الحرس الثوري يهدد المتظاهرين بصدهم بـ«أسلوب ثوري».. وكروبي يدعو للتظاهر الخميس حدادا على الضحايا

المئات تحدوا التحذير.. ودراسة بريطانية تكشف عن «نقاط خلل» في نتائج الانتخابات

انتشار شرطة مكافحة الشغب على دراجات نارية في احياء طهران امس (أ.ف.ب)
TT

هدد الحرس الثوري الإيراني أمس، باتخاذ إجراءات صارمة ضد التظاهرات الشعبية، وقال إنه سيتعامل «بحزم وبأسلوب ثوري مع مثيري الشغب»، في أقسى لهجة له منذ بدء الاحتجاجات اعتراضا على نتائج الانتخابات الرئاسية. وجاء ذلك في وقت دعا فيه المرشح الإصلاحي الخاسر في الانتخابات الرئاسية الإيرانية مهدي كروبي إلى «مراسم تأبين»، الخميس، للضحايا الذين سقطوا في تظاهرات طهران قبل يومين. وأطلق كروبي نداءه هذا في بيان نشره الموقع الإلكتروني لحزبه «اعتماد ملي» (الثقة الوطنية). ولم يعط البيان أي توضيح حول مراسم التأبين المقترحة هذه.

ودعا كروبي مجلس صيانة الدستور إلى إلغاء انتخابات الرئاسة، قال في رسالة وجهها إلى المجلس: «بدلا من إضاعة الوقت في إعادة فرز بعض صناديق الاقتراع.. ألغوا التصويت».

وفي المقابل، أعلن المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، المكلف الإشراف على الانتخابات الرئاسية، أن عدد الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في خمسين إقليما، تخطى عدد الناخبين المحتملين. واعتبر أن ذلك لن يكون له «تأثير مهم» على النتيجة النهائية، التي قضت بفوز الرئيس محمود أحمدي نجاد، بولاية رئاسية ثانية من أربع سنوات.

وقال عباس علي كدخدائي، إن «شكوى مشتركة قدمها المرشحون تفيد بأن الأصوات التي تم الإدلاء بها في بعض الأقاليم فاقت عدد الناخبين المحتملين. لكن تحقيقنا الأولي يشير إلى أن العدد الذي أفيد عنه (170 منطقة) ليس صحيحا، وأن المسألة تطاول خمسين إقليما». وقدم المرشحان الآخران مير حسين موسوي، ومهدي كروبي، طعنا رسميا في صحة النتائج الانتخابية إلى مجلس صيانة الدستور، الذي تعهد بإصدار حكمه بحلول الأربعاء. وقال كدخدائي، إن مسألة تجاوز عدد الأصوات عدد الناخبين في الأقاليم الخمسين «يمكن تبريره بأن بعض المدن تؤوي مهاجرين، وبعضها الأخر سياحي، الخ. ويمكن نظريا لكل ناخب أن يصوت أينما يشاء». وأضاف: «في مطلق الأحوال، تم الاتفاق على إرسال محققين ميدانيا للتدقيق في الإحصاءات، لكن مجموع أصوات هذه الولايات يبلغ ثلاثة ملايين صوت، ولن يكون لها تأثير كبير على نتائج الانتخابات».

وجاء ذلك في وقت رأت دراسة أجراها معهد بريطاني، أن النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية الإيرانية تكشف عن «نقاط خلل» في نسب المشاركة، وتبدل في التوجه العام «غير قابل للتصديق إلى حد بعيد» لصالح الرئيس محمود أحمدي نجاد، بالمقارنة مع الانتخابات السابقة. ورأى معهد تشاتام هاوس أن تحليل الأرقام التي أعلنتها وزارة الداخلية تكشف أنه لم يكن من الممكن لمحمود أحمدي نجاد، تحقيق مثل هذا الفوز الساحق بدون تغيير جذري في السلوك الانتخابي لسكان الأرياف، وتبدل «مستبعد للغاية» في توجه الناخبين الإصلاحيين السابقين لصالح أحمدي نجاد وكشفت نتائج الانتخابات أيضا أن نسبة الإقبال على التصويت في محافظتي مزندران (شمال) ويزد (وسط) المعروفتين بتوجهاتهما المحافظة تخطى 100 في المائة بحسب أرقام النتائج. وشكك التحليل الذي جرى تحت إشراف الأستاذ علي انصري، مدير معهد الدراسات الإيرانية بجامعة سانت اندروز، في فرضية أن فوز أحمدي نجاد كان نتيجة مشاركة كثيفة من قبل غالبية محافظة كانت صامتة في الانتخابات السابقة. وفي وقت استمرت فيه التظاهرات في شوارع طهران أمس، قال الحرس الثوري الإيراني في بيان نشر على موقعه على الإنترنت: «خلال الموقف الحساس الحالي، سيتعامل الحرس بحزم وبأسلوب ثوري مع مثيري الشغب ومن ينتهكون القانون». وقال إنه لن يتردد في مواجهة الاحتجاجات «غير المشروعة» التي ينظمها المرشحون الخاسرون في الانتخابات الرئاسية، محذرا الغرب بالكف عن دعم «مثيري الشغب». وجاء في البيان أن «الحرس الثوري، الباسيج، وقوات الأمن والنظام مستعدة للقيام بتحرك حاسم وثوري من أجل (..) وضع حد للمؤامرة وأعمال الشغب». واستهدف التهديد «كبار المسؤولين والعناصر المخدوعة» الذين حملهم مسؤولية الاضطرابات، وهذا يعني رجال السياسة والمتظاهرين. كذلك وجه الحرس الثوري تحذيرا إلى «قادة الولايات المتحدة وبريطانيا والنظام الصهيوني (إسرائيل) منددا بمواقفهم (...) وطالبا منهم الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية».

وقالت وكالة «رويترز» نقلا عن شاهد عيان، إن نحو 1000 إيراني مطالبين بالإصلاح احتشدوا في ميدان بوسط العاصمة الإيرانية أمس، بعد وقت قصير من تحذير الحرس الثوري. وكان موسوي قد دعا أنصاره في وقت متأخر ليل أول من أمس، إلى تنظيم احتجاجات جديدة. وقال في بيان نشر على موقعه على الإنترنت: «إن الاحتجاج على الأكاذيب والتزوير هو حقكم». ووجه كذلك نداء مستترا إلى قوات الأمن للتحلي بضبط النفس في التعامل مع المظاهرات.

قال التلفزيون الإيراني، إن عشرة أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 100 آخرين في مظاهرات نظمت في طهران يوم السبت. وألقت السلطات باللائمة في مقتل أشخاص مطلع الأسبوع على «مخربين مجهولين». ونقلت محطة «برس تي.في» التلفزيونية الإيرانية الناطقة بالإنجليزية عن مكتب المدعي العام في طهران قوله، إن «مخربين مجهولين» فتحوا النار وقتلوا أشخاصا في أحداث العنف التي شهدتها العاصمة يوم السبت الماضي.

ويوم أمس، أفاد شهود عيان لوكالة «الصحافة الفرنسية» أن التظاهرة التي نظمتها المعارضة في ساحة هفت تير في وسط طهران، انتهت بعد حوالي ساعتين على بدءها، وقد استخدمت خلالها قوات الأمن التي انتشرت بأعداد كثيفة الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين. وكان حوالي 500 عنصر من شرطة مكافحة الشغب وميليشيا الباسيج، انتشروا في ساحة هفت تير، التي ظلت مفتوحة أمام حركة السير. وقال أحد الشهود، إن «ما بين 50 إلى 60 شخصا تم اعتقالهم». وأضاف شاهد آخر، أن القوى الأمنية عمدت إلى «وضع علامات» من الطلاء على السيارات التي كانت تمر في المكان وتطلق العنان لأبواقها دعما للمتظاهرين، كي يتسنى للشرطة اعتقال سائقيها لاحقا.

ودعا إيرانيون على المواقع الاجتماعية على الإنترنت إلى الحداد على ندا الشابة، التي قتلت بالرصاص يوم السبت. وشاهد الآلاف على الإنترنت صور مقتلها، وأصبحت صورتها رمزا للاحتجاجات. وقال أحد المحتجين من طهران: «سنتجمع في شوارع طهران حاملين شموعا حدادا على ندا وأصدقاء آخرين لقوا حتفهم». وأفرج أمس عن فائزة هاشمي، ابنة الرئيس الإيراني السابق أكبر هاشمي رفسنجاني، وأربعة أفراد من عائلته بعدما أوقفتهم قوات الأمن «حفاظا على أمنهم»، كما أفادت أمس وكالة «فارس» الإيرانية شبه الرسمية. وأفادت الوكالة أنه «أفرج عن فائزة هاشمي الليلة الماضية». وأوضح أنه كان أفرج سابقا عن الأفراد الآخرين من عائلة رفسنجاني. وكانت صحيفة «اعتماد» أفادت صباح أمس، أن «عناصر الأمن أوقفوا خمسة من أفراد عائلة رفسنجاني هم ابنته فائزة هاشمي، وابنتها وزوجة حسين مراشي، وابنته وكنته». وشقيقة مراشي الذي كان مدير ديوان الرئيس السابق، هي زوجة رفسنجاني. واستندت وكالة «فارس» المقربة من الحكومة، إلى مصدر مطلع أفاد أن تلك التوقيفات تهدف إلى «ضمان أمن» فائزة هاشمي، وأقارب آخرين لرفسنجاني، وحمايتهم من محاولات اغتيال محتملة قد يرتكبها مشاغبون و«منافقون»، بحسب التعبير المستخدم في إيران للإشارة إلى منظمة مجاهدي خلق المعارضة المسلحة الإيرانية، ومقرها في العراق. ودعمت فائزة رفسنجاني، موسوي، وقد شاركت في عدة تظاهرات احتجاجا على نتائج الانتخابات. من جهة أخرى، قال سياسي إيراني رفيع أمس، إن الأمور جاهزة لملاحقة موسوي، بسبب تحركه ضد الأمن القومي من خلال الدعوة لاحتجاجات. ونسبت وكالة أنباء «فارس» شبه الرسمية لعلي شاهروخي، رئيس اللجنة القضائية في البرلمان قوله: «إن دعوة موسوي لاحتجاجات غير قانونية، وإصداره بيانات مستفزة كانا مصدر الاضطرابات الأخيرة في إيران. ومثل هذه الأعمال الإجرامية يتعين مواجهتها بحسم».