق، وأن شركتين على الأقل هما «باكستر» في الولايات المتحدة و«نوفارتيس» السويسرية قد أكدتا عن قرب طرحهما لأولى دفعات اللقاح في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) المقبلين.

إلا أن الصين دخلت على خط التنافس أمس، إذ أعلنت شركة «صينوفاك بايوتيك» لإنتاج اللقاحات أنها، واعتمادا على أبحاثها في تطوير لقاحات مضادة لأنفلونزا الطيور، ستقوم بإنتاج اللقاح الجديد، الذي ستخضع أول حزمة له للاختبار نهاية شهر يوليو (تموز) المقبل. ونقلت النشرة الإنجليزية لوكالة «رويترز» عن متحدث باسم الشركة أمس، أن «الزمن قصير جدا قبل حلول موجة وبائية مقبلة» في الصين. وقال البروفسور جون اكسفورد الباحث في المستشفى الملكي ومستشفى بارتولميو في لندن، إنه يتوقع أن يتم بحلول الخريف المقبل إنتاج ما يكفي من اللقاح لتطعيم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالأنفلونزا، وهم المصابون بأمراض مزمنة مثل الربو والسكري وما شابه، إضافة إلى تطعيم غالبية أفراد الطاقم الطبي في المستشفيات.

ولدى سؤاله عن مدى الإنتاج وضرورات التطعيم مع انتشار أنفلونزا الخنازير بين صفوف الشباب أكثر من المتقدمين في السن، أجاب أن هذا الإنتاج لن يغطي أكثر من احتياجات 10 في المائة من سكان العالم فقط. أما انتشار إصابات أنفلونزا الخنازير بين الأشخاص من الأعمار الوسطى أكثر من انتشاره بين الأشخاص من أعمار متقدمة، فقد عزاها إلى أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما ربما كانوا قد تعرضوا إلى شكل من أشكال الإصابة بفيروس «ايه ـ اتش 1 أن 1» أثناء حياتهم، ولذلك فإنهم ظلوا محصنين ضد عدواه. وقد ظهر هذا الفيروس أول مرة عام 1918 وأدى إلى مقتل ملايين الناس بعد تحوله إلى وباء عالمي آنذاك، ثم ظل ينتشر في شكل موجات وبائية صغيرة حتى الخمسينات من القرن الماضي، لحين ظهور فيروس آخر للأنفلونزا تسبب في وباء عالمي جديد عام 1957. واختتم اكسفورد حديثه بالقول: «إننا محظوظون لأن العالم تمكن من الاستجابة بسرعة لهذا الوباء الجديد بفضل تأهبه لمحاصرة انتشار أنفلونزا الطيور». من جهته، أشار المعهد الوطني للأبحاث الطبية البريطاني، الذي يضم المركز العالمي للأنفلونزا، في رسالة إلكترونية جوابية على استفسارات «الشرق الأوسط»، إلى أن اللقاح الجديد يمكن إنتاجه بعد عمليات إنمائه، بتوظيف بيض الدجاج أو الخلايا، وأن إنتاجه يتم عادة خلال 5 إلى 6 أشهر من التعرف الكامل على الفيروس المرشح استخدامه في ذلك اللقاح. وحول احتمال تحور الفيروس خلال فترة إعداد وإنتاج اللقاح المضاد له، أشار المركز إلى أن من المبكر الجزم بأن الفيروس سيتحور أثناء انتشاره الحالي بين الناس. إلا أن العلماء يرصدون أي تغيرات تطرأ عليه، بهدف إشعار الخبراء بها.

ولم تتسلم «الشرق الأوسط» أي ردود هاتفية أو بالبريد الإلكتروني من ميلندا هنري المسؤولة عن لقاح أنفلونزا الخنازير في مقر منظمة الصحة العالمية في جنيف أو مساعدتها دايانا مونوري. وكانت المنظمة قد توقعت أن لا يكون اللقاح جاهزا قبل سبتمبر (أيلول) المقبل. كما توقعت أن يصل مجمل الإنتاج إلى 9.4 مليار جرعة تطعيم في العام على أحسن الأحوال، أي أقل من عدد سكان العالم وهو 5.6 مليار نسمة.

وكان عدد من شركات الأدوية الكبرى قد أعلن الأسبوع الماضي عن نجاحاته في تطوير لقاح مضاد لأنفلونزا الخنازير، بعد إعلان منظمة الصحة العالمية رسميا عن تحوله إلى وباء عالمي، إذ أعلنت شركة «سانوفي افينتس» أكبر شركة لإنتاج لقاحات الأنفلونزا أنها ستنتج العدد الأكبر من جرعات اللقاح في أقصر إطار زمني، إلا أن الأمر يستلزم أربعة أشهر أخرى قبل إعداد أول كمية كبيرة من اللقاح. كما أعلنت «نوفارتيس» أنها تأمل في طرح لقاح لأنفلونزا الخنازير بحلول الخريف المقبل، وأن اللقاح سيدخل مراحل الاختبارات الإكلينيكية الشهر المقبل.

وقالت «نوفارتيس» إن النتائج الأولية على سلالة «اتش1 ان1» أظهرت أن من الأسرع تصنيع اللقاح من خلال إنتاج يستند إلى الخلايا وليس من خلال بيض الدجاج، وذلك في مختبراتها في ألمانيا. وقد شرعت الشركة في بناء منشأة مماثلة لها بالتعاون مع وزارة الصحة الأميركية في ولاية كارولينا الشمالية. أما شركة «صينوفاك بايوتيك» الصينية فأعلنت أنها تنفذ عمليات إنماء اللقاح على بيض الدجاج.

كما أعلنت شركة «غلاكسو» أيضا أنه سيكون بمقدورها الوفاء بمتطلبات الشراء المدفوعة سلفا لما يتراوح بين 150 و180 مليون جرعة، إضافة إلى 50 مليون جرعة التي تبرعت بها لمنظمة الصحة العالمية من أجل الدول النامية. وأعلنت شركة «باكستر» أنها دخلت مرحلة إنتاج شاملة لصنع لقاح لفيروس وباء الأنفلونزا. وقالت الشركة إنها حصلت على سلالة فيروس «ايه ـ اتش1 ان1» من المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها لتطوير لقاح للوباء لاستخدامه في موعد مبكر في يوليو (تموز) المقبل.