الصومال: اغتيال نائب برلماني برصاص مسلحين في مقديشو

في عملية هي الثالثة من نوعها لمسؤول خلال 3 أيام

مسعفون يساعدون صوماليا خارج مستشفى المدينة في العاصمة مقديشو أصيب أمس في الاشتباكات بين القوات الحكومية وقوات الميليشيات (رويترز)
TT

لقي نائب صومالي مصرعه أمس برصاص مسلحين في مقديشو، في عملية اغتيال هي الثالثة تستهدف شخصيات سياسية صومالية هذا الأسبوع، بحسب ما أفاد أحد الوزراء. وقال مساعد وزير النقل محمد دير «تلقينا تأكيدا باغتيال محمد حسين ادو الذي قتل بالرصاص». وأضاف «انه هجوم إرهابي جديد خلال بضعة أيام». وأكد المسؤول في الشرطة العقيد بحر محمد اغتيال النائب، وقال إن «البرلماني قتل بالرصاص من جانب مسلحين ونحن نجري تحقيقا». والنائب الذي تعرض للاغتيال هو ثالث مسؤول صومالي يقتل في ثلاثة أيام، وذلك بعد اغتيال قائد شرطة مقديشو ومنطقتها الأربعاء ومقتل وزير الأمن الداخلي في هجوم انتحاري الخميس في مدينة بلدوين (300 كلم شمال مقديشو). إلى ذلك كشفت مصادر صومالية وكينية النقاب لـ«الشرق الأوسط» عن اتجاه إسرائيل للمرة الأولى إلى التدخل في المحاولات الجارية لمكافحة القرصنة التي يتزايد خطرها منذ سنوات من قبل مسلحين في منطقة المحيط الهندي وخليج عدن وقبالة السواحل الصومالية.

وقالت المصادر التي طلبت عدم تعريفها، إن الحكومة الإسرائيلية تجري اتصالات مع القوات الدولية المنتشرة قبالة السواحل الصومالية، تمهيدا لتدشين قاعدة إنقاذ وطوارئ عاجلة، مشيرة إلى أن مسؤولين في تل أبيب التقوا لهذا لغرض مسؤولين من الحكومة الكينية مؤخرا. وكان وزير المواصلات الإسرائيلي، إسرائيل كاتز، أعلن الأسبوع الماضي عن قيام الدولة العبرية بتدشين قاعدة لخدمات الإنقاذ والطوارئ على مقربة من الحدود الإقليمية للمياه الصومالية بتكلفة وصلت قيمتها إلى أربعة ملايين دولار أميركي. لكن المسؤول الإسرائيلي لم يكشف مكان هذه القاعدة أو كيفية عملها كما لم يوضح عدد القطع الحربية والبحرية الإسرائيلية المشاركة في أنشطة هذه القاعدة.

وقال دبلوماسيون عرب إن إسرائيل تسعى لاستغلال الفوضى الحاصلة في الصومال للحصول على موطئ قدم في هذه المنطقة الحيوية والمؤثرة في حركة التجارة الدولية بدعوى مكافحة أنشطة القراصنة الصوماليين.

وبينما لا يتصور هؤلاء إمكانية قيام سفينة إنقاذ إسرائيلية بعملية مساعدة لنجدة أي سفينة عربية قد تتعرض للاختطاف أو محاولات لقرصنة قبالة سواحل الصومال فإن مصادر ملاحية كينية قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إنها لا تستبعد أن يكون هدف التواجد الإسرائيلي بالقرب من المياه الإقليمية للصومال، هو إظهار قدراتها وعرض خدماتها على الشركات التي تمتلك خطوط تسيير سفن شحن تجارية في المنطقة.

ولفتت إلى أن دخول إسرائيل على خط مكافحة القرصنة قد يكون أيضا بمثابة محاولة غير مباشرة للرد على التقارير التي ألمحت إلى تورط جهات إسرائيلية في توفير المعلومات للقراصنة الصوماليين حول نشاطات السفن الأجنبية في الإقليم. لكن مسؤولا في الحكومة الانتقالية الصومالية قال لـ«الشرق الأوسط» إن حكومته ليس لديها علم على الإطلاق بموضوع القاعدة الإسرائيلية، وأكد أن حكومته لن تسمح بها مطلقا.

وأضاف المسؤول الصومالي الذي طلب عدم تعريفه في اتصال هاتفي من العاصمة الصومالية مقديشو، إذا كان الإسرائيليون يسعون للتواجد في مياهنا، فهذا أمر مرفوض، ونعتبره محاولة للتطبيع عبر استغلال أزمة دولية وإقليمية استفحل خطرها مؤخرا. وتقول الحكومة الصومالية إنها لا تملك الإمكانيات اللازمة من الناحية المالية والعسكرية لكبح جماح القراصنة الذين وسعوا أخيرا حجم دائرة عملهم التقليدي في خطف السفن والاستيلاء عليها بالقوة قبالة السواحل المترامية الأطراف للصومال. إلى ذلك أعلن ريكاردو أموروزو قاضي التحقيق الأولي في روما، أن القراصنة الصوماليين التسعة المحتجزين على متن السفينة الحربية الإيطالية «مايسترالي» ستتم محاكمتهم في كينيا تنفيذا لمرسوم صادر عن رئاسة الوزراء الإيطالية بهذا المعنى. وكان وزير العدل الإيطالي أنجيلينو ألفانو قد وقع يوم الجمعة الماضي مرسوما يقضي بنقل محاكمة القراصنة التسعة إلى الاختصاص الإقليمي للقضاء الكيني بدلا من الإيطالي، بعدما قبض عليهم الشهر الماضي، بينما كانوا يهمون باختطاف سفينة نقل ترفع علم سانت فنسنت وغرينادين، قبالة ساحل خليج عدن، إلا أن سفينة تابعة لسلاح البحرية الإيطالي (مايسترالي)، تمكنت من إحباط المحاولة واعتقال التسعة.

وكان الصوماليون التسعة قد خضعوا وفقا لما أكدته وكالة أنباء «آكي» الإيطالية لاستجواب عبر الفيديو، حيث من المقرر أن يتم نقلهم عما قريب إلى اليابسة للشروع في الإجراءات التمهيدية للمحاكمة بتهمة اقتراف جملة من الجرائم ولا سيما محاولة الاختطاف لأغراض إرهابية وانتهاك قانون حمل السلاح.

من جهة أخرى، نددت مختلف المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالصومال بعملية اغتيال وزير الأمن الصومالي ومسؤولين آخرين في حادث نفذه أحد الانتحاريين من حركة الشباب المتشددة أمس الأول في مدينة بلدوين بإقليم هيران وسط الصومال. وقال بيان مشترك صدر عن خمس منظمات هي الجامعة العربية والاتحادان الأوروبي والأفريقي ومنظمة دول الإيقاد والأمم المتحدة، إن هذا الهجوم يثبت مجددا أن من وصفهم بـ«المتطرفين» لن يتوقفوا عند أي حد في محاولتهم اليائسة للسيطرة على السلطة بالقوة من الحكومة الشرعية.

وحث البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه الحكومة الصومالية على ألا يمثل هذا الحادث أي إعاقة من قبل مجموعة أقلية صغيرة لمواصلة جهودها من أجل المصالحة والسلام، من خلال عملية جيبوتي التي ترعاها الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن رغبة الصوماليين في الداخل والخارج في تحقيق السلام يجب أن تحترم.

ودعا إلى إجراء تحقيق سريع لتحديد أسماء وهويات كل الانتحاريين المشاركين في عملية الاغتيال هذه.

وتعهدت المنظمات الخمسة الموقعة على البيان باستمرار دعمها للسلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد، وطلبت من المجتمع الدولي الإسراع في الوفاء بتعهداته، وأن يضع دعمه الكامل خلف الحكومة الشرعية والقانونية في الصومال.

ولقي عمر حاشي عدن، وزير الأمن في الحكومة الصومالية، مصرعه عندما كان يعقد اجتماعا مغلقا مع مجموعة من العسكريين والمسؤولين الحكوميين في فندق بمدينة بلدوين بإقليم هيران وسط الصومال، على بعد حوالــي 300 كيلومتر شمال العاصمة الصومالية مقديشو، قبل أن يقود انتحاري من حركة الشبــاب سيــارة مفخخة اصطدمت بالمبنى وأوقعت نحو 15 شخصا مــا بين قتيل وجريح.

وكان الوزير المقتول الذي عمل في السابق كضابط في الجيش الصومالي، ويعتبر من أبرز وزراء الحكومة وأحد الحلفاء المقربين من الشيخ شريف، يخطط قبل اغتياله لإعادة ترتيب وضع القوات الحكومية في أقاليم وسط وجنوب الصومال لمهاجمة قواعد المتمردين الإسلاميين المناوئين للحكومة في محاولة لتخفيف الضغط الذي تتعرض له السلطة الانتقالية في العاصمة مقديشو.

وكشف تقرير عربي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه ويتضمن تقييم الوضع الأمني في الصومال، أن الحكومة الانتقالية لديها مشكلة حقيقية في ظل تراجع أداء الجيش الموالى لها في مواجهة المتمردين الذين يشكلون خليطا من حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي.

واعتبر التقرير أن «الوضع مفتوح لأي شيء يمكن حدوثه، فلا أحد لديه من الجانبين (الحكومة والمعارضة) ما سيردعه عن فعل ما يريده.. الباب مفتوح على مصراعيه لجميع الاحتمالات». وحذر التقرير من أن «هذا الوضع سيستمر ما لم يتم تقوية الحكومة بحيث تكون أقوى من المعارضة وليست متعادلة معها في القوة، مؤكدا أن «المعارضة في المقابل لن تستطيع فرض كلمتها في ظل قوات حفظ السلام الأفريقية». ودعا التقرير إلى البدء في تمويل إعادة هيكلة وتدريب قوات الحكومة سواء العسكرية أو الأمنية، ومساعدة حكومة الشيخ شريف على بسط هيمنتها على مختلف أنحاء البلاد.