«تويتر» أبصر النور منذ عامين.. ولعب دورا كبيرا في أحداث مولدوفا وإيران

مؤسسو الموقع رفضوا عروضا مغرية لبيعه.. وخبراء يرون أن قوة تأثيره تكمن في طبيعته العادية

صورة حملت على موقع «تويتر» أمس للصدامات الدامية بين المتظاهرين أنصار موسوي وقوات الأمن الإيرانية في طهران (رويترز)
TT

أبصر الموقع الاجتماعي «تويتر» النور قبل سنتين، ولا يزال إلى اليوم غير مربح، إلا أنه اكتسب بعض النضج في الأيام الأخيرة مع الانتخابات الإيرانية، إذ بات منصة للتواصل لا غنى عنها.

بعدما احتل «تويتر» غلاف مجلة «تايم» قبل أيام وبعد أسابيع قليلة على اعتراف المقدمة الأميركية النجمة اوبرا وينفري، أنها أحد مستخدميه، لجأ إليه الإيرانيون المحتجون على نتيجة الانتخابات الرئاسية للدعوة إلى المقاومة، ونشر المعلومات حول المواجهات في الشارع.

يضاف إلى ذلك أن وزارة الخارجية الأميركية أشارت في بداية الأسبوع إلى أهمية موقع المدونات الصغيرة هذا. وطالبت الوزارة بتأجيل عمليات صيانة للموقع كانت مقررة الاثنين، كانت ستؤدي إلى توقف هذه الخدمة، وذلك للسماح للمعترضين الإيرانيين متابعة نشاطهم.

وقال أحد المؤسسين الثلاثة للموقع جاك دورسي، في مؤتمر حول «تويتر» عقد في نيويورك، «فلنفكر قليلا بما يجري في إيران، وبالفرصة التي نحظى بها لنشاهد مباشرة ما يجري هناك» وفق ما ذكرت وكالة «الصحافة الفرنسية». وأضاف دورسي، أن «ما يجري مهم جدا ويسجل أكبر نجاح لـ«تويتر»» ووصف نسبة الاستخدام في إيران في الأيام الأخيرة بـ«الخيالية». ويسمح «تويتر» بإرسال رسائل لا يتعدى طولها الـ140 حرفا، يقرأها كل المشتركين. وقد لفت الانتباه لا سيما عند وقوع الهجمات في بومباي في نوفمبر (تشرين). إلا أنه لا مجال للمقارنة بين نسب الاستخدام حينها، والنسب التي سجلت في الأيام الأخيرة.

وأسس هذا الموقع كل من جاك دورسي، وبيز ستون، وايفان وليامز، وهو يجذب منذ بعض الوقت ملايين المشتركين شهريا. وقد سجل في أبريل 1.32 مليون زيارة، وفقا لشركة الإحصاءات «كوم سكور». ويصعب حاليا إحصاء عدد المستخدمين لأن الموقع بات متوفرا انطلاقا من حواسيب شخصية وهواتف جوالة وعشرات التجهيزات الإلكترونية الأخرى.

وقال فريد ويلسون، صاحب شركة «يونيون سكوير فنتشرز» التي تستثمر في «تويتر»، أثناء المؤتمر، إنه يتوقع مستقبلا لامعا ومربحا للموقع. وأوضح ويلسون أن «السبب الذي يجعل من «غوغل» ملكا على عرش الإنترنت هو جذبه لعدد من المستخدمين لم يتوصل له بعد أي موقع آخر. وتشكل المواقع الاجتماعية مثل «تويتر» و«فيسبوك»، والقادرة على جذب عدد من المستخدمين مثل «غوغل»، قدرة اقتصادية مهمة وقوية».

واعتبر منظم المؤتمر جيف بولفر، أن من المبكر توقع الوجهة التي سيأخذها «تويتر»، لكنه أضاف أن «ما نشهده اليوم أهم وأكبر مما كنا نتخيل». وقال بولفر: «إننا نعيش اليوم في عصر تصل فيه المعلومات لكل واحد منا» مشددا على الدور الذي يلعبه «تويتر» في هذه العملية. وترددت معلومات عن أن مؤسسي الموقع رفضوا عروضا لبيعه تصل إلى مئات ملايين الدولارات، وهم لم يتحدثوا حتى الآن سوى عن مشروعات غير واضحة المعالم لتحويل الموقع إلى مشروع مربح.

ولكن هل عبارة «ثورة تويتر» التي تنطبق على حدثين وقعا أخيرا (مولدوفا وإيران) تبالغ في الدور الذي لعبته التكنولوجيا؟

وحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز» يرى المتشككون أن عددا قليلا من الناس استخدموا موقع «تويتر» لتنظيم الاحتجاجات في إيران بينما لعبت وسائل أخرى مثل تبادل الرسائل النصية والأحاديث الشفهية التقليدية والمواقع الإلكترونية الفارسية دورا أكثر تأثيرا.

ولكن «تويتر» أثبت أنه أداة خطيرة في لعبة القط والفأر بين المعارضة والحكومة المتعلقة باستقطاب الرأي العام العالمي.

ففي الوقت الذي قيدت فيه الحكومة الإيرانية وصول الصحافيين إلى مواقع الأحداث، استخدم المحتجون نظام اتصالات «تويتر» السريع لتوجيه العامة والصحافيين على حد سواء إلى مقاطع الفيديو والصور الفوتوغرافية والمواد المكتوبة المتعلقة بالاحتجاجات.

(وقد أصبح من التقاليد المعروفة الآن على موقع «تويتر» أن يقوم المستخدم بالموافقة على وضع رمز <# انتخابات إيران > قبل أية إضافة يضيفها حتى يتمكن المستخدمون الآخرون من إيجاد تلك الإضافات بسهولة).

ومن ثم فربما لا تكون هناك ثورة «تويتر» ولكننا تعلمنا خلال الأسبوع الماضي عدة دروس حول قوة وضعف التكنولوجيا التي عمرها أقل من ثلاثة أعوام وتنمو بمعدلات متسارعة، وأهم هذه الدروس هي حسب تقرير «نيويورك تايمز»:

* يعتبر تويتر «أداة» وبالتالي تصعب مراقبته: يطمح موقع «تويتر» في أن يصبح مختلفا عن وسائل الاتصال الاجتماعي الأخرى مثل موقع «فيس بوك» وموقع «ماي سبيس»: فبدلا من أن يصبح عالما واسعا مستقلا يتمركز حول موقع إنترنت واحد، فإن موقع «تويتر» يحلم بأن يصبح أداة يمكن أن يستخدمها الناس للتواصل من خلال مواقع مختلفة مثل البريد الإليكتروني. فلست مضطرا للدخول على الموقع لكي تتمكن من إرسال رسالة أو تعليق. فيمكن إرسال التعليقات عبر الرسائل النصية على الهواتف الجوالة أو عبر برامج المدونات. وبالمثل، يمكن قراء التعليقات عن بعد سواء كانت نصية أم كانت مجرد تغيير في حالة أحد الأصدقاء على صفحة «الفيس بوك».

وبخلاف موقع «الفيس بوك» الذي يعمل أساسا كموقع إنترنت يمكن أن تتم عرقلته بأي شكل من الأشكال، فإن إغلاق موقع «تويتر» لا يؤثر على أعضاء «تويتر» المهاجمين. فيجب أن تغلق الخدمة بأسرها حتى تؤثر عليهم وهو ما يحدث أحيانا بغرض عمل إصلاحات.

* تعليقات التويت (مستخدمو تويتر) عادية ولكن يجب الحذر: يقول جوناثان زيترين أستاذ القانون بجامعة هارفارد وهو خبير في شبكة الإنترنت إن «الخصائص التي تجعل موقع (تويتر) يبدو تافها وغير مكتمل هي بالتحديد ما تجعله مؤثرا». وذلك حيث يبدو الموقع بطبيعته عاديا لا يوجد به ما هو أصيل أو مهدد. وحتى حسابات «تويتر» التي ينظر إليها على أنها تحرك حركة الاحتجاج في إيران هي عبارة عن سلسلة من الروابط المباشرة إلى الصور الموجودة على مواقع أخرى أو تحديثات مختصرة حول الاستراتيجية. ولا يبدو لكل تحديث على حدة أهمية كبرى. ولكن التعليقات (تويتس) مجتمعة هي ما تخلق شخصية أو بيئة تعكس مشاعر اللحظة وتساعد على حشد الآراء.

* احترسوا: فلا يوجد أي شيء على موقع «تويتر» تم التحقق من مصداقيته. وعلى الرغم من أن المستخدمين يمكن أن يتعلموا بالخبرة أن يثقوا في بعض حسابات «تويتر»، فإن الأمر يظل مسألة ثقة.

وكما ساعد موقع «تويتر» على بث التقارير الأولية من طهران فقد ساهم كذلك في نشر معلومات غير دقيقة بل وحتى معلومات مضللة. فقد ألقت مقالة منشورة على موقع «ترو/سلانت» الضوء على بعض الأخطاء على موقع «تويتر» والتي قام أصحاب المدونات بنشرها وتكرارها بسرعة: ومنها أن حوالي ثلاثة ملايين كانوا يتظاهرون في نهاية الأسبوع الماضي في طهران (وهم أقرب إلى عدة مئات من الآلاف)؛ وأن مير حسين موسوي مرشح المعارضة كان رهن الاحتجاز في المنزل (على الرغم من أنه شوهد خارج منزله)، وأن رئيس لجنة مراقبة الانتخابات قد أعلن بطلان الانتخابات يوم السبت (وهو ما لم يحدث).

* احترس من الخداع: والأمر لا يتعلق فقط بصعوبة التأكد من صحة ما يظهر على موقع «تويتر» بل إن بعض أصحاب الحسابات على «تويتر» ربما يحاولون خداعك. فمثله مثل «قهوة ريك»، يمتلئ موقع «تويتر» بالمناقشات التي تدور حول اكتشاف أن أحدهم مخبر أو عميل. فأحد حسابات «تويتر» القديمة والمكرسة لتأييد موسوي mousavi1388 والذي تجاوز أتباعه الستة عشر ألفا قد بث أخيرا تعليقا حول أن موقع http://www.mirhoseyn.ir وموقع http://www.mirhoseyn.com هي مواقع مزيفة ولا يجب الانضمام إليها وطالب الناس بالذهاب إلى الانتخابات في الساعة 11:02 صباحا يوم 16 يونيو (حزيران). وهناك مزاعم بأن عملاء الحكومة هم من أنشأوا تلك الموقع لتضليل الجمهور.

وقد أعلنت شبكة «إيه.بي.سي» عن أن مستخدمي موقعي «تويتر» الذين يقولون إنهم يكررون إرسال نص عن مراسلهم جيم سكويتو قد اختلقوا ذلك النص لكي يجعلوا مراسلهم يبدو مؤيدا للحكومة فيقول سكويتو «لقد أصبحت عدوا بدون قصد».

* موقع «تويتر» يصوب نفسه دائما لكنه قد يضلل: نظرا لكافة الميزات الديمقراطية التي يحظى بها مستخدمو موقع «تويتر»، فلا توجد مساواة بين كافة مستخدميه. فكما اتضح سابقا، فإن شعبية ومصداقية المستخدمين هي الأكثر أهمية وربما تفضح الآخرين المتهمين بأنهم كاذبون. وعلى هذا النحو، فإن «تويتر» هو مجتمع يتكون من قادة وأتباع. وبالطبع، فإن «تويتر» هو نوع خاص من المجتمعات المحبة للتكنولوجيا الغنية والميالة للغرب. ولذلك، يعد موقع «تويتر» أداة فقيرة للحكم على الرأي الشعبي في إيران ومحاولة تقييم من فاز بالانتخابات الرئاسية. فأحمدي نجاد، الذي يفترض وجود بعض المؤيدين له في مكان ما في إيران، يخسر خسارة ساحقة فـي موقـع «تويتر».

* يمكن أن يصبح «تويتر» أداة فعالة لانتقاد وسائل الإعلام: مثلما يستطيع موقع «تويتر» حشد المتظاهرين ضد الحكومات فإن قدرته على البث يمكن أن تحشدهم بسرعة وفعالية ضد المنافذ الإعلامية المختلفة. فأحد المحتجين العفويين أعطى لنفسه اسم #CNNfail مستخدما العامية الخاصة بالإنترنت لوصف شبكة «سي.إن.إن» بأنها قد أخفقت في عمل تغطية شاملة للمتظاهرين الإيرانيين. وسرعان ما تحول ذلك الوصف إلى حملة رسائل إلكترونية، وهو ما أجبر شبكة «سي.إن.إن» على الدفاع عن تغطيتها الصحافية كتابة وعلى الهواء مباشرة.