النظام الإيراني يهتز من وقع الاحتجاجات.. وأنصار موسوي يحاصرون «التلفزيون».. ويتجاهلون دعوات الهدوء

خامنئي يؤيد إعادة فرز جزئية للأصوات * حظر عمل الصحافيين الأجانب ومنعهم من مغادرة مكاتبهم لتغطية الأحداث.. واعتقال إصلاحيين بارزين

المخرجان السينمائيان الإيرانيان محسن مخلباف ومرجان ساترابي يعرضان صورة توضح استعمال أجهزة الأمن لأسلحة بيضاء ضد متظاهرين خلال مؤتمر صحافي أمس (إ.ب.أ)
TT

في وقت يشهد فيه النظام الإيراني «اضطرابات قوية»، اهتزت لها أركانه، تواصلت مسيرات الاحتجاج الغاضبة على نتائج الانتخابات الرئاسية. وقام الآلاف من أنصار مرشح انتخابات الرئاسة الإيرانية الخاسر مير حسين موسوي أمس بمسيرة نحو مبنى التلفزيون الحكومي متجاهلين دعوته إلغاء المسيرة والهدوء. فيما نظم مؤيدو الرئيس نجاد مظاهرة حاشدة مضادة.

واعتقلت السلطات مسؤولين بارزين إصلاحيين، فيما حظرت أمس على الصحافة الأجنبية تغطيتها. واشتكى صحافيون من محاصرتهم في منازلهم ومنعهم النزول لتغطية الأحداث، وأكدت وزارة الثقافة الإيرانية أنها منعت صحافيين بوسائل إعلام أجنبية من مغادرة مكاتبهم لتغطية احتجاجات في شوارع طهران.

وفي تطور لافت أعلن أمس مجلس صيانة الدستور وهو أعلى هيئة تشريعية في إيران أنه مستعد لإعادة فرز جزئي للأصوات في انتخابات الرئاسة الإيرانية.

وأعلن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي أنه يؤيد إعادة فرز جزئية للأصوات إذا اقتضى الأمر. ونقل عنه التلفزيون الرسمي الإيراني قوله: «إذا استدعت دراسة المشكلات إعادة فرز للأصوات في بعض صناديق الاقتراع، فيجب أن يتم ذلك بحضور ممثلين عن المرشحين لكي يتأكد الجميع» من النتائج.

وفي وقت سابق أعرب مجلس صيانة الدستور الذي تَلقّى طعونا من مرشحين إلى الانتخابات الرئاسية عن استعداده لإجراء إعادة فرز لأصوات الصناديق «التي تم التشكيك فيها». وأضاف المجلس أنه يأمل أن يردّ قريبا على طلبات طعون مير حسين موسوي، ومهدي كروبي، ومحسن رضائي.

وتجمع أنصار موسوي في مسيرتهم أمس أمام مبنى هيئة التلفزيون الإيراني في جنوب طهران، حيث أحاطت بهم قوات الأمن. وحمل أنصار موسوي، الذين كانوا يضعون على معاصمهم ورؤوسهم عصابات خضراء بلون حملته الانتخابية، صوره وأشاروا بعلامات النصر. وعلى عكس دعوة موسوي إلى وقف التظاهر دعا رجل الدين الإيراني الإصلاحي المعارض آية الله العظمى حسين علي منتظري أمس الشباب الإيرانيين إلى مواصلة تظاهراتهم بطريقة سلمية «للمطالبة بحقوقهم». وقال في بيان موجه إلى «الأمة الإيرانية النبيلة والمستضعفة». ودعا المرجع «الجميع وعلى الأخص الشباب الأحباء إلى المطالبة بحقوقهم بصبر وضبط النفس». وذكر مكتب الإصلاحي الإيراني البارز محمد علي أبطحي أن أبطحي اعتقل في ساعة مبكرة من صباح أمس. وأبطحي نائب سابق للرئيس وكان يؤيد المرشح المؤيد للإصلاح مهدي كروبي في انتخابات الرئاسة. وقالت مصادر إصلاحية إن إصلاحيا بارزا آخر هو سعيد هجاريان اعتقل أيضا. وأعلن التلفزيون الرسمي أن «عناصر رئيسية» في الاضطرابات التي أعقبت انتخابات الرئاسة الإيرانية اعتقلت ووجدت بحوزتها متفجرات وبنادق. وأوردت محطة «برس» التلفزيونية الإيرانية الناطقة بالانجليزية هذه الاعتقالات في نبأ عاجل ولكنها لم تذكر عدد الأشخاص الذين اعتقلوا أو وقت اعتقالهم. ونقلت وكالة «فارس» شبه الرسمية للأنباء عن مسؤول رفيع بالشرطة قوله إن بعض الناس «المعادين للثورة» اعتقلوا وبحوزتهم مواد متفجرة وأسلحة فيما بدا أنها نفس عملية الاعتقال التي نفذتها الشرطة.

وقال وزير المخابرات غلام حسين محسني اجئي إن الوزارة تلاحق فئتين من الناس الساعين لخلق حالة من عدم الاستقرار في البلاد. إحداهما مدعومة من الخارج. وأضاف للراديو الحكومي «أرادت فئة تحقيق هدفها من خلال التفجيرات والإرهاب. وفيما يتصل بهذا جرى اعتقال 50 شخصا وجرى اكتشاف أكثر من 20 عبوة ناسفة. كانوا مدعومين من خارج البلاد». وتابع أن «الفئة الثانية كانت تتألف من جماعات معادية للثورة اندست إلى المقر الانتخابي للمرشحين واعتقل نحو 26 من هذه العناصر». واعتقل أكثر من مائة إصلاحي من بينهم شقيق الرئيس السابق محمد خاتمي منذ بدء التظاهرات. وحظرت السلطات الإيرانية على الصحافة الأجنبية تغطية التظاهرات «غير القانونية» بما فيها تظاهرة أمس، التي نفذها أنصار المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية مير حسين موسوي. وقالت وزارة الثقافة في بيان إنها حظرت أيضا على وسائل الإعلام الأجنبية «المشاركة في التجمعات التي تتم من دون ترخيص من وزارة الداخلية أو تغطيتها». وأوضحت الوزارة أنه «لا يمكن لممثلي وسائل الإعلام الأجنبية تغطية أحداث من دون تنسيق أو موافقة من مكتب (الوزارة) ولا يمكنهم المشاركة في أي حدث إن لم يكن مدرجا على برنامج المكتب». وهذا التوضيح يعني أنه لا يحظر على الصحافيين الأجانب تغطية تظاهرة موسوي فحسب، بل لا يمكنهم كذلك العمل خارج مكاتبهم. وقال مصدر حكومي لوكالة «فرانس برس» إن هذه الإجراءات تهدف في المقام الأول إلى ضمان أمن ممثلي الصحافة الأجنبية في طهران، مما يؤشر إلى مزيد من العنف في قمع التظاهرات المؤيدة لموسوي.

وأكدت الوزارة أنها منعت الصحافيين الأجانب من مغادرة مكاتبهم لتغطية الاحتجاجات، كما اشتكى الصحافيون من حجزهم بمقارهم أو مكاتبهم. وقالت الوزارة إن بإمكان الصحافيين مواصلة عملهم من مكاتبهم، مضيفة أنها تلغي أوراق الاعتماد الصحافية لكل وسائل الإعلام الأجنبية. وصرح مسؤول بوزارة الثقافة لـ«رويترز»: «لا يسمح لأي صحافي تغطية أو تصوير أو التقاط صور في المدينة». وفي خطوة تبدو لتخفيف الضغط والاحتقان الشعبي.. أعلن مجلس صيانة الدستور وهو أعلى هيئة تشريعية في إيران أنه مستعد لإعادة فرز جزئي للأصوات في انتخابات الرئاسة الإيرانية المتنازع عليها التي أثارت أكبر احتجاجات في الشوارع منذ الثورة الإسلامية في عام 1979. وقال المجلس المؤلف من 12 شخصا إنه مستعد لإعادة فرز الأصوات في الانتخابات التي أعلن فوز المتشدد احمدي نجاد فيها بفارق كبير. لكن متحدثا باسم المجلس لم يقل سوى إنه «مستعد لإعادة فرز صناديق الاقتراع المتنازع عليها من جانب بعض المرشحين في وجود ممثليهم». ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن المتحدث عباس علي كادخودي قوله: «من الممكن أن يكون هناك بعض التغييرات في المحصلة بعد إعادة الفرز». وقال حليف إصلاحي كبير لموسوي ومرشح خاسر آخر هو مهدي كروبي إنهم يريدون إجراء انتخابات جديدة بدلا من إعادة فرز جزئي للأصوات.

ولكن مجلس صيانة الدستور رفض هذا الطلب وذلك حسبما قال متحدث باسم المجلس للتلفزيون الإيراني. إلى ذلك استدعت الخارجية الإيرانية أمس القائم بالأعمال التشيكي والسفير البريطاني في إيران احتجاجا على رد فعل الاتحاد الأوروبي على أعمال العنف التي تلت الانتخابات الرئاسية. ونقل التلفزيون الرسمي أن وزارة الخارجية أكدت للقائم بالأعمال يوزف هافلاس أنه «لا يحق للاتحاد الأوروبي، ولا أي دولة أخرى، التدخل والإدلاء بملاحظات فظة بخصوص إيران، لا سيما بشأن انتخاباتنا المجيدة».

وتتولى تشيكيا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي حتى 30 من يونيو (حزيران) الحالي. وأعربت المفوضية الأوروبية أمس عن «قلقها الشديد» حيال الوضع في إيران وشددت على ضرورة أن تحترم قوى الأمن «الحق في التظاهر السلمي»، بعد مقتل سبعة مدنيين في تظاهرة بالأمس.

وتم إبلاغ السفير البريطاني سايمون لورنس غاس الذي استدعي لاحقا بدوره «إدانة الملاحظات غير اللائقة وغير المهذبة» التي أدلى بها رئيس الوزراء غوردن براون ووزير الخارجية ديفيد ميليباند. وكان براون اعتبر الاثنين أن على إيران أن «ترد على القضايا الجدية» التي أثارتها إدارة الانتخابات الإيرانية، فيما تحدث ميليباند عن «شكوك جدية» في نتائج الانتخابات.