ثورة «تويتر» إلكترونية تمتلئ بمعارضي أحمدي نجاد.. و«يوتيوب» ينقل الصورة إلى العالم

طلاب إيران يديرون حربهم من أجل «التغيير في إيران».. ويتفادون قيود السلطات على الوسائل التقليدية

TT

في الوقت الذي تحاول حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد تقييد القدرة على الدخول إلى شبكة الانترنت والاتصالات داخل إيران، أصبحت أنماط جديدة من وسائل الإعلام الاجتماعية تشكل تحديا للأدوات التقليدية التي تمارس من خلالها الدولة السيطرة على وسائل الإعلام، وتسمح للإيرانيين بالتوصل إلى سبل جديدة للالتفاف على القيود القائمة.

وامتلأت صفحات موقع «تويتر» الالكتروني أمس بأخبار إيران، رسائل مقتضبة تعبر عن الأجواء في إيران، من جهة متشنجة ومن جهة أخرى تدل على التغيرات الكبيرة داخل إيران. فرسائل مثل «عاجل: الأمر مؤكد: الجيش يتحرك ضد المتظاهرين» و«حكومة (الرئيس الإيراني محمود) أحمدي نجاد تحرك تظاهرة للتغطية على المعارضين» أصبحت الرسائل الرائجة على الموقع الذي أصبح مركزا لتنسيق التظاهرات الإيرانية. وكانت الغالبية الكبرى للرسائل معارضة لأحمدي نجاد، بينما حذر عدد من مستخدمي الموقع من مؤيدي احمدي نجاد الذين قرروا الرد عبر الموقع وتشويش الأخبار عليه. وقال طالب إيراني يتخذ فقط اسم «التغيير من أجل إيران» على الموقع، خشية من أعين السلطات الإيرانية، إن «الهواتف النقالة توقفت في إيران»، مما جعل التنسيق عبر الانترنت مصدر تواصل بين الإيرانيين المعارضين. وبعد استخدام برامج «ام اس ان» و«جي ميل» لبعث الرسائل بين بعضهما البعض، أوقفت السلطات الإيرانية هذه الخدمات أيضا يوم أمس، مما دفع أعدادا متزايدة من الإيرانيين يلجأون إلى «تويتر».

وقال احد المدونين الذي يأخذ اسم «تويت برسيا» إن «التظاهرة المؤيدة لـ(المعارض مير حسين) موسوي كانت ستبدأ في الساعة الخامسة، ولكن حكومة احمدي نجاد قررت بدء مظاهرتها في الموقع نفسه في الساعة الرابعة». ولفت المستخدم «بويان» إلى أن هناك تظاهرة أمام مبنى الأمم المتحدة في طهران ظهر أمس، مطالبا بنشر رسالته على صفحات مستخدمين آخرين لتوصيل المعلومات لأكبر عدد ممكن من المعارضين. كما تمت مطالبة مستخدمي «تويتر» في الخارج بأن يغيروا مكان إقامتهم المسجل على الموقع على أنه «إيران» من أجل إرباك السلطات الإيرانية وتصعيب مهمة منع الصفحات الخارجة من إيران. كما أرسلت رسالة عصر أمس لمستخدمي الموقع تحذر من «السلطات الأمنية الإيرانية التي بدأت تفبرك أسماء مستعارة في محاولة للسيطرة على الحديث عبر الموقع». واتخذ موقع «تويتر» أهمية إضافية أمس مع إعلان منع الصحافيين الأجانب من نقل الأحداث في إيران، حيث اعتمدت وسائل الإعلام الرئيسية بشكل اكبر على المدونين في «تويتر» للتواصل مع الإيرانيين. وبعثت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية رسالة إلى الإيراني «شاه زادمو» تطلب منه بعث 300 كلمة عن الأوضاع في طهران ومشاعره، بينما طالبت المذيعة هالا غوراني من قناة «سي إن إن» أن يتقدم مستخدمو «تويتر» بأفكارهم حول إذا كانت التظاهرات ستغير مسار الأوضاع في إيران على المدى البعيد. وكانت الإجابات جزءا مهما من تغطية «سي إن إن» للأحداث في إيران بعد تقليص عمل صحافييها على الأرض. ومن جهة أخرى، استخدم معارضو احمدي نجاد «تويتر» ومواقع أخرى مثل «فيس بوك» و«يوتيوب» من اجل توصيل صوتهم إلى الخارج، فعلى سبيل المثال «اراش من اصفهان» كتب عن «مهاجمة الشرطة للناس.. الغاضبون واجهوا الشرطة وأجبروهم على الفرار». ووضع موقع «إيران بي فري» (إيران كوني حرة) تسجيلا على موقع «يوتيوب» يظهر الشرطة وهي تضرب متظاهرين، بينما ظهر تسجيل آخر وضع أمس من مستخدم باسم «رجا عائدي»، طوله 21 ثانية يظهر متظاهرين تعرضوا للضرب والدماء تجري منهم. ووضع موقع «يوتيوب» ضوابط خاصة على بعض التسجيلات من التظاهرات بسبب شدة العنف الظاهر فيهم، مطالبة بأن يتعهد المستخدم على أنه فوق سن الـ18 سنة. وكانت غالبية التسجيلات التي حملت يوم أمس، وزاد عددها على 2250 تسجيلا فقط يوم أمس، طولها أقل من دقيقة إذ تسجل بشكل خفي وعبر الهواتف الجوالة. واستخدمت وسائل إعلام مثل هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» لقطات من هذه التسجيلات في تغطيتها للأحداث في إيران، بينما اعتمدت بعض محطات التلفزيون وضع لقطاتها أيضا على الموقع لجلب انتباه المشاهدين الذي اخذوا يعتمدون على الانترنت بشكل أوسع للحصول على الأخبار. وفي ما يخص موقع «فيس بوك»، فاعتمد الإيرانيون بشكل اقل عليه بسبب منع السلطات الإيرانية له قبل الانتخابات بحوالي أسبوعين، خوفا من أن يكون الموقع مصدرا لتسهيل التجمعات المعارضة، مثلما حصل في مصر أخيرا. إلا أن عددا من الإيرانيين وجدوا وسائل أخرى لتخطي الحظر على الموقع خلال اليومين الماضيين، بالإضافة إلى أن الشباب الإيرانيين في الخارج فعلوا المواقع المؤيدة للإصلاحيين. وجذبت الصفحة الخاصة بـ«موسوي» على «فيس بوك» حتى يوم أمس 54 ألف مؤيد، بينما وضعت البيانات له على الموقع والتسجيلات الخاصة بالتظاهرات المؤيدة له من موقع «يوتيوب». تحول الإيرانيون إلى إنشاء مدونات، والمشاركة بموقع «فيس بوك»، وتنسيق مسيراتهم الاحتجاجية عبر موقع «تويتر». والملاحظ أن هذا النمط من النشاطات شهد تناميا، وليس تراجعا، منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الجمعة، فيما بذلت الحكومة محاولات لتقييد أو مراقبة الاتصالات الجارية عبر شبكة الانترنت. في موقع «تويتر» تحولت تقارير وعدد من الوصلات الإلكترونية المرتبطة بمسيرة كبرى سلمية مرت عبر شوارع طهران يوم الاثنين، إلى جانب تقارير عن تقاتل في الشوارع ووقوع إصابات بمختلف أرجاء البلاد، إلى الموضوع الأكثر شعبية داخل الموقع الذي تمتد خدماته لشتى أنحاء العالم، وذلك حسب الإحصاءات التي نشرها الموقع. من ناحية أخرى، ارتفع عدد أعضاء مجموعة أنصار موسوي على «فيس بوك» لأكثر من 50.000 فرد، ما ينبئ عن حدوث ارتفاع بالغ منذ يوم الانتخابات. وساد في الوقت الحاضر بالفعل تعبير «ثورة تويتر» للإشارة إلى مثل هذه النشاطات المناهضة للحكومة التي تبدو تلقائية. جدير بالذكر أن هذا الوصف سبق أن أطلق على المظاهرات التي اندلعت في مولدوفا في أبريل (نيسان). في المقابل، من الواضح أن «تويتر» مدركة للقوة التي تحملها خدماتها. وفي اعتراف منها بالدور الذي تلعبه على الساحة العالمية، أعلنت الشركة، التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا لها، يوم الاثنين أنها عملت على إرجاء إغلاق الموقع لمدة يوم لتنفيذ أعمال صيانة، معللة ذلك بـ: «الدور الذي تضطلع به تويتر حاليا كأداة اتصال مهمة في إيران». ويعرض مستخدمو «تويتر» رسائل، تعرف باسم «تويتس»، تحمل عنوان «الانتخابات الإيرانية»، ما يسمح للمستخدمين بالبحث عن كافة الرسائل التي تتناول هذه القضية. مساء الاثنين، شهد الموقع تسجيل حوالي 30 رسالة جديدة في الدقيقة عن هذا الموضوع. من جانبه، قال جوناثان زيترين، بروفسير في كلية الحقوق بجامعة هارفارد وهو خبير بشؤون الانترنت، إن «تويتر» أبدى قدرة خاصة على مقاومة الرقابة نظرا لتميزه بسبل كثيرة لعرض الرسائل عليه ـ عبر الهاتف أو متصفح لشبكة الانترنت أو تطبيقات متخصصة ـ إلى جانب الكثير من المنافذ يمكن من خلالها عرض هذه الرسائل.

وقال إنه مع تحول كل مصدر جديد لهذه المواد إلى هدف جديد للرقابة، يواجه أي نظام قمعي مهمة عسيرة لمنع عنوان على شبكة الانترنت بعد حمله معلومات تخريبية. وقال زيترين: «من السهل أن تترك أنباء تويتر أصداء لها بكل المناطق الأخرى من العالم. إن الخصائص التي تجعل تويتر يبدو فارغا وغير ناضج هي ذاتها التي تكسبه قوة بالغة».