الصومال: مقتل وزير الأمن ومسؤولين آخرين في هجوم انتحاري

وزير الخارجية الصومالي لـ«الشرق الأوسط»: التفجير الانتحاري يدل على انتقال خبرات «القاعدة» إلى بلادنا

أحد عناصر شباب المجاهدين في نقطة تفتيش كما بدا من خلال ثغرة في جدار (أ.ب)
TT

لقي العقيد عمر حاشي آدم وزير الأمن الوطني في الحكومة الانتقالية مصرعه في هجوم انتحاري وقع صباح أمس في مدينة بلد وين (350 كم شمال مقديشو) عاصمة إقليم هيران بوسط الصومال، ونفذ هذا الهجوم التفجيري انتحاري قاد سيارة مفخخة مليئة بالمتفجرات اقتحم بها فندقا كان يسكنه الوزير حاشي، وإلي جانب اغتيال الوزير حاشي أدي هذا الهجوم الانتحاري إلي عدد من القتلى والجرحى، من بينهم مسؤولون حكوميون وآخرون من المحاكم الإسلامية التي تسيطر علي المدينة.

وقتل ما لا يقل عن 20 شخصا، وأصيب نحو 50 آخرين من بينهم مسؤولون حكوميون، ومن بين القتلى السفير عبد الكريم فارح لقانيو سفير الصومال لدى الاتحاد الأفريقي سابقا وسفير الصومال لدى جنوب أفريقيا حاليا. كما قتل المسؤول الأمني للمحاكم الإسلامية في إقليم هيران. وأعلنت حركة «شباب المجاهدين»، إحدى أبرز الفصائل المعارضة للحكومة الصومالية، مسؤوليتها عن هذا الهجوم، وفي مؤتمر صحافي عقده المتحدث باسم الحركة الشيخ محمود علي راغي، أكد أن «أحد مقاتلي الحركة نفذ هذا الهجوم انتقاما لزملائه الذين قتلوا في الصومال»، وتوعد الشيخ راغي باستهداف قيادات أخري من الحكومة وتصعيد الهجمات الانتحارية ضدها.

وفي أول تعليق له، اتهم الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد تنظيم القاعدة بأنه يقف وراء مقتل وزير الأمن في حكومته، وفي مؤتمر صحافي عقده الرئيس شريف في القصر الرئاسي، قال إن تنظيم القاعدة الذي استباح الصومال يقف وراء هذه الهجمات الانتحارية التي تمثل ظاهرة جديدة في البلاد، وأضاف الرئيس الصومال أن «الصومال يتعرض لغزو من تنظيم القاعدة الذي يعتبر الصومال منطقة استراتيجية لانطلاق هجماته ضد أهداف في المنطقة ككل». ودعا الرئيس الصومالي إلي مواجهة ما وصفه بالخطر المتزايد التي يمثله تنظيم القاعدة في الصومال. ويعتبر مقتل وزير الأمن صفعة أخرى على وجه الحكومة الصومالية خلال يومين بعد مقتل قائد جهاز الشرطة في مقديشو يوم أمس في اشتباكات بجنوب العاصمة. وكان الوزير حاشي يشرف على العمليات العسكرية الحكومية في الأقاليم الوسطى التي كانت تهدف إلي بسط سيطرة الحكومة علي الأقاليم خارج العاصمة. وكان هجوم انتحاري مماثل قد استهدف قاعدة عسكرية تابعة للقوات الحكومية في جنوب العاصمة وأدى إلي مقتل 8 أشخاص من بينهم 6 من عناصر الشرطة الصومالية. وفي تطور آخر، دعا رئيس الوزراء الصومالي عمر عبد الرشيد علي شرماركي، إلي تكثيف الجهود لمنع تدفق المقاتلين الأجانب إلي الصومال، وقال: «ليس لدينا الآن عدد محدد، لكن في مقديشو وحدها يوجد ما لا يقل عن 500 مقاتل أجنبي»، مشيرا إلى أن «هذا خطر كبير على المنطقة بأكملها».

وذكر رئيس الوزراء الصومالي أنه يعتقد أن بعض مسؤولي تنظيم القاعدة تسللوا إلي الصومال وهم يريدون إقامة وجود دائم لهم في البلاد، وأضاف: «إذا نجح هؤلاء الأجانب في السيطرة على الصومال فسيثيرون الفوضى، ليس فقط في الصومال، وإنما في القرن الأفريقي بأكمله». وجاءت تصريحات شرماركي في الوقت الذي تكافح فيه القوات الحكومية من أجل صد هجمات المقاتلين الإسلاميين على العاصمة مقديشو. على الصعيد الميداني، تستمر الاشتباكات بين القوات الحكومية ومقاتلي تنظيم الشباب في الأحياء الشمالية للعاصمة لليوم الثاني علي التوالي، بينما تشهد المناطق الجنوبية للعاصمة، التي شهدت القتال العنيف أمس، هدوءا حذرا على الرغم من أن القوات المتقاتلة تتمركز في مناطق القتال وبمسافات متقاربة، ويسمع دوي المدافع الثقيلة وصوت الرصاص بشكل متقطع في بعض أحياء العاصمة، وشهدت الأحياء الشمالية من العاصمة ليلة من القصف المدفعي المتواصل الذي راح ضحيته نحو 30 قتيلا وأصيب فيه أكثر من 100 شخص في معارك وصفت بأنها الأعنف منذ أشهر. هذا وتصاعدت الخسائر البشرية التي خلفتها اشتباكات العاصمة بين القوات الحكومية والمقاتلين الإسلاميين على مدى اليومين الماضين، وتجاوز عدد القتلى 35 شخصا، بينما وصل عدد الجرحى إلى نحو 200 معظمهم من المدنيين، ومن بين القتلى 11 شخصا كانوا داخل أحد الجوامع في حي «كاران» بشمال العاصمة سقطت عليهم إحدى قذائف المورتر لدى مغادرتهم المسجد بعد صلاة العشاء. وبلغ عدد النازحين في الاشتباكات الأخيرة في مقديشو 122 ألف شخص حسب أرقام المنظمات الإنسانية. من جهة خرى تبنت حركة المجاهدين الهجوم الانتحاري. وقال قيادي مسؤول بالحركة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مكان غير معلوم داخل الصومال: «نفذنا هذه العملية وسنكشف تفاصيلها في بيان سيصدر لاحقا»، متعهدا بالاستمرار في مهاجمة من وصفهم بـ«العملاء والخونة الذين باعوا أنفسهم وبلدهم للأجنبي» على حد تعبيره.

ويعد هذا الهجوم هو الثاني الذي تنفذه الحركة لليوم الثاني على التوالي، بعدما تبنت أول من أمس عملية اغتيال القائد الأعلى للشرطة بإقليم بنادير، العقيد سعيد علي حسن، إضافة إلى اثني عشر شرطيا.

من جهته، اعتبر محمد عمر عبد الله، وزير الخارجية الصومالي، الحادث الانتحاري بمثابة دليل قاطع على أن المتمردين الإسلاميين في الداخل قد استعانوا بخبرات أجنبية في القتال ضد الحكومة. وقال عبد الله لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي، «هذا دليل على أن التكنولوجيا والخبرة الأجنبية لـ«القاعدة» موجودة في الصومال، وأنها تعمل حاليا في الداخل العمليات نفسها، التي تحدث في أفغانستان وباكستان والعراق تتكرر لدينا». وقال: «إنهم (المتمردين) يتبعون التكتيك نفسه الذي اتبع لاغتيال بي نظير بوتو، رئيسة وزراء باكستان السابقة، وهو الدليل على أن المأساة هي عينها التي يسعون لمعاودتها في بلدنا». وأضاف «سنسحق هؤلاء والشعب الصومالي سيهزم هذه الممارسات، هذا عمل جان غير مسؤول ضد الإسلام والإنسانية. ولفت إلى أن الحكومة الصومالية ما زال لديها ما وصفه باليد الطولى على المعارضين، قائلا إنهم لا يحاربون كجيش أو كجماعات بل بالطريقة الانتحارية.

ومع أن وزير الخارجية الصومالي نفى توافر معلومات لدى حكومته حول مدى تورط إريتريا في هذا الهجوم، إلا أنه جدد اتهاماته لنظام حكم الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، بدعم المتمردين الإسلاميين. وقال «إريتريا تدعمهم وتؤيدهم، وتقدم أسلحة ومعدات وذخيرة، هؤلاء الناس يريدون تدمير الصومال، كما فعلوا في بلدان أخرى، وليس هناك من سبب لدعم إريتريا لهؤلاء». وأضاف: «ليست لدينا معلومات عن تورط أسمرة في الهجوم الانتحاري الأخير، لكنها متورطة مع أناس يسعون للإطاحة بالحكومة».