إطلاق سراح عنصر في حزب الله متهم بقتل ضابط طيار يثير ضجة في لبنان

TT

أثار قرار المحكمة العسكرية في لبنان القاضي بإطلاق سراح أحد عناصر «حزب الله» المدعو مصطفى حسن المقدم، المتهم بالتسبب بقتل النقيب الطيار في الجيش اللبناني سامر حنا بإطلاق النار على طوافته في تلال سجد في 28 أغسطس (آب) 2008، ضجة في الأوساط السياسية والقانونية. واعتبره البعض بمثابة تسوية سياسية خطيرة لا يمكن السكوت عنها.

وعلق النائب بطرس حرب، محامي ذوي النقيب حنا، على قرار المحكمة فقال إنه «شكل صدمة» له «فالمسألة تتعلق بقتل ضابط في الجيش اللبناني واستعجال المحكمة المؤلفة من أربعة ضباط رفاق الضابط الشهيد في اتخاذ قرار بإخلاء سبيل من قال إنه أطلق النار عليه وأصابه وقتله، وذلك قبل انقضاء سنة على الحادثة». ورأى أن القرار «يشكل خروجا على القواعد القانونية وضربا لصدقية القضاء، علاوة على أنها فضيحة قضائية. فالمخلى سبيله كان قيد المحاكمة. والمحكمة العسكرية سريعة في إصدار أحكامها، فلم العجلة وما هو المبرر في إخلاء سبيله قبل صدور الحكم النهائي؟ وكيف يمكن تخلية شخص اعترف بأنه أطلق النار على طوافة فيها عناصر من الجيش وقال إنه أطلق النار قصدا على الطوافة، وقتل فيها شخصا؟ إنها فضيحة لا يجوز السكوت عنها... حدثت تسوية سياسية، مع الأسف. وهذه قضية يشكل السكوت عنها مشاركة في قتل ضابط في الجيش خلال أداء واجبه».

وأكد حرب أنه سيتخذ الموقف المناسب «لأنني أعتبر ذلك أمرا لا يجوز إمراره أو السكوت عنه... وهذا ما سيدعوني حكما إلى إعادة تأكيد طرحي بإلغاء المحاكم العسكرية والمحاكم غير العادية والاستثنائية في لبنان، لأن قضايا بهذه الخطورة وهذه الدقة لا يمكن إيكالها إلى أشخاص ليسوا قضاة وليسوا مستقلين».

وكان حرب اتصل برئيس الجمهورية ميشال سليمان وأبلغه احتجاجه واعتراضه «على هذا التصرف الذي لا يطمئن إطلاقا». كما زار رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وأثار معه الموضوع. وبدوره أشار وزير العدل إبراهيم نجار إلى أن «قرار إخلاء سبيل المتهم بقتل الضابط حنا بسند كفالة مالية صادر عن محكمة عادية بعد أن اعتبرت محكمة التمييز أن الجرم اقترف بقصد دون إرادة قتل الضابط سامر حنا. وقد صدر القرار من قبل المحكمة العسكرية خلافا للمطالعة من قبل هيئة مؤلفة من 4 ضباط وقاض مدني». وقال «يمكن تفهم الضجة التي أثارها هذا القرار الصادر بعد أقل من 10 أشهر من تاريخ الحدث. والحقيقة أن التساؤلات مطروحة: هل يجب أن نحافظ على إبقاء المحاكم العسكرية؟ هل يجوز أن تستثنى بعض الجرائم من القضاء العادي خلافا للنظام القضائي أم لا؟ إن هذه الإشكالية كانت مطروحة بقوة وما زالت تلازم النظام القضائي اللبناني. وأنا أعلم تمام العلم أن منظمات دولية تعيب على النظام القضائي اللبناني هذا النوع من الصلاحيات الاستثنائية إضافة إلى إمكانية تأثير هذا الموضوع على معنويات الجيش اللبناني وضباطه». وختم قائلا «إن وزير العدل لا يمكن أن يعلق اليوم على هذا الحكم إلا بالنظر إلى هذا الموضوع في جانبه التقني فقط».

من جهته، رأى رئيس الجمهورية الأسبق رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» أمين الجميل في إطلاق سراح المقدم أمرا «مؤسفا ومؤلما». وقال «تطالب المعارضة وحزب الله بضمانات لدخول الحكومة أو للمشاركة، وأنا أسأل ما هي ضماناتنا؟ وما هي ضمانات المواطن اللبناني التي يمكن أن يعطينا إياها حزب الله، لتكون حياتنا وحياة كل مواطن بأمان إذا أراد التجول على الأراضي اللبنانية، فلا يقتل ومن ثم يعلق وسام على صدر القاتل؟» وأضاف «هناك أناس لهم سلطة فوق سلطة الجيش والقضاء ومجلس النواب ومجلس الوزراء ورئيس الجمهورية».

واستغربت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» قرار إطلاق سراح المقدم. ووضعت هذه المسألة في يد القضاء اللبناني. وتمنت أن «يبقى القضاء منزها عن التأثيرات السياسية».

واعتبر عميد حزب «الكتلة الوطنية» كارلوس إده أن قرار إطلاق المتهم بقتل الضابط سامر حنا يشكل «إهانة كبرى». وقال «اللافت أن إطلاق سراحه جاء بعد أسبوع من نهاية الانتخابات النيابية لكي لا يؤثر سلبا على نتائج حزب الله وحلفائه. إن هذا الوضع يبين أن حزب الله له سلطة القتل وهو فوق القانون والمساءلة. إن أي لبناني يتعرض للأذى من قبل حزب الله أو حلفائه سوف لن ينعم بعد الآن بالعدالة الأرضية لأن الحزب سوف يعطي الضمانة والحماية والحصانة للمعتدي. وهذا ما يؤكد ما كنا نشير إليه سابقا من أن هذا الحزب أصبح مثل الحرس الثوري الإيراني يَمُس ولا يُمَس، وهو فوق جميع السلطات».