الدعاية الانتخابية تسبق موعدها في إقليم كردستان.. وبارزاني يعد بالتحقيق في استخدام الأموال العامة

الحزبان الرئيسيان يطلقان حملة لتحسين الخدمات.. وكتل سياسية تنتقد الفساد

TT

لم يبق على موعد انطلاق حملة الدعاية الانتخابية في إقليم كردستان، سوى أسبوع واحد فقط، لكن حملات الدعاية والدعاية المضادة والمبطنة بين الأطراف الرئيسية المتصارعة والمتنافسة، التي ستخوض المعركة الانتخابية المقبلة قد بدأت فعليا قبل أشهر، إلا أنها اشتدت وتصاعدت بوتيرة حادة منذ مطلع الشهر الحالي، لا سيما بين القائمة الكردستانية التي تضم الحزبين الكرديين الرئيسيين في الإقليم، وهما الاتحاد الوطني بزعامة الرئيس جلال طالباني، والديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، من جهة، وبين منافستهما الرئيسة قائمة التغيير التي يرأسها السياسي المعروف نوشيروان مصطفى، من جهة أخرى. فالحزبان الرئيسيان اللذان يتقاسمان الحكومة والبرلمان والواردات ،أطلقا عبر المؤسسات الخدمية في الحكومة، ومنذ أكثر من شهرين تقريبا، حملة شاملة وواسعة النطاق؛ لتبليط الشوارع والطرقات وإقامة الحدائق وتطوير شبكات المياه النقية ومجاري الصرف الصحي، وعززا عبر مسؤوليهم الحزبيين والحكوميين من مستوى تقديم المساعدات والمعونات المالية على المحتاجين و الفقراء، علاوة على القيام بجولات ميدانية في المدن الرئيسية والقرى والقصبات النائية، التي كانت منسية حتى الأمس القريب لتفقد أوضاع ساكنيها والوقوف على مطالبهم وتلبيتها فورا مهما كلفت من مبالغ، في مسعى غير مباشر لاستقطاب رأي الشارع وبالذات الشريحة المعوزة، وامتصاص النقمة والتذمر في الأوساط الشعبية، التي كانت تشعر بالحرمان والتهميش في السنوات السابقة. علاوة على تكريس وسائل إعلام الحزبين المرئية والمقروءة والمسموعة للحديث المتواصل عن انجازات حكومة الإقليم وخدماتها، وما حققته من منجزات في مختلف المجالات خلال السنوات الماضية، والمزيد الذي يمكن أن تحققه فيما لو حظيت بثقة البرلمان المقبل. أما البرامج الحوارية الساخنة عبر القنوات التلفازية والإذاعية وكذلك المقالات الملتهبة على صفحات الجرائد التابعة للحزبين الحاكمين، فإنها لا تخلو من انتقادات لاذعة وغير مباشرة للتيار الإصلاحي الذي يقوده نوشيروان مصطفى، والطعن في مصداقية شعاراته الانتخابية والتشكيك في إمكانية تحقيق ما يعجز عن تحقيقه الحزبان الحاكمان بكل ما لديهما من إمكانات مادية وبشرية وفنية هائلة.

وبالمقابل لا تتوانى وسائل إعلام التيار الإصلاحي والتابعة لمؤسسة «وشه ـ الكلمة» الإعلامية الضخمة، التي يمتلكها مصطفى عن الرد بالمثل ووضع اليد على مكامن الخلل والضعف في السلطة والنظام الحاليين، على نحو غير مباشر غالبا ومباشر أحيانا، وطرح الحلول والبدائل من اجل معالجة ما تؤكد انه حالة من الفساد الإداري والسياسي في الإقليم والتي تتطلب حلولا جذرية وفورية.

وفي احدث تطور على هذا الصعيد اجتمع مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان، يوم الأربعاء الماضي في مقره بمنتجع صلاح الدين بمحافظة اربيل، برؤساء القوائم والكتل السياسية التي ستخوض الانتخابات، بغية الاستماع إلى آرائهم وحثهم على خوض العملية في أجواء هادئة وديمقراطية، لكن عددا من رؤساء وممثلي القوائم والكتل، ابدوا امتعاضهم من «استغلال» الحزبين الرئيسيين تحديدا للأموال العامة في ما وصف بـ«ممارسة الضغوط على الناخبين بأساليب الترغيب والترهيب مثل قطع الأرزاق وشراء الذمم والدعاية المبطنة»، لصالح قائمتهما المشتركة وبمختلف الطرق، ما دعا بارزاني إلى الإيعاز بفتح تحقيق فوري بهذا الصدد.

وقال الدكتور شاهو سعيد، الأستاذ المساعد في كلية العلوم الإنسانية بجامعة السليمانية والناطق الرسمي باسم قائمة التغيير، الذي حضر الاجتماع نيابة عن نوشيروان مصطفى، لقد «أكدنا للرئيس بارزاني بان الكتل والقوائم المشاركة في الانتخابات ينبغي أن تحظى بفرص متساوية في حملات الدعاية الانتخابية وطبيعة المشاركة فيها، كما أوضحنا له الخروقات المرتكبة من قبل البعض في الدوائر والمؤسسات الحكومية، بغرض الكسب الحزبي والدعاية الانتخابية لصالح قائمة تدعمها السلطة الحالية، وطالبنا في قائمة التغيير، ومعنا رؤساء كتل سياسية أخرى، بضرورة وضع حد لحالات ومظاهر استخدام المال العام في شراء الذمم وقطع الأرزاق، وهي مظاهر غير ديمقراطية وغير إنسانية وقد تعهد رئيس الإقليم بفتح تحقيق فوري في المسألة».

يذكر أن الناطق الرسمي باسم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ، ملا بختيار كان قد ذكر في تصريحات صحافية، بان الحزبين الرئيسيين يتقاضيان من الحكومة في الإقليم مبلغ 30 مليون دولار لكل منهما شهريا. وأضاف الدكتور سعيد لـ«الشرق الأوسط»، لقد «طالبنا بارزاني بعدم تمرير مشروع الدستور الدائم للإقليم في الوقت الراهن، وفي ظل البرلمان الحالي، الذي انتهت دورته القانونية، لأن شعب كردستان لم يطلع على تفاصيله إطلاقا، لكن استجابة بارزاني لهذا المطلب لم يكن ايجابيا، وساق جملة مبررات غير مقنعة».