أوباما: إذا كانت طهران تريد كسب احترام المجتمع الدولي.. فيجب أن تحترم كرامة شعبها

استشهد بمقولة مارتن لوثر كينغ «إن قوس العالم الأخلاقي طويل.. لكنه يتجه نحو العدل»

إيراني مصاب يساعده آخر أثناء المظاهرات التي عمت شوارع طهران أمس (رويترز)
TT

طوال أيام الأسبوع الماضي، في الوقت الذي خرجت فيه مئات الآلاف من المتظاهرين في أنحاء طهران، كان الرئيس أوباما يقاوم الضغوط لإعلان تأييده لهم ضد الحكومة الإيرانية.

وفي يوم السبت، عندما ظهرت صور قاتمة للاشتباكات وإراقة الدماء في التقارير الإخبارية على قنوات الكابل، طالب الرئيس من الحكومة الإيرانية «وقف جميع أعمال العنف والظلم ضد شعبها». ويقول مسؤولون أميركيون إن أوباما مصمم على أن تتلاءم تعليقاته مع الأحداث الجارية. ويقولون إنه يسعى إلى تجنب التسبب في اتهام المتظاهرين بأنهم عملاء أميركيون، ويحاول الحفاظ على إمكانية التفاوض مباشرة مع الحكومة الإيرانية بشأن برنامجها النووي، وصلاتها بالإرهاب، وأفغانستان وقضايا أخرى.

وكان البيان الذي أصدره أوباما، ويتكون من ثلاث فقرات، وكتب في اجتماعات مع كبار مستشاريه، بالضرورة أقوى تصريح أدلى به طوال الأسبوع، الذي شهد حالة الاضطراب في إيران. وقد كرر مقولة أن «العالم يراقب»، وذكر مجددا: «الحقوق العالمية في التجمع والتعبير عن الرأي». ومرة أخرى استشهد بقول مارتن لوثر كينغ، حيث قال: «إن قوس العالم الأخلاقي طويل، ولكنه يتجه نحو العدل».

وكانت هناك مجرد إشارات لما يمكن أن يحدث إذا تحول رد فعل الحكومة إلى صورة دموية. وقال أوباما: «إذا كانت الحكومة الإيرانية تسعى إلى كسب احترام المجتمع الدولي، فيجب أن تحترم كرامة شعبها، وتحكمه عن طريق الرضا وليس الإكراه». ولم يقل أوباما بعد إن كان يعتقد أن الانتخابات مزورة، ولكنه ألمح إلى ذلك بالإشارة إلى «إيمان الشعب الإيراني» بـ«صدق» مقولة كينغ، في الجزء الأخير من بيانه.

وعلى الرغم من الانتقادات الجمهورية المتزايدة، وتمرير قرارات في مجلس النواب والشيوخ أكثر صرامة من تصريحات الرئيس يوم الجمعة، فإن المسؤولين الأميركيين يقولون إنهم سيلتزمون بأسلوبهم الحالي. وقالوا إنه لا يوجد الكثير الذي يمكن أن تفعله الولايات المتحدة للتأثير على الوضع، فيما عدا أن تحيل موقف المعارضة إلى الأسوأ، ولكنهم بدأوا في التخطيط لرد فعل الإدارة إذا تحولت الممارسات الحكومية إلى العنف الشديد.

وصرح أحد المسؤولين، اشترط عدم ذكر اسمه، قائلا: «علينا أن نراقب كل يوم لنرى ماذا يحدث، في الوقت الذي نترقب فيه حدوث العديد من الاحتمالات المختلفة وما يمكن فعله في تلك الظروف». وفي داخل الإدارة، صرح مسؤولون بأن موقف أوباما الحذر يحظى بتأييد أهم المسؤولين رفيعي المستوى، مع وجود خلافات متركزة في الأغلب على المراوغة في اختيار الألفاظ.

وقد أشار أوباما في وقت سابق في العام الحالي، إلى أنه يعترف بنظام الحكم الحالي في إيران، وأنه يأمل في إقامة حوار مع مسؤولين مقربين من المرشد الأعلى في الدولة، آية الله علي خامنئي. وفي يوم الجمعة، حذر خامنئي من القيام بمزيد من التظاهرات ضد نتائج الانتخابات.

ولكن في إشارة على إمكانية قلق الديمقراطيين من أن الرئيس سيضيع لحظة تاريخية، أصدر السيناتور راسل فينغولد، (الديمقراطي عن ولاية ويسكونسن) بيانا يوم السبت يقول فيه، إنه «يجب على المجتمع الدولي أن يدين استخدام أساليب قاسية ضد الإيرانيين الذين يحاولون التعبير في سلام عن معتقداتهم السياسية. ويجب أن تعكس نتائج الانتخابات في إيران رغبة الشعب الإيراني».

وأثنى المجلس الوطني الأميركي الإيراني، الذي يؤيد الدخول في مفاوضات مع إيران، ليلة السبت، على عدم اتخاذ أوباما موقفا مع أي جانب، ولكن دعاه إلى «الحديث بقوة ضد إراقة الدماء التي تحدث أمام أعيننا».

وقد أثنى على موقف الرئيس عموما خبراء في السياسة الخارجية، فيما عدا واحدا. وفي يوم الثلاثاء، صرح لقناة «سي إن بي سي» بأن الاختلاف بين الرئيس محمود أحمدي نجاد، ومنافسه مير حسين موسوي، «فيما يتعلق بمواقفهما الفعلية قد لا يكون كبيرا، كما يتم الترويج له».

وقال دانيال دريزنر، أستاذ السياسة الدولية في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية في جامعة تافتس، إن «الملحوظة غير المناسبة» كان «من الممكن أن تكون صحيحة منذ أسبوع، ولكن يتغير الوضع عندما تجد عشرات الآلاف من الشعب في الشوارع» يؤيدون موسوي. وقال دريزنر إنه من ناحية أخرى، «قام أوباما بالأمر بالطريقة الصحيحة». ووصف بيانه بأنه «متقن إلى حد ما» في ذكر واجبات الحكومة تجاه شعبها. وقال دريزنر: «إنه يتحدث إلى متلقين متعددين. فهو لا يتحدث فقط إلى الإيرانيين، ولكن أيضا إلى الروس والصينيين»، وهما شريكان مهمان في الجهود للحد من طموحات إيران النووية. «وكلما كانت لغته طموحة، ومشابهة للغة بوش، أثار ذلك غضب الروس والصينيين».

ويتفق توم مالينوسكي، مدير منظمة هيوماتن رايتس ووتش في واشنطن، على أن أوباما حقق توازنا صحيحا. ويقول: «يريد من هم على اتصال بنا من المنشقين الإيرانيين درجة معينة من التأييد المعنوي، ولكن من على مسافة كبيرة». وهم يعتقدون أن أي تأييد أقوى «سيستغل لإضعاف الثقة بهم». ويقول مالينوسكي: «يقول البعض إن القول إننا نشهد موقفا سلبيا، ولكني لا أعرف كيف يكون الموقف الإيجابي. ماذا يمكنه أن يفعل أكثر من ذلك؟ فكلما ارتبطت مطالب المعارضة بالولايات المتحدة، أصبح من الصعب على حركة معارضة تلقائية في إيران أن تحرز تقدما».

وصرح محسن ميلاني، رئيس قسم الحكومة والشؤون الدولية في جامعة جنوب فلوريدا، بأن بيان أوباما يمثل تطورا حذرا يسمح لأوباما بالحفاظ على العديد من الفرص المتاحة قدر الإمكان. وأضاف: «بناء على معرفتي بالتاريخ الإيراني، لا يجب أن تتدخل الولايات المتحدة علنا. والرئيس أوباما يسير على النهج الصحيح، فقد أصدر بيانا قويا للغاية بدون أن يتخذ جانبا».

* خدمة «واشنطن بوست».

خاص بالـ«الشرق الأوسط»