تعليق مفاوضات الدوحة حول دارفور.. والخرطوم و«العدل والمساواة» تتبادلان اتهامات

رئيس وفد الحكومة لـ«الشرق الأوسط»: مطالبهم «عبثية» * متمرد: يريدون وقف النار قبل حل القضية

TT

تم تعليق محادثات السلام بين الحكومة السودانية وجماعة تمرد في إقليم دارفور، بالعاصمة القطرية الدوحة أمس، دون التوصل لاتفاق.. وتبادل الجانبان الاتهام بالمسؤولية عن الطريق المسدود. وسينظر إلى ذلك على أنه انتكاسة للولايات المتحدة ووسطاء من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، الذين يكثفون الضغوط للتوصل إلى حل لصراع اندلع قبل ست سنوات في المنطقة النائية غرب السودان.

وقال رئيس وفد الحكومة لمفاوضات الدوحة، بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة المسلحة، في إقليم دارفور، لتحقيق السلام في الإقليم المضطرب لـ«الشرق الأوسط»، علقت لأنها أصبحت «غير منتجة». وشن هجوما عنيفا على حركة العدل والمساواة، حملها مسؤولية تعليق المفاوضات، وقال إنها تقدم مطالبها بصورة «عبثية»، وأبدى المسؤول الحكومي استعداد حكومته للتفاوض مع الحركات المسلحة الأخرى، إلى حين استعداد حركة العدل المساواة للتفاوض حول القضايا «الكبرى» بدلا عن التمسك بالقضايا «الصغرى». واتهمت الحركة، من جانبها، الحكومة بعدم الجدية «لأنها تسعى للحصول على وثيقة وقف إطلاق النار، دون الانتقال إلى مرحلة حل قضية دارفور، لأنها لا تمثل أولوية لها». وسيعود الوفد الحكومي للخرطوم اليوم.

وكانت الوساطة المشتركة لمفاوضات سلام دارفور المنعقدة بالدوحة، أعلنت تعليق المفاوضات وعودة طرفي التفاوض الممثلين في الحكومة وحركة العدل والمساواة للدوحة، خلال فترة شهرين كحد أقصى من تاريخ البيان، للاستمرار في المحادثات، وصولا لاتفاق نهائي يفضي بسلام شامل في إقليم دارفور. وقالت إن التعليق جاء بناء على طلب الطرفين. وكانت الجولة التي علقت بدأت 27 من مايو (أيار) الماضي، بوفدين لاحظ المراقبون بأنهما بمستوى أقل من وفدي الطرفين في الجولة. وشن الدكتور أمين حسن عمر، هجوما عنيفا على حركة العدل والمساواة، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن المفاوضات جرى تعليقها لأنها أصبحت غير منتجة، ووصف عمر المفاوضات بأنها قد وصلت إلى طريق مسدود، وقال إن الحركة أصبحت تتمسك وتنشغل في الدوحة بالقضايا الصغرى بدلا عن انشغالها بالقضايا الكبرى. وتطالب العدل والمساواة بإلحاح بضرورة الإفراج عن عدد من أسراها لدى الحكومة، كخطوة مهمة لتنفيذ اتفاق «حسن النوايا» بين الطرفين، الذي جرى توقيعه في جولة أولى للمفاوضات بينهما في فبراير الماضي في الدوحة، غير أن الحكومة ترى أن هذه الخطوة سابقة لأوانها، ويجب أن تتم بعد انطلاق المفاوضات بشأن ملفات قضية دارفور المطروحة بينهما، وتقترح الحكومة على الحركة إعلان وقف إطلاق النار، ليكون مقابلها الإفراج عن دفعة من الأسرى.

وقال عمر، «إن تمسك حركة العدل والمساواة بمطلب الإفراج عن الأسرى مقابل لا شيء، يفسر عدم قدرة الحركة على ترتيب الأولويات في القضايا المطروحة، وأضاف أنهم لا يحسنون ترتيبها بما يساعد على تقدم المفاوضات»، وحسب عمر، فإن حركة العدل والمساواة «أصبحت في الدوحة لا تطرح شيئا سوى قضية الأسرى». وقال: «صاروا ليس لديهم أي شيء آخر سواها». وشدد أن حكومته يستحيل أن تستجيب لمطلبهم بالإفراج عن الأسرى دون أن تقدم الحركة شيئا ملموسا، حسب تعبيره. وكشف عمر، أن الحكومة أبدت استعداها للإفراج عن دفعة من المعتقلين، الذين لم يقدموا للمحاكمة في حال إعلان الحركة لوفق إطلاق النار في دارفور «أما خلاف ذلك يستحيل أن نوافق على مطلب الإفراج عن الأسرى»، وقال إن هذا المطلب يلقى من قبل الحركة بصورة مهينة لأي شخص عاقل، ناهيك عن شخص يجلس على طاولة للتفاوض حول قضايا يراد حلها بين طرفين، وسخر قائلا: «يتحدثون عن إفراج الأسرى وفي كل يوم ينفذون الهجوم ضدنا.. أليس هذا عبثا وإهانة لأي إنسان».

وطبقا لرئيس وفد الحكومة لمفاوضات الدوحة، فإن الوسطاء في الدوحة يتفهمون وجهة نظر الحكومة حيال مطلب العدل والمساواة، وقال «بل حتى مندوبي الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي، حين اجتمعوا في الدوحة مؤخرا كانوا مقتنعين بعدم وجاهة مطلب العدل والمساواة في الوقت الراهن من المفاوضات»، وأضاف «كلهم يقولون إن هذا غير منطقي». من جانبه، كشف أحمد تقد، رئيس وفد حركة العدل والمساواة في مفاوضات الدوحة المعلقة، أن الحركة لا ترفض تقديم مشروع اتفاق إطاري. وقد أبدت كامل استعداها لإعداده وهو جاهز للتسليم الآن، وتم إخطار الوساطة بأن وفد الحركة جاهز لمناقشة المشروع الخاص به، لكنه يرى أنه قبل مناقشة المشروع لا بد من مراجعة ما تم تنفيذه بشكل عملي، بما يتعلق باتفاق حسن النوايا. وقال تقد، إن الوقت المناسب لم يأت لتقديم المشروع الخاص بالحركة، وأضاف: «نحن متفقون على خطة عمل متكاملة حسب خطوات، تتمثل المرحلة الأولى الدخول في اتفاق حسن النوايا والتوقيع عليه باعتبار أنه رسم الطريق ووضع بنودا محددة لا بد من إتباعها للوصول لسلام، وبالتالي فإن حركة العدل والمساواة متمسكة بالترتيب الوارد في الاتفاق، ومن هنا فإن أي مشروع آخر خارج هذا الترتيب يعتبر انحرافا عن المسار المتفق عليه.

ولفت تقد، الانتباه إلي أن المرحلة الأولى تركز على بناء الثقة، التي يتم تأسيسها بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ومن ثم الانتقال إلي المرحلة الثانية المتمثلة في مرحلة مشروع الاتفاق السياسي الإطاري، تليها مرحلة وقف العدائيات، ومن ثم الدخول في مرحلة مناقشة القضايا التفصيلية، حسب ما ورد في اتفاق حسن النوايا في 17 فبراير الماضي.

وأكد تقد، تمسك الحركة بالاتفاق وبالمراحل الواردة فيه، ومن هنا يرى أنه لا حكمة من القفز فوق المراحل، ويقول الاتجاه الغالب لدى الحكومة، إنها حريصة للوصول لوقف إطلاق النار، وتعتبر الحركة أن هذه مرحلة متقدمة تسبقها مرحلة الاتفاق السياسي الإطاري، التي تسبقها أيضا البنود الخاصة بمسألة تعزيز الثقة بين الطرفين. وقال إن الحكومة لم تلتزم بالجزء الأساسي في اتفاق حسن النوايا، الذي بموجبه سيتمكن المتفاوضون من الدخول في مرحلة جديدة لمناقشة الاتفاق السياسي الإطاري.

وفي رده حول حرص الحكومة لوقف إطلاق النار، قال تقد، إن العقد شريعة المتعاقدين، والحركة دخلت في عقد مع الحكومة السودانية، وبموجب هذا العقد مضت الحركة في تنفيذ شروطه وبنوده بشكل متسلسل، وأضاف: «أن وقف إطلاق النار مسألة مهمة، كما أن حسم القضية بشكل نهائي يعتبر أيضا مسألة مهمة، لكن هذه القضايا لا تتم بين يوم وليلة، خاصة في ظل الصراع الكبير في دارفور، ومن المهم أن يبدأ الناس بداية صحيحة لكي لا تظهر أي أجندة خارجية تعكر صفو استمرارية عملية التفاوض».

وحسب تقد، فإن حركته تدرك أن «هم الحكومة الأساسي الحصول على وثيقة لوقف إطلاق النار، ومن ثم التفرغ لقضايا السودان الأخرى كالانتخابات والتحول الديمقراطي والاستفتاء مع الحركة الشعبية وغيرها من الهموم». وقال تقد، إن قضية دارفور بالنسبة للحكومة الآن ليست ذات أولوية قصوى، وبالتالي ترغب في تجميد القضية في دارفور بالتوقيع على وقف إطلاق النار، دون مخاطبة جذور المشكلة وحل القضية، لذلك فإن الحركة تؤكد عدم جدية الحكومة في اتجاه تحقيق السلام.