محمد خاتمي يحذر من حظر الاحتجاجات ويلمح إلى اتجاه الحكومة لفرض الأحكام العرفية

قال إن المراجع ومجلس صيانة الدستور ليسوا محايدين ولن يحلوا قضية التزوير.. ومنتظري يدعو للحداد 3 أيام

محمد خاتمي وحسين علي منتظري
TT

في أقوى تصريح يطلقه منذ انقسام الأوساط السياسية والشعبية في إيران، بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 يونيو (حزيران) الحالي، حذر الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي أمس من العواقب «الوخيمة» التي ستترتب على حظر الاحتجاجات المؤيدة لمرشح الرئاسة زعيم الإصلاحيين مير حسين موسوي، ملمحا إلى أن البلاد تتجه نحو فرض الأحكام العرفية، قبل أن يتهم «المرجع والمراجع» بعدم الحياد، وقال إن مجلس صيانة الدستور ليس المكان المناسب لحل قضية التزوير في الانتخابات. وقال خاتمي في بيان نشر على الموقع الإلكتروني لزعيم المعارضة مير حسين موسوي: «إن منع الناس من التعبير عن مطالبهم بالسبل المدنية ستترتب عليه عواقب وخيمة». وأوضح قائلا «أشعر بالقلق من أن قوات الأمن والجيش تنتشر تدريجيا في أنحاء البلاد». واتهم الحكومة بإهانة المتظاهرين الذين شاركوا في احتجاجات حاشدة على خلفية ما تردد بالتلاعب في الانتخابات والربط بينهم وبين حكومات أجنبية. وكان الرئيس محمود أحمدي نجاد وصف بعد فوزه بفترة رئاسية جديدة، المتظاهرين بأنهم «أعشاب ضارة» وشبههم بمشجعي كرة القدم الذين خسر فريقهم المفضل مباراة نهائية، كما اتهمت الحكومة الإيرانية والتلفزيون الرسمي القريب من أحمدي نجاد المتظاهرين بأنهم على صلة بعناصر وحكومات أجنبية.

وحذر خاتمي من «أن منع الشعب من الاحتجاجات القانونية يعني فتح الباب أمام إجراءات خطيرة لا يعلم مداها إلا الله» وانتقد الرئيس السابق موجة الاعتقالات التي طالت العديد من المتظاهرين والمسؤولين السابقين وبينهم نائبه السابق محمد علي أبطحي، مما تسبب في تفاقم المشكلات. ويعد خاتمي الذي حكم البلاد لمدة ثماني سنوات هو أحد كبار مساعدي موسوي، وقد صار أبرز وجوه المعارضة الإيرانية.

وفي إشارة إلى وزارة الداخلية ومجلس صيانة الدستور المعني بالرقابة على الانتخابات، قال خاتمي إن الحكومة أوصت بإحالة الشكاوى بشأن التلاعب في الانتخابات إلى «تلك المصادر التي هي نفسها موضع للانتقادات والشكاوى». وقال خاتمي إن إحالة النزاع على الانتخابات الرئاسية إلى مجلس صيانة الدستور، وهو أعلى سلطة تشريعية في البلاد، ليس حلا. وشرح قائلا «إن تحويل النزاع إلى جهة لم تكن محايدة فيما يتعلق بالانتخابات ليس حلا.. وبالتالي فإنني أعبر عن الأسف إزاء العنف المتواصل بحق الذين يحاولون ممارسة حقهم في التعبير».

بيد أن خاتمي أعرب عن أمله في أنه «لا تزال هناك سبيل للخروج من الأزمة إذا استغلت الفرص بشكل مناسب».

ولهذه الغاية قال إن «كل المعتقلين يجب الإفراج عنهم فورا ويجب عودة وسائل الاتصالات مثل الموبايل والرسائل وأنظمة الإنترنت إلى طبيعتها».

وأوقف نظام الرسائل النصية عبر المحمول منذ بدء التوترات في 13 يونيو (حزيران)، بعد إعلان نتائج الانتخابات التي جرت قبل يوم منه، كما تعطل إرسال الهواتف المحمولة خلال ساعات التظاهر وتم تخفيض سرعة الإنترنت بشكل كبير. وتقول المعارضة إن هذه الإجراءات تهدف إلى قطع الاتصال بين المتظاهرين أو التنسيق فيما بينهم.

كما أن هناك أيضا حظرا على وسائل الإعلام المحلية بشأن التغطية غير المصرح بها للمظاهرات بالإضافة إلى منع الإعلام الدولي من حضور الاحتجاجات للتغطية المباشرة. وقال خاتمي إن «الحل لا يتمثل في إحالة الأمر (الانتخابات) إلى مرجع أو مراجع هي ذاتها محل انتقاد وشكوى، في حين ينبغي عليها أن تحافظ على حقوق الشعب وتجري الانتخابات بنزاهة وحرية وعبر آلية مراقبة». وأكد أن «تعيين هيئة منصفة، حيادية وشجاعة تكون محل ثقة بالأخص لدى المعترضين والقبول بالحكم المنصف لهذه الهيئة، هو الحل لتجاوز المرحلة الحالية وخطوة على طريق تعزيز النظام وتسوية الأمر في هذه الفترة الحساسة بما يخدم مصالح الشعب ومبادئ الثورة».

واعتبر خاتمي في بيانه «مشاركة الشعب الواسعة في الانتخابات الرئاسية أحد الإنجازات الكبرى للثورة الإسلامية، موضحا أن هذه المشاركة تشير بوضوح إلى أن الشعب هو صاحب البلد والثورة»، وأكد أن الاحتجاج الصامت والسلوك الحضاري للشعب في التظاهرات مؤشر على أن الشعب واع ويقظ ويتحلى بالمسؤولية. وانتقد «الدعايات الاستفزازية والمهينة ضد الشعب الإيراني الذي عمل دوما باستقلالية»، وقال إن «ربط تحرك الشعب السليم بالأجنبي مظهر من الممارسات السياسية غير الصحيحة التي تؤدي إلى إبعاد الشعب عن الحكومة».

إلى ذلك دعا آية الله العظمى حسين علي منتظري، أكبر رجال الدين المعارضين في إيران، للحداد العام لثلاثة أيام إثر مقتل إيرانيين خلال الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية. وقال منتظري في بيان نشر على موقعه على الإنترنت أمس «إن مقاومة مطلب الشعب محرمة شرعا.. وإنني أدعو للحداد العام لثلاثة أيام اعتبارا من يوم الأربعاء». ومنتظري أحد رجال الثورة الإسلامية التي شهدتها إيران عام 1979 لكنه اختلف مع الزعامة الحالية، وهو موضوع رهن الإقامة الجبرية بالمنزل منذ سنوات.