دبلن تعتزم إجراء استفتاء جديد حول معاهدة لشبونة في أكتوبر

أوروبا تؤيد ولاية جديدة لباروسو

خوسيه مانويل باروسو
TT

اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي أمس على منح الحكومة الأيرلندية ضمانات قانونية تتعلق بسيادتها الوطنية للمساعدة في تأمين دعم الناخبين الأيرلنديين لاتفاقية لشبونة، كما ذكر دبلوماسيون أوروبيون. يذكر أن الشعب الأيرلندي سبق أن رفض الاتفاقية في استفتاء عام عقد العام الماضي. وتهدف الضمانات التي سيتم إقرارها خلال الاجتماع الذي يعقد في بروكسل إلى تطمين الأيرلنديين أن سياسات بلدهم الخاصة بعدد كبير من القضايا تتراوح من الحياد العسكري إلى الإجهاض ستبقى كما هي دون أن تتأثر بالمعاهدة. إلى ذلك أعلن رئيس الوزراء الأيرلندي براين كوين أمس عزمه إجراء استفتاء جديد حول معاهدة لشبونة «في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) « بعدما حصل على ضمانات يفترض أنها تطمئن الأيرلنديين الذين كانوا رفضوا المعاهدة في يونيو (حزيران) 2008. وقال كوين في مؤتمر صحافي في ختام قمة قادة الاتحاد الأوروبي: «أعتقد أننا سنكون مستعدين لتنظيم استفتاء مطلع أكتوبر (تشرين الأول)». وقد أزال القادة الأوروبيون الجمعة العقبة الأخيرة من أمام تنظيم هذا الاستفتاء في الخريف عندما منحوا الضمانات الرامية إلى طمأنة هذا البلد الذي كان رفض المعاهدة في يونيو (حزيران) 2008.

من جهة اخرى وافق زعماء الدول الأوروبية، خلال المناقشات التي جرت على هامش القمة الأوروبية، التي استغرقت يومين، واختتمت أمس ببروكسل، على دعمهم الكامل لترشيح رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو، لفترة رئاسية ثانية، تمتد لخمس سنوات قادمة، على رأس الجهاز التنفيذي الأوروبي.

وفي تصريح «للشرق الأوسط» نقل غراهام واطسون رئيس الكتل الليبرالية في البرلمان الأوروبي: «مهما كان قرار القمة الأوروبية بشأن ترشيح شخصية لرئاسة المفوضية الأوروبية، فإن الكلمة الأخيرة ستكون للبرلمان الأوروبي الشهر المقبل، وإذا أراد حزب الشعب الأوروبي ضمان التأييد لباروسو، عليهم التفاوض مع الكتل الحزبية الأخرى في أقرب وقت، للحصول على تأييدها».

وقال رئيس الوزراء التشيكي يان فيشر الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد، إن باروسو «حصل على دعم رؤساء الدول والحكومات بالإجماع، ونحن ندعم ترشيحه». وقال باروسو، الذي يبلغ من العمر 53 عاما، إنه «فخور ومتأثر» بهذه الثقة، ووعد بأن يعير «اهتماما» في السنوات الخمس المقبلة للانتقادات التي وجهت إليه. إلا أنه اضطر للاكتفاء بدعم مبدئي من الدول الـ27، وليس تعيينا رسميا كما كان يأمل. وسيكون على باروسو حاليا إقناع البرلمان الأوروبي الجديد بإقرار تعيينه، وهي مهمة لا تبدو سهلة نظرا لحصيلة أدائه المثيرة للجدل في ولايته الأولى. ويلقى باروسو دعم معسكر المحافظين الذي ينتمي إليه، لكن هؤلاء لا يتمتعون بغالبية مطلقة وعليهم إبرام تحالفات. ويرى نواب أوروبيون أنه يفرط في تساهله مع الدول الكبرى وينتقدون تأخره في التحرك في مواجهة الأزمة المالية. ويدفع القادة الأوروبيون وباروسو النواب الأوروبيين باتجاه إقرار تعيينه بسرعة وبحلول 15 يوليو (تموز) لتجنب فترة قلق بينما تواجه أوروبا أزمة اقتصادية، ويحاول زعيم كتلة دعاة حماية البيئة في البرلمان الأوروبي دانيال كون بينديت في هذه الأثناء بناء جبهة معادية لباروسو. وبعدما التقى نيكولا ساركوزي أول من أمس عبر عن تشكيكه في مدى دعم الرئيس الفرنسي الذي قال إنه «ليس مستعدا للموت من أجل باروسو» على حد قول كون بينديت. وأضاف أن «مشكلة» ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هي أنهما «يريدان باروسو وفي الوقت نفسه لا يريدانه». وإحدى الحجج التي يطرحها النواب الأوروبيون الذين يفضلون الانتظار قبل التصويت، قانونية، إذ يريد بعضهم التركيز على معاهدة لشبونة التي ستؤدي إلى إصلاح المفوضية ويفترض أن تعرض للاستفتاء في أيرلندا في الخريف. ولإقناع الأيرلنديين بالتصويت إيجابا على المعاهدة بعد رفضهم المدوي لها في يونيو (حزيران) 2008، يريد قادة الاتحاد الأوروبي تقديم ضمانات إلى الأيرلنديين، منها عدم التشكيك في الحياد العسكري لأيرلندا واستقلالها المالي ونظامها الضريبي. وفي ما يخص معاهدة لشبونة، أعرب الزعماء الأوروبيون عن أملهم أن تدخل معاهدة لشبونة حيز التنفيذ قبل نهاية العام الحالي، ما يعني رغبتهم في الانتهاء من عمليات المصادقة عليها بأسرع وقت ممكن، وفي هذا الإطار، أقر الزعماء مجموعة ضمانات تأخذ بعين الاعتبار مخاوف الشعب الأيرلندي وآماله وتتيح تنظيم استفتاء جديد في البلاد يؤدي إلى الانتهاء من عملية المصادقة، داعين في الوقت نفسه كلا من التشيك وبولونيا وألمانيا إلى إنهاء الإجراءات الدستورية الوطنية المطلوبة للمصادقة نهائيا على المعاهدة.

ويحتاج باروسو، وهو سياسي محافظ وسبق له أن شغل منصب رئيس وزراء البرتغال، إلى موافقة البرلمان الأوروبي أيضا. وفي حال تثبيت باروسو في منصب رئيس المفوضية الأوروبية، فإنه سيمثل استمرارية واستقرارا في إطار الجهود الرامية إلى التعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية. وأكد الزعماء في بيانهم الختامي بهذا الخصوص على دعوة الرئاسة التشيكية، الحالية للاتحاد وكذلك السويد التي ترأس الدورة القادمة للتكتل الأوروبي الموحد 1 يوليو (تموز) حتى نهاية 2009، إلى إجراء المشاورات اللازمة لدى البرلمان الأوروبي ليصار إلى التصويت على ترشيح باروسو في منتصف الشهر القادم. وباروسو من مواليد 1956 في لشبونة عاصمة البرتغال، درس القانون وحصل على الماجستير وكان معتنقا مبادئ أفكار تونغ، ثم صار يمينيا، ثم نادى بمبادئ السوق الحرة، وهو منضم للحزب الاشتراكي الديمقراطي من عام 1980، ثم تحول إلى نائب معارض، ثم ترأس الوزارة. وهو متزوج من مارغريدا سوسا ولديه 3 أولاد، وألف كتبا سياسية وحصل على أكثر من 20 وساما برتغاليا.