متظاهرة إيرانية: لم أعد خائفة الآن.. معي الملايين ولسنا أقلية

هتافات الاحتجاج تنطلق من فوق أسطح منازل طهران ليلا

تظاهرة مؤيدة لموسوي حدادا على أرواح الذين قتلوا في التظاهرات الأخيرة أمس (إ.ب.أ)
TT

في كل ليلة في الساعة التاسعة، تصعد غولالي إلى سطح منزلها المكون من خمسة أدوار في شمال طهران، حيث ترى منظرا للمدينة كلها. وتقول عن تلك المواعيد الليلية: «إنه مثل الموعد الغرامي»، لأن أصوات متظاهري المعارضة تبدأ في المناداة من فوق أسطح المنازل في جميع الاتجاهات. وغالبا ما يبدأ بها رجل واحد. ويصيح: «الله أكبر» فجيب عليه المئات.

وتظل هذه الصيحات دون تحديد للوجوه. ويظل الناس مختبئين في الظلام حتى لا تتعقبهم الشرطة. وروت غولالي في حوار عبر الهاتف يوم الأربعاء: «ولكن يمكننا أن نميز بينها (الأصوات)؛ فهناك الرجال والنساء وحتى الأطفال» الذين يهتفون حتى الساعة العاشرة مساء. وقد رفضت نشر اسمها الأخير حماية لها. ويعد التظاهر بعيدا عن الشوارع وتحت غطاء الليل إحدى الطرق لتجنب عنف الشرطة مع «التنفيس عن طاقتنا معا»، كما تقول غولالي، وهي مترجمة كتب تبلغ من العمر 31 عاما، وتدرس الأدب الإنجليزي في جامعة الزهراء في طهران. وتساعد غولالي على كتابة وتجميع التوقيعات من أجل البيانات الطلابية التي تصدر في الجامعة تأييدا لزهراء رهنورد، مديرة الكلية السابقة وزوجة زعيم المعارضة والمرشح الرئاسي مير حسين موسوي. وفي مقابلة معها أثناء زيارتها إلى باريس في شهر مايو (أيار)، قالت غولالي إنها لا تفضل الخوض في السياسة. وكانت تعرف سيدات يقمن باستفزاز شرطة «الأخلاق» التابعة للنظام بوضع مساحيق تجميل غريبة، ويطلين أظافرهن بألوان لامعة، أو يرتدين حجاب رأس يكشف عن بعض شعورهن، وكلها أفعال قد تؤدي بدخول سيدة إلى السجن.

ولكن ليس ذلك مع غولالي، فهي تغطي شعرها القصير جيدا، ولا تضع مساحيق تجميل مبالغ فيها على عينيها الواسعتين. وعلى الرغم من المعاناة في ظل قوانين النظام السلوكية الصارمة وحظر نشر الكتب التي أمضت شهورا تترجمها إلى الفارسية لأن سطرا منها لم يحظ بقبول الدولة، إلا أنها قالت إنها تفضل ألا تشترك في حركة نشطة مخاطرة. وقالت في مايو (أيار): «أترك تلك المظاهرات للآخرين».

وقد تغيرت معظم تلك الآراء منذ انتخابات الأسبوع الماضي، التي أعلن فيها فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد على موسوي على الرغم من اتهامات بتزوير الانتخابات.

وتقول غولالي، التي تتحدث الإنجليزية وتعترف بأنها منذ عدة أسابيع فقط لم تكن مطلقا لتجري حوارا مثل هذا عبر الهاتف، خوفا من أن تسمعها السلطات: «لم أعد خائفة الآن». وقالت: «عندما كنت في ميدان آزادي (الحرية)، تأكدت من أنني لست وحدي. ورأيت ملايين الملايين من الأشخاص معي. وقبل ذلك كنت أعتقد أننا لن نزيد على 100 ألف، وأننا أقلية. ولكن حاليا، عندما أسمع ذلك في الأهواز وتبريز وشيراز، وفي مدن كبرى في إيران يتظاهر فيها العامة، وعندما ترى ذلك، وما يقولون عنها إنها ثورة الإنترنت، عندما أرى أصدقائي الذين يفكرون بالطريقة ذاتها، أفكر: حسنا، لن أدعهم بمفردهم أيضا. وحاليا نحن متأكدون من أننا لسنا أقلية. بل هم». وأضافت: «أعتقد أن هذه هي آخر أيام النظام، لأن معظم المتدينين، معظم مؤيدي النظام، أصبحوا أعداء له. لقد تغيروا». واختتمت حديثها: «نحن نتطلع إلى موسوي في الخطوة التالية».

* خدمة «نيويورك تايمز»