مساعد الرئيس الإيراني: سيكون الحوار مع واشنطن صعبا.. وستندم لتدخلها في شؤوننا

مجتبى هاشمي قال في حوار تنشره «الشرق الأوسط» إن بعض حكومات الغرب أيدت الإجرام تحت اسم الديمقراطية

أحمدي نجاد ورئيس البرلمان علي لاريجاني ورئيس السلطة القضائية آية الله شهرودي خلال خطبة الجمعة التي ألقاها خامنئي في طهران أمس (أ.ب)
TT

قال مجتبى سماره هاشمي، مساعد الرئيس محمود أحمدي نجاد للشؤون السياسية، أمس، بأن الولايات المتحدة ستندم على «تدخلها» في الخلاف الدائر داخل إيران حول نتائج الانتخابات الرئاسية. وقال في مقابلة تنشرها «الشرق الأوسط»، إن تعليقات الرئيس الأميركي باراك أوباما هذا الأسبوع حول المسيرات التي تشهدها طهران والمدن الإيرانية الأخرى «ستزيد صعوبة الأمور» إذا ما حاولت إدارة أوباما الدخول في محادثات مع إيران حول البرنامج النووي وقضايا أخرى.

وقال: «آمل أن يدركوا فيما يخص قضية الانتخابات أن تدخلهم يشكل خطأً، وألا يكرروا هذا الخطأ. سيندمون بالتأكيد على هذا الأمر. وسيجابهون مشكلات في إعادة إقرار علاقات مع إيران». ويعد سماره هاشمي واحدا من أقرب مستشاري أحمدي نجاد، وتربطهما صداقة منذ فترة دراستهما الجامعية. وتولى هاشمي منصب مستشار بارز للرئيس حتى ستة أسابيع ماضية، عندما استقال من منصبه الحكومي لتولي إدارة الحملة الانتخابية لأحمدي نجاد.

* لماذا تم الإبلاغ عن وقوع أعمال تزوير؟ ـ بسم الله. أعتقد أن هناك عدة أسباب وراء هذه المزاعم. لقد تميزت حكومة أحمدي نجاد بكونها أكثر إنتاجية من الحكومات الأخرى السابقة لها. وقد استفاد جميع أفراد الأمة في المدن والقرى من الإجراءات التي اتخذتها حكومته. وبمقدور أي شخص تسأله في هذا الشأن طرح قائمة بعدد من الإجراءات التي نفذتها حكومة أحمدي نجاد وعادت عليه بالنفع، سواء كان من سكان الحضر أو الأقاليم أو من شتى أرجاء البلاد.. حيث جرى توسيع الجامعات وحصل كافة القرويين على تأمين صحي. وتمت تسوية الكثير من القضايا المرتبطة بالمناطق الحضرية، خاصة تلك المتعلقة بإضفاء الطابع الحضري على المناطق المحيطة بالمدن الكبرى ويقطنها قرويون ومزارعون. وزاد الإنتاج الزراعي على نحو مذهل. على سبيل المثال، فاق الإنتاج الزراعي مائة مليون طن. وفاق معدل الصادرات بالنسبة للواردات الهدف الوارد في الخطة الخمسية. وشعر الشعب بأنه ليست هناك مسافة تفصله عن الحكومة. وقد أمضينا الكثير من الوقت في دراسة المشكلات التي يجابهها الشعب. وكان من شأن كافة هذه الإجراءات (من جانب الحكومة) اجتذاب الأفراد نحو حكومتهم لدرجة عجز عن إدراكها الكثير من معارضي أحمدي نجاد. لقد كان الفارق في عدد الأصوات هائلا لدرجة أصابت الكثير من المعارضين بالصدمة. ووقعت بعض الأحداث المثيرة داخل مناطق تسود بها من الناحية التقليدية معارضة الحكومة. على سبيل المثال، داخل إقليم كرمان، وهي منطقة تغلب عليها التوجهات اليسارية وتبدي ميلا تجاه هاشمي، كان إقبال المواطنين على الإدلاء بأصواتهم مرتفعا، وفاز أحمدي نجاد بنسبة كبيرة من الأصوات. وتشير الأرقام إلى أن 87% من الناخبين أدلوا بأصواتهم، بينهم 78% صوتوا لصالح أحمدي نجاد. ويكمن السبب وراء ذلك في تنفيذ الكثير من مشروعات البنية التحتية داخل هذه المنطقة. في الماضي، عانى الجزء الجنوبي من كرمان من التجاهل، لكن هذه الحكومة شكلت لجنة لتناول القضايا المرتبطة بهذه المنطقة. وكان رئيس هذه اللجنة الممثل الأول للرئيس. وكان من شأن ذلك حدوث تقدم كبير في المنطقة. والملاحظ أنه داخل خراسان الجنوبية وخراسان الشمالية وخراسان رضافي، بل وحتى داخل الأقاليم التي من الواضح تمتعها بمستوى أفضل من التنمية مثل مازانداران، كان إقبال أفراد الشعب على الانتخاب كبيرا، ونال أحمدي نجاد نسبة مرتفعة من الأصوات. كانت تلك هي كل الأسباب. ولإيجاز الأمر برمته، يمكن القول بأن جهل المعارضين بمشاعر أفراد الشعب وردود أفعالهم حيال الخدمات والإجراءات الحكومية كان السبب (وراء الإبلاغ عن وقوع تزوير). أما السبب الثاني فهو بناء معارضي الرئيس أحمدي نجاد قاعدتهم الرئيسة داخل مدينة طهران. وظن بعض أنصارهم أن باقي أنحاء البلاد تشبه المنطقة التي يعيشون بها. وعلى الرغم من ذلك، فاز أحمدي نجاد بأغلبية الأصوات داخل إقليم طهران. وفاقت أعداد الأصوات التي فاز بها ما حصل عليه موسوي.

ويرتبط سبب آخر بحملة الدعاية والحرب النفسية التي أطلقها المعارضون، حيث سقطوا هم أنفسهم في فخ هذه الحملات. وكما ترون اليوم، فإنه بخلاف مدينتين داخل إقليم طهران وثلاثة أو أربعة مدن بمختلف أرجاء البلاد (بصورة إجمالية)، لا يرى باقي أبناء البلاد ضيرا في نتائج الانتخابات. لقد قبل الشعب بالنتيجة ولم يتوقعوا أي نتيجة أخرى سواها.. وهذا التدخل الأجنبي، مثل التدخل الأميركي وبعض الدول الأوروبية (لعب دورا). وحاولت هذه الدول تأجيج الخلافات، بل إنها ساندت الاضطرابات في الشوارع. وأطلقوا على هذا الأمر حدثا ديمقراطيا.

* ألا تعتقد أن هذا الإجراء ديمقراطي؟ ـ تعتبر التظاهرة التي تحظى بتصريح ولا تضر بالعامة حدثا ديمقراطيا، لكن للأسف، أيدت بعض الحكومات الغربية القلاقل والإجرام.

* كيف فعلوا ذلك؟ ـ من خلال دعاياتهم وتأييدهم الصريح للاضطرابات والإجرام، ووصفهم ذلك بأنه حدث ديمقراطي.

* قلت إن المعارضة سقطت في فخ لعبتها النفسية. هل يمكنك طرح بعض أمثلة على تلك الألعاب النفسية؟ ـ قالوا منذ البداية إنهم فازوا على الرغم من أن كيانات دولية، بينها منظمات حيادية أظهرت فوز أحمدي نجاد بعدد أكبر من الأصوات.. لقد خلقوا آمالا عريضة في نفوس أنصارهم وأكدوا لهم أن النصر حليفهم. وبمجرد أن اتضح لهم أنهم لم يفوزوا، زعموا حدوث تلاعب. في الواقع، لقد أسقطوا أنصارهم في فخهم الدعائي. والآن، لم يعد أمامهم مخرج سوى الزعم بوقوع تزوير على الرغم من أن جميع المرشحين كان لهم ممثلون داخل مراكز الاقتراع. (وكان لهم ممثلون) منذ بداية يوم الانتخاب حتى نهاية فرز الأصوات في كل مكان بالبلاد، بما في ذلك داخل الوزارة المعنية بالإشراف على الانتخابات. وحتى الآن، لم يقدموا أي دليل على وقوع تزوير. وإنما اكتفوا بإطلاق مزاعم حدوث تزوير فحسب.

* يقولون إن ممثليهم لم يسمح لهم بالوجود في العديد من المواقع، وادعوا أن خدمة بعث رسائل نصية توقفت يوم الانتخابات. هل يمكنك التعقيب؟ ـ داخل البلاد بأكملها، كان هناك حوالي 46 ألف مركز تصويت. لم يوفر المرشحون هذا العدد الكبير من الممثلين. وإنما قدموا عددا أقل، وبعضهم لم يظهر في يوم الانتخابات. لكن كل من كان بحوزتهم بطاقات وتصريحات تمكنوا من الوجود في المراكز.. بل وأقول لك إن ممثلي أحمدي نجاد كانوا أقل من ممثلي موسوي. في طهران وحدها، لم يكن لدينا ممثلون داخل 500 مركز اقتراع. وبعض الذين قدمناهم كممثلين لم يحضروا إلى المراكز. من المألوف ألا يتمكن ما يتراوح بين 5% و10% من ممثلي المرشحين من الحضور إلى مراكز الاقتراع. لكن كل المرشحين يحظون بممثلين متحركين. وكان باستطاعتهم تفحص ما يدور في مراكز الاقتراع التي ليس لهم ممثلون بها عبر هؤلاء الممثلين المتنقلين. وكما تعلمون، تجري الانتخابات في إيران عن طريق الجمهور العام، مما يعني أن الحاضرين عند صناديق الاقتراع يوم الانتخاب من السكان المحليين أو المدرسين. ويتم السماح لأي شخص جدير بالثقة بإجراء الانتخاب. وعادة ما يشارك هؤلاء الأشخاص أنفسهم في كل الانتخابات. ويوجد بكل مركز اقتراع مسؤول تنفيذي وممثل إقليمي وأمينان وممثل عن المجلس الرقابي المسؤول عن الانتخابات. وكان في كل مركز اقتراع ثلاثة أو أربعة من ممثلي المرشحين. كما كان من شأن المفتشين التابعين لوزارة الداخلية فرض رقابة على مراكز الاقتراع. يشارك في الانتخابات الرئاسية برمتها حوالي 250 ألف شخص. وتتوافر أماكن لقرابة 150 ألف ممثل عن المرشحين في الانتخابات، لكنّ عددا أقل من هذا الرقم كان حاضرا بالفعل هذه المرة. بل إن بعض المرشحين قدموا ممثلين غير مسموح لهم بالتفتيش على الانتخابات، مثل كروبي ورضائي. بصورة مجملة، يوجد على مستوى البلاد بأكملها حوالي مليون شخص يضطلعون بكل ما يتعلق بالانتخابات، مثل المشرفين والحرس وممثلي المرشحين وما إلى ذلك. إن الانتخابات الإيرانية ليست المجال الذي يمكن للتزوير الظهور فيه. لقد جرت انتخابات سنويا على امتداد الأعوام الثلاثين الماضية، واكتسبنا خبرة في إجراء الانتخابات. ولا يمكن لشخص التدخل في الانتخابات الإيرانية.

* تدعو المعارضة إلى إبطال (نتيجة) الانتخابات، فهل تعتقد أن ذلك سوف يحدث؟

ـ سنحتاج إلى أن نقول لـ 85 في المائة من المواطنين إنهم ارتكبوا خطأ حين أدلوا بأصواتهم؟ لن يحدث ذلك أبدا، إنه إهانة لحضور المواطنين إلى صناديق (الاقتراع).

* وعليه، لن يحدث أبدا أن يعلن مجلس صيانة الدستور إلغاء هذه الانتخابات؟

ـ نعم، لأنه لا سبب لإلغاء هذه الانتخابات، وفي حدود علمي، لا يوجد أي دليل على حدوث تزوير. ربما تتم إعادة فرز بعض الصناديق، ولكن الفارق بين الأصوات كبير جدا وأشك في أن تلغى الانتخابات بالكلية.

* لا تعتقد أم متأكد؟

ـ قلت إنني لا أعتقد ذلك، وهذا رأيي، والأمر برمته متروك لمجلس صيانة الدستور.

* هل رأيت صور المواطنين في الشوارع؟

ـ رأيت المواطنين أنفسهم.

* رأيت مناصريكم، ولكن هل رأيت مناصري موسوي؟

ـ نعم، رأيتهم أيضا.

* ما رأيك فيهم؟

ـ يجب أن تنظر إلى أصوات الناخبين. تخيل 24 مليون مواطن. النصر الذي احتفى به أحمدي نجاد كان للأمة وليس له. لقد شارك في هذه الانتخابات 40 مليون مواطن، وكان ذلك شيئا هاما جدا والاحتفال كان من أجل الشعب.

* كيف سيتم حل هذا؟ هناك مواطنون يحتجون في الشوارع كل يوم، وقد رأيت ذلك في إيران. كيف سترضون الشعب؟

ـ أعتقد أنه عن طريق التوضيح والمزيد من الشرح وعن طريق الإجراءات القانونية ضد هؤلاء الذين يتسببون في خلق حالة من الاضطراب ويدمرون الأماكن العامة. لا يشعر أحد بالسعادة لحدوث ذلك، لا مؤيدو موسوي ولا مؤيدو المرشحين الآخرين. وأخشى أن تندم بعض الدول الغربية، ومنها الولايات المتحدة، على ذلك مثلما حدث في المسألة النووية. فلمدة أعوام طوال اتهمونا كذبا في المسألة النووية، ولكنهم أخيرا يعترفون أنه من حق إيران استخدام التقنية النووية للأغراض السلمية. لقد أدركوا خطأهم متأخرا في هذه المسألة. وآمل في قضية الانتخابات أن يدركوا أن تدخلهم خطأ وألا يكرروا نفس الخطأ. سوف يندمون على ذلك، وستكون لديهم مشكلة في إعادة بناء علاقتهم مع إيران، وستكون قائمة تعدياتهم ضد إيران أطول.

* تعني أنه إذا استمرت الولايات المتحدة في تدخلها في الشؤون السياسية الداخلية الإيرانية يمكن أن تسحبوا عرضكم بالحوار مع الإدارة الأميركية؟

ـ سوف يجعل الأمور أصعب، فعندما يتحدثون عن بناء الثقة، فإن عليهم أن يأخذوا خطوات لكسب ثقة إيران لا أن يأخذوا خطوات لتدمير ثقة إيران. وكلما تعزز مناخ عدم الثقة هذا، صعب بناء علاقات مستقبلية وسوف يثبت ذلك أنهم يزعمون فقط الرغبة في بناء علاقات مع إيران. ويسير أوباما في نفس طريق بوش. تغيير لغة الخطاب لن يحل المشكلة، فأمتنا خبيرة وحكيمة وتنظر إلى أفعال الدول وليس ادعاءاتها. وجميع قنوات الاتصال بين إيران والولايات المتحدة كانت غير صحيحة. دائما ما يستخدمون مصادر (للمعلومات) ضد إيران للحصول على معلومات عن إيران. ويفسرون قضايا متعلقة بإيران اعتمادا على مزاجهم إزاء إيران.

* بالطبع، يرتكبون خطأ لأنهم يشاهدون طهران فقط وليس الدولة بالكامل؟

ـ هذا أحد أخطائهم.

* هل تحدث الأميركيون إلى المواطنين حول هاشمي، عن العلاقات؟

ـ يجب عليك سؤال الحكومة الأميركية ومن هم حول هاشمي.

* لا تشعر الطبقة الوسطى، التي تمثل عددا كبيرا، بالرضا عن الحكومة، وأنت تذهب إلى المحافظات وتساعد المواطنين هناك، وشاهدت ذلك في رحلتك إلى محافظة سمنان. كيف سوف تستوعبون مشاكل الطبقة الوسطى التي من الواضح أنها لا تشعر بالرضا عن حكومتكم؟

ـ لا أقبل تفسيرك، وإذا كنت تتحدث عن أقلية من الطبقة الوسطى، فربما تكون على صواب، ولكن جميع المواطنين سعداء من كافة الطبقات. ويؤيد وجهة نظري حضورهم الكبير في مراكز الاقتراع وحقيقة أن أغلبية الأصوات كانت من نصيب أحمدي نجاد. وبالطبع، كان أمام حكومتنا أربعة أعوام فقط، وتحتاج أي حكومة تأتي إلى السلطة إلى المزيد من الوقت لتحقيق أهدافها. ونعتقد أننا سوف نتخذ خطوات أكبر خلال الأعوام الأربع المقبلة، ولا سيما فيما يتعلق بالقضايا ذات الصلة بالاقتصاد على الرغم من أننا أفضل من دول أخرى، منها الولايات المتحدة، ولم يؤثر التباطؤ الدولي علينا مثلما أثر على دول أخرى.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»