لندن تستدعي سفير إيران احتجاجا على خطاب خامنئي.. وبرلين تعتبره «مخيبا للآمال»

براون: العالم بأسره ينظر لإيران * ساركوزي: على طهران عدم ارتكاب ما لا يمكن إصلاحه * الاتحاد الأوروبي يدعو إلى السماح للإيرانيين بالتظاهر * مجلس النواب الأميركي يتبنى قرارا لدعم الشعب الإيراني

إيرانية من انصار مير حسين موسوي في مظاهرة بإحدى ضواحي طهران أمس (إ. ب. أ)
TT

بمواقف وكلمات شديدة اللهجة عبرت الدول الأوروبية عن قلقها من تطورات الأوضاع في إيران، ودعت السلطات الإيرانية إلى السماح للمتظاهرين بالتظاهر وعدم استخدام القوة ضدهم. وأثارت الكلمة المنتظرة التي ألقاها المرشد الأعلى لإيران آية الله على خامنئي حول الأزمة أمس ردود أفعال قلقة، فقد وصفتها المستشارة الألمانية انجيلا ميركل بأنها «مخيبة للآمال»، فيما قال رئيس الوزراء البريطاني إن «العالم بأسره ينظر لإيران»، بينما حذر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي طهران من «ارتكاب ما لا يمكن إصلاحه» في إشارة ضمنية إلى مخاوف متزايدة في الشارع الإيراني من استخدام القوة لإخماد التظاهرات. ويأتي ذلك فيما استدعت الحكومة البريطانية أمس السفير الإيراني في لندن رسول موحيديان احتجاجا على خطاب خامنئي الذي تضمن هجوما على بريطانيا. وقالت متحدثة باسم الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» إن الخارجية استدعت السفير الإيراني، وأنه سيلتقي مع مارك ليال جرانت المدير السياسي بالوزارة. وكان خامنئي قد هاجم ما وصفه بتدخل قوى أجنبية شككت في نتائج انتخابات الرئاسة الإيرانية التي جرت يوم الجمعة الماضي ووصف فيه البريطانيين بأنهم «أشرار». وقالت المسؤولة في الخارجية البريطانية: «موقفنا المبدئي الواضح هو عدم التدخل.. ويهمنا أن تكون النتيجة معبرة عن رأي الشارع الإيراني». وأوضحت أن لندن «تراقب عن قرب التطورات في إيران». ويأتي ذلك فيما شدد رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون على أن «العالم بأسره ينظر إلى إيران» وليس فقط بريطانيا التي «ستواصل الإدلاء برأيها» في حال المساس بحقوق الإنسان.

وقال براون اثر القمة الأوروبية في بروكسل متناولا الوضع في إيران «اعتقد انه أمر سليم بالنسبة إلينا أن ندافع عن حقوق الإنسان وان نعبر عن رأينا ضد القمع وان ندين العنف ومنع وسيلة إعلام حرة من القيام بعملها». وأضاف «وسنواصل القيام بذلك». لكن براون حرص على التأكيد أن بريطانيا ليست وحدها في هذا الأمر، متابعا «لسنا البلد الوحيد الذي يعبر عن رأيه» حيال إيران. وأكد أن «العالم بأسره ينظر إلى إيران» و«العالم بأسره يعبر عن رأيه»، مشددا على أن الاتحاد الأوروبي مجمع على التنديد باللجوء إلى العنف من جانب النظام الإيراني. وقال براون أيضا «تأمل بريطانيا في حماية حقوق الشعب الإيراني في انتخاب من يراه مناسبا»، لكنها تريد أيضا أن «تشكل إيران جزءا من المجتمع الدولي ولا تكون معزولة». وأضاف «على إيران أن تثبت، ليس فقط لبريطانيا بل للعالم بأسره ولشعبها، أنها تحترم الحقوق الأساسية». وتابع «على إيران أن تظهر للعالم أن الانتخابات كانت عادلة، على إيران أيضا أن تظهر أن القمع والعنف اللذين شاهدناهما خلال الأيام الأخيرة ينبغي ألا يتكررا».

من ناحيتها، وصفت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل كلمة خامنئي التي قال فيها إن الانتخابات كانت نزيهة وان الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد هو الأقرب إليه في وجهات النظر بين باقي المرشحين بأنها مخيبة. وقالت ميركل في مؤتمر صحافي في بروكسل «الكلمة كانت مخيبة للآمال». أما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي فقد دعا القادة الإيرانيين إلى «عدم ارتكاب ما لا يمكن إصلاحه» وذلك بعد خطبة خامنئي التي طالب فيها أيضا بوقف التظاهرات. وقال ساركوزي في بروكسل إن «انبثاق شارع إيراني يطالب بمزيد من الشفافية ومستقبل أفضل، خبر سار، وآمل أن لا يفعل القادة الحاليون شيئا لا يمكن إصلاحه». وتابع «لا نريد إعطاء الانطباع بأن الخارج، بكل ما تحمله هذه العبارة من معان، يتدخل في الانتخابات الإيرانية، لدينا قيم وقناعات». وأضاف «لكن عندما نرى نتائج متناقضة إلى هذا الحد فإن أوروبا لو صمتت لن تنسجم مع قيمها.. أنا دائما من الداعين إلى الحوار مع إيران لكن عندما يجب التنديد فإننا نندد».

وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية بعد خطبة المرشد الأعلى أن فرنسا تدعم «حق الإيرانيين في الشفافية واطلاعهم على الحقيقة» بشأن الانتخابات الرئاسية. وقال الناطق باسم الوزارة اريك شفاليه للصحافيين «إننا لا نضع أنفسنا موضع الإيرانيين لكننا ندعم حقهم وتطلعهم إلى الشفافية والحقيقة». وقال «هناك طعون واحتجاجات ومطالبة بالشفافية من قبل مسؤولين إيرانيين وشرائح واسعة من المجتمع الإيراني». وأضاف «إننا لا نختار طرفا دون آخر والمهم لإيران أن تلبي طلب الشفافية هذا».

وخطا قادة الاتحاد الأوروبي خطوة أخرى بدعوتهم أمس إيران إلى السماح للشعب «بالتجمع والتعبير» عن رأيه سلميا. وأعلن رؤساء دول وحكومات دول الاتحاد الـ27 المجتمعين في لقاء قمة في بروكسل أن «المجلس (الأوروبي) يدعو السلطات الإيرانية إلى أن تحرص على كفالة حق جميع الإيرانيين في التجمع والتعبير سلميا وان تمتنع عن استخدام القوة ضد التظاهرات السلمية». وأضاف القادة في بيان أن «الاتحاد الأوروبي يراقب بقلق كبير الردود على التظاهرات في سائر أنحاء إيران. انه يدين بشدة استخدام العنف ضد المتظاهرين والذي أدى إلى مقتل العديد من الأشخاص».

من جهته تبنّى مجلس النواب الأميركي بغالبية ساحقة قرارا يهدف إلى دعم الإيرانيين بعد الانتخابات الرئاسية الأسبوع الفائت والتي تلتها أعمال عنف. وتم تبنّي القرار بموافقة 405 أصوات مقابل رفض صوت واحد. وكان الديمقراطي هاورد برمان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب ومايك بينس الذي يترأس الكتلة الجمهورية في المجلس تقدما بهذا القرار أمام الكونغرس مطالبين بأن يدعم الأميركيون الإيرانيين «الذين يدافعون عن قيم الحرية وحقوق الإنسان». ويدين القرار «أعمال العنف الحالية التي تمارسها الحكومة الإيرانية والميليشيات الموالية لها ضد المتظاهرين، وإلغاء الحكومة لوسائل الاتصال الإلكترونية المستقلة والتشويش على الهواتف النقالة». ويؤكد «الطابع العالمي للحقوق الشخصية وأهمية (إجراء) انتخابات ديمقراطية وعادلة». وأعلن برمان هذا الأسبوع أنه ينوي التطرق إلى الوضع في إيران قريبا أمام لجنة الشؤون الخارجية. وقال برمان الجمعة أمام مجلس النواب: «لا يمكننا التزام الصمت حيال هذا المساس بالحرية والكرامة الإنسانية»، في إشارة إلى قطع شبكات الاتصال وعزل صحافيين أجانب «في منازلهم ومكاتبهم». وأضاف: «هذا ليس حكما على من فاز في الانتخابات الإيرانية. إنه إقرار بأنه لا يمكننا البقاء صامتين حين يتم التعرض لمبادئ كونية عزيزة علينا». وقال مايك بينس أمام الصحافيين أمس: «باسم الشجاعة المعنوية لرجال ونساء إيرانيين نزلوا إلى الشارع، معرضين حريتهم وحتى حياتهم للخطر باسم الحريات، فإن هذا الكونغرس، يعبّر عن دعمنا». ويدور جدل حاد في واشنطن خلال الأيام الأخيرة حول وسائل الرد على الأحداث في الجمهورية الإسلامية، واعتبر البعض أن دعم الرئيس الأميركي باراك أوباما للمتظاهرين غير كاف. وأعرب منافسه السابق في الانتخابات الرئاسية 2008 جون ماكين عن أسفه لتعليقات الرئيس «الفاترة» واتهمه بالتخلي عن «المبادئ الأساسية» للولايات المتحدة.

وفي أوتاوا رفض وزير الخارجية الكندي لورنس كانون ليل أول من أمس دعوات طهران إلى أوتاوا بعدم التدخل بالسياسة الداخلية لإيران. وقال كانون لمحطة سي بي سي إن طهران نصحت كندا عن طريق القائم بأعمالها في طهران «بعدم التدخل بسياساتها»، بعدما عبرت أوتاوا عن قلقها من الاضطرابات في إيران اثر الانتخابات. وصرح كانون «لن نسكت وسنواصل الترويج للديمقراطية وسنواصل تحدي إيران في مجال حقوق الإنسان».

وأضاف أن «هناك حالات واضحة من التزوير أعلن عنها». وتابع أن «كندا تشعر بقلق بالغ من القسوة التي تمارس في إيران حاليا ودعونا الإيرانيين إلى وقف ذلك».