الكويت: تجاوزنا مرحلة البلبلة في علاقتنا مع العراق

عراقيون من «البدون» أبعدتهم الكويت يطالبون بتعويضات

TT

أكد وكيل وزارة الخارجية الكويتية أمس أن العلاقات بين بلاده والعراق «قائمة على الاحترام المتبادل، ونحن متفائلون في مضينا بهذا الاتجاه، والاشقاء في العراق يبادلوننا هذه الرغبة، كما نتطلع الى أفق أكثر إشراقا بعلاقاتنا مع الاشقاء في العراق».

وأضاف المسؤول الكويتي أن «الأجواء بين البلدين بحالة تهدئة، وستهدأ أكثر ان شاء الله، خاصة وأن هناك لقاء مع الاشقاء في العراق خلال وقت قريب، من خلال اللجنة المشتركة بين البلدين لاحتواء كل ما أثير من تصعيد». وبين الجار الله أن «الخارجية الكويتية لم توفد أي مبعوث أو وفد كويتي إلى العراق، والبلدان تجاوزا البلبلة والحملات التصعيدية، سواء كانت من العراق أو الكويت، ونحن نعمل مع اشقائنا في العراق لوضع الاسس السليمة لتفاهم يضمن مصالح البلدين».

وأتت تصريحات وكيل وزارة الخارجية الكويتي في وقت شهدت فيه العلاقات بين بلاده وبغداد تصعيدات متبادلة، بسبب مطالبات عراقية بتخفيض مبالغ التعويضات، وضغوط دولية على الكويت للمساهمة في رفع العراق من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، والذي ستجري مناقشته في نيويورك قريبا.

وقد طالب نواب كويتيون باستدعاء سفير بلادهم لدى بغداد ردا على انتقادات لبلادهم من قبل نواب عراقيين طالبوا فيها بامتناع بغداد عن دفع التعويضات للكويت، وذهب بعضهم إلى حد مطالبة الكويت بتعويضات لسماحها باستخدام أراضيها منطلقا لاجتياح العراق عام 2003.

كما طالب العراق الخميس الماضي بخفض قيمة التعويضات التي يتعين عليه تسديدها للكويت في إطار عقوبات الامم المتحدة بعد غزو 1990. وقال السفير العراقي في الأمم المتحدة حميد البياتي خلال مناقشة مجلس الأمن الدولي لأنشطة بعثة الأمم المتحدة في بلاده «حتى أبريل( نيسان) 2009، دفع العراق 1.27 مليار دولار من أصل مجموع تعويضاته، ولا يزال هناك 5.25 مليار دولار، وهو عبء ثقيل بالنسبة للعراق الذي يحتاج إلى هذا المال لتمويل خدماته وإعادة إعماره وتنميته». وتطالب الكويت العراق بتنفيذ التعهدات الدولية قبل الجلوس على طاولة المفاوضات وبحث الملفات الثنائية ومن بينها ترسيم الحدود البحرية والإعلان عن مصير الأسرى والمفقودين وإعادة الممتلكات التي سرقت خلال سبعة أشهر من الاحتلال العراقي لها.

من جهتهم، طالب أمس حوالي 70 شخصا يمثلون «البدون» الذين أبعدتهم السلطات الكويتية بعد غزو النظام العراقي السابق للكويت عام 1990، بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم جراء إبعادهم، مهددين برفع دعاوى ضدها أمام المحاكم الدولية. ويقدر عدد الذين أبعدتهم الكويت بعد تحريرها عام 1991 بحسب إحصاءات غير رسمية بحوالي مائة ألف شخص من غير محددي الجنسية معظهم من أصول عراقية لكنهم ولدوا في الكويت، وعمل عدد منهم في الشرطة والجيش وعدد من الجهات الحكومية الرسمية، إلا أن السلطات الكويتية ترفض تجنيسهم وتعتبرهم من فئة البدون أو غير محددي الجنسية، ومنهم من حصل على الجنسية العراقية بعد خروجهم من الكويت.

واعتبر النائب العراقي مثال الالوسي الذي رعى تجمعا للمطالبة بحقوق البدون أمس في مقر حزب الأمة ببغداد أن «عشرات الآلاف من العراقيين الذين كانوا يسكنون الكويت تعرضوا للأذى والتشريد ومصادرة الحقوق والأموال، نحن نتحدث عن ثلاثين الف عائلة، أي نحو مئة الف انسان، تم تهجيرهم من الكويت». وقال «نطالب الكويت بالتعويض الفوري للذين صودرت اموالهم وابعدوا، واذا لم تلب السلطات الكويتية هذا المطلب سنرفع دعاوى تعويض في المحاكم الدولية الاميركية والكندية والاوربية، عن كل فرد».

وأعلن الألوسي عن قرب وصول محامين اميركيين واوروبيين لاخذ افادة جميع المتضررين، وتدوين الشكاوى، مشيرا إلى أن «الكويت تطالبنا بدفع تعويضات، حتى على تلويث البيئة، فهم يحاسبوننا على تلويث الهواء، ونحن من حقنا ان نحاسبهم على كل انسان، ونطالب بمبالغ تعويض خمسين مليون دولار، لكل انسان هجر من الكويت، فالكويت لا تزال مصرة على مص الدم العراقي بالتعويضات، الشعب العراقي غير مسؤول عنها وهو يمر في مرحلة صعبة».

من جهته رد مصدر كويتي رسمي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الكويت لا تأكل حق أحد، ومن لديه حق فليطالب به بشكل قانوني، وهناك مئات إن لم يكن آلاف الدعاوى الوهمية التي يراد بها الضغط على الكويت لأجل دفع تعويضات، لكن أيا من هذا لن يتم دون إشراك الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية في هذه المسألة». وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه أن «الكويت سبق أن أكدت التزامها بما يصدر من الأمم المتحدة، سواء كان لمصلحتها أو لمصلحة أطراف أخرى».

أما عودة خلف (54 عاما) الذي شارك في اللقاء فتحدث لوكالة الصحافة الفرنسية قائلا «ولدت في الكويت وخدمت في جيشها 14 عاما وتدرجت حتى وصلت الى رتبة رقيب، وبعد احداث حرب الخليج، عرفت السلطات الكويتية اني من اصل عراقي، فحكم علي بالاعدام، لكن تمكنت من الهروب مع عائلتي، بفضل بطاقتي التعريفية، وصودر منزلي، واغنامي، وسياراتي، ولم يفكر احد بتعويضنا، وأنا اليوم اطالب بتعويضي عن خدماتي، واملاكي التي بقيت هناك وهي كل ما لدي».

أما خفيف جاسم البدري وهو مسؤول مكتب شؤون المبعدين من الكويت وحاصل على بكالوريوس القانون من جامعة الكويت فبين «لدينا جرد بأسماء 500 الف مبعد عراقي عن الكويت، موزعين في محافظات البصرة والناصرية والسماوة والموصل والحلة وصلاح الدين وواسط، هؤلاء اغلبهم من رجال الشرطة والجيش والدوائر المدنية كانوا فئة بدون وهم من اصول عراقية، ومعظمهم مسقط رأسه الكويت، وهؤلاء أبعدوا من الكويت عام 1991 بتهم واهية، كونهم عراقيي الاصل، ونطالب جميع المؤسسات الدولية مخاطبة الحكومة الكويتية، بصرف مستحقات المواطنين الذين لم تجنسهم».