تلاسن بين البرادعي ومندوب إسرائيل في اجتماع محافظي الوكالة الذرية

في نقاش حول ملف سورية

TT

في حادثة تعد الأولى من نوعها، اضطر الدكتور محمد البرادعي، لطلب إذن بالحديث للرد بنبرة حادة وصارمة على مندوب إسرائيل للوكالة، داخل اجتماع مجلس المحافظين ظهر أمس. واصفا إفادة تقدم بها المندوب الإسرائيلي أمام مجلس المحافظين تحت بند سورية بأنها تشويه بين للحقائق. مستنكرا أن تنتقد إسرائيل طريقة إدارته للوكالة متهمة إياه بعدم الحياد، بينما إسرائيل نفسها خارج نظام منع الانتشار ولا تمتثل به، وبالتالي ليس لديها حق انتقاده. ولفت النظر أن إسرائيل خرقت القانون الدولي بهجومها على المفاعل السوري بمنطقة الكبار 2007 وبحجبها على الوكالة المعلومات التي تدعي بامتلاكها. مؤكدا أن إسرائيل كان لا بد أن تترك الأمر للوكالة كجهة اختصاص للوقوف والتحقق من حقيقة نوع النشاط السوري بالمفاعل، وأن تكتفي فقط بتقديم المسببات لا هدم المفاعل متعدية بذلك على أراضي دولة عضو بالأمم المتحدة.

وتصاعد التوتر متحولا إلى مشادة في اجتماع لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عندما اتهم مبعوث إسرائيل البرادعي بالتقدم بمطالب لا لزوم لها والتحيز من خلال مطالبته إسرائيل بشكل متكرر بتقديم مزيد من الأدلة.

وكان البرادعي كان قد طالب سورية من قبل بضرورة التعاون مع الوكالة لمعرفة طبيعة النشاط الذي كانت تقوم به قبل الهجوم الإسرائيلي. كما كان قد وجه تأنيبا لكل من إسرائيل لهجومها على المفاعل ما أخفى الحقائق وجعل مهمة الوكالة مستحيلة، كما هاجم الولايات المتحدة لعدم تقديمها للوكالة أي معلومات رغم ادعائها أنها كانت على علم بنشاط نووي سوري بالمفاعل، فيما تنكر علمها بخطط إسرائيل لضرب المفاعل. من جهة أخرى كرر البرادعي في رده على المندوب الإسرائيلي أنه سيظل يطالب إسرائيل بتقديم ما لديها من معلومات حتى تتقدم بها. وكان سفير إسرائيل ميخائيل، مندوب إسرائيل لدى الوكالة الدولية قد تحدث أمام مجلس المحافظين، الذي اختتم جلساته بمقر الوكالة يوم أمس، مطالبا البرادعي بالكف عن انتقاد إسرائيل، وعدم تكرار مطالبته إياها بتقديم معلومات. متهما البرادعي بالانحياز فيما يخص الملف النووي السوري. مطالبا إياه بالحياد وعدم الانحياز. وكان البرادعي كما علمت «الشرق الأوسط» قد أشار في حديثه أمام المجتمعين، أنهم في الوكالة يعملون في منظمة قانونية تحترم وتعمل وفقا للقانون الدولي، وليس على نمط اختياري وتمييز، بل عبر مجلس أمناء «بورد» مبينا أن إسرائيل عندما قررت تحطيم المنشأة السورية ادعت أنها موقع نووي، دون أن تخطر الوكالة أو تمنحها فرصة للتحقق من الأمر وبالعودة للقانون الدولي ولدستور الوكالة فإن تصرف إسرائيل ذاك جعل من المستحيل على الوكالة أن تتأكد من الحقائق، وأن تعمل بموجبها. واصفا التصرف الإسرائيلي بأنه تجاوز حقيقي للقانون الدولي. مستطردا بتذكير المجتمعين بما قامت به إسرائيل 1981 عندما شنت هجوما على العراق، وكيف كانت ردود فعل إسرائيل تجاه قرارات مجلس الأمن الذي أدان إسرائيل ملزما إياها بإخضاع منشآتها النووية تحت تصرف الوكالة. في إشارة أن إسرائيل لم تلتزم بذلك القرار ولا تزال تتجاهل القرارات الدولية. ووصف البرادعي في خروج على تحفظه الدبلوماسي المعتاد في العلن، موقف ميخائيلي بأنه مشوه تماما، وامتناع إسرائيل عن الإفصاح عن تفاصيل بخصوص ما كانت تعرفه عن سورية بأنه يكاد يكون إهانة لعملية التحقيق التي نقوم بها. وأضاف لقد ذكرت يا سيدي أنه ينبغي لنا أن نندد بسورية وندينها. لكن إسرائيل بعد ما قامت به تستحق التنديد لأنها لم تسمح لنا بالقيام بما يفترض أن نفعله بموجب القانون الدولي.

ومضى البرادعي مطالبا إسرائيل بتنشيط ذاكرتها لاسترجاع الحقائق، فيما لفت انتباه الحضور لما طالب به المندوب الإسرائيلي، الذي تحدث مطالبا بإدانة سورية. منبها إياه أن الوكالة تعمل ما في وسعها للتحقق والتحري وفقا للحقائق، ومن ضمن تلك الحقائق أن إسرائيل تسببت في إعاقة عمل الوكالة. ليس ذلك فحسب بل إن السفير الإسرائيلي يدعي أن الوكالة لا تستخدم كل الوسائل للوصول للحقيقة «إنه يتحدث عن أمر ليس هو عضو فيه». وذلك في إشارة لعدم انضمام إسرائيل لاتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية. منبها إياه بأن إسرائيل لا يمكن أن تجلس بعيدا على طرف سياج لاستغلال نظام هي ليست من أعضائه، ولا ينطبق عليها. مؤكدا أن الوكالة تستخدم كل الوسائل الممكنة والمتاحة لديها. مشيرا للعاملين بالوكالة وبما يقومون به من مهام وواجبات والتزامات. منبها المندوب الإسرائيلي ألا يتدخل في محاولة لتوجيههم كيف يؤدون مهامهم.

من جانب أخر، مضى البرادعي مؤكدا أنه يشير لإسرائيل، وسيظل يشير إليها طالما هي التي هاجمت المنشأة مضيفا «أما إن أنكرت إسرائيل فحينها فقط سيعتبر أن التدمير تم بأمر إلهي، عندها فقط سيتوقف عن الإشارة لإسرائيل» في سياق آخر، أشار البرادعي أن إسرائيل أجابته في سطر واحد فقط عندما سألها، إن كانت قد استخدمت يورانيوم depleated مشيرة أنها ليست مصدره. واصفا تلك الإجابة بأنها مسيئة للمفتشين الدوليين. مشددا أنه سيواصل مطالبته للحكومة الإسرائيلية لموافاته بتقرير يوضح تماما أي نوع من المتفجرات استخدمت. مختتما أنه استقبل ويستقبل المسؤولين الإسرائيليين بما فيهم سفير إسرائيل كمندوب لبلاده، كما يلتقي التقنيين من الوكالة بالتقنيين من جانبهم. كاشفا أن مسؤولين إسرائيليين تقدموا له بخطابات تحمل انتقادات، واصفا إياها بالفارغة ما جعله أمام خيارين، إما أن يعرضها على مجلس أمناء الوكالة فتشغله دون سبب، أو أن يرميها في صندوق القمامة، وذلك ما فعله بالضبط.