مع قرب انتهاء دورتهم الانتخابية.. النواب العراقيون ما زالوا بعيدي المنال

ناخبون يشكون لـ«الشرق الأوسط»: يقضون أوقاتهم في السفر وبعضهم يتجاهلوننا

TT

بينما يقترب مجلس النواب العراقي الحالي من نهايته، بعد انقضاء نحو أربعة أعوام منذ أن تم انتخابه أواخر عام 2005، جزم عدد من العراقيين بأنهم لا يعرفون ممثليهم في مجلس النواب حتى الآن، كما أنهم لم يستطيعوا مقابلة أي عضو فيه أو حل مشاكلهم، مشيرين إلى أنهم كانوا قد انتخبوا قوائم وليست أسماء بعينها.

وفي لقاءات عشوائية أجرتها «الشرق الأوسط» في بغداد، قال عدد من أهالي العاصمة العراقية إنهم يستغربون أحيانا من وجود أسماء لا يعرفونها في البرلمان العراقي ثم يكتشفون أن هؤلاء هم من يمثلهم وأنهم انتخبوهم للوصول إلى مجلس النواب.

وقال عاصم الجبوري،43 سنة، وهو مدرس من سكنة الدورة «عندما تم اختطاف شقيقي الأصغر قبل عامين بحثت جاهدا عمن يمثلنا في مجلس النواب لكي يساعدنا بإطلاق سراح شقيقي أو في الأقل معرفة مكانه لكننا فشلنا في ذلك بعد أن بذلنا مساعي وجهودا كبيرة»، واستطرد قائلا «بعد فترة أخبرونا باسم ممثلنا في البرلمان، وهو من قائمة جبهة التوافق العراقية، وقد فشلنا في الاتصال به، لكننا وصلنا إلى أحد أقاربه الذي أخبرنا أن قريبه لا يمثل منطقتنا بل منطقة أخرى وأنه (عضو البرلمان) غير قادر على مساعدتنا»، وبعد ثلاثة أشهر من ذلك عثرنا على جثة شقيقي وهي مثقبة بمثقب كهربائي».

وقالت فوزية الخفاجي، متقاعدة، من سكنة حي أور ببغداد، لقد: تعرض بيت ابني الأكبر خالد القريب من بيتنا للهجوم ذات ليلة قبل عام من قبل قوات عراقية وأميركية وأطلقوا النار على ساقه ومن ثم اعتقلوه بتهمة الإرهاب مع أنه يعمل في مجال الفنون التشكيلية ولا علاقة له بالمذهبية أو الطائفية، وعجزنا عن معرفة مكان اعتقاله وعندما بحث والده عمن يمثلنا في البرلمان لمساعدتنا باءت جهوده بالفشل» وتستطرد هذه الأم قائلة «لكن هناك أحد الأصدقاء نصحنا باللجوء إلى النائب مثال الألوسي وقال إن مكتبه مفتوح ورقم هاتفه معروف، وبالفعل اتصل به زوجي وشرح له مشكلتنا وبالفعل تمكن من مساعدتنا حيث عرفنا مكان اعتقال ولدنا الذي أطلق سراحه بعد فترة».

ويشرح غازي الخالدي،42 سنة، معاناته من أجل مقابلة ممثلهم في البرلمان، فيقول «أنا من حي العدل ببغداد وتم تهجيرنا إلى خارج العاصمة وعندما استتبت الأمور الأمنية نسبيا وعادت بعض العوائل إلى بيوتها المجاورة لنا، حاولنا نحن أيضا العودة إلى بيتنا لكننا وجدنا أن دارنا قد استولى عليها أحد الأشخاص ووضع أمام بيته حماية، حارسا يحمل رشاشا، وقال لنا من الأفضل أن لا تقتربوا من هذا البيت واقترح علينا بيعه للشخص الذي يقوم بحمايته لكننا رفضنا، وبعد بحث طويل عن اسم هذا الشخص الذي استولى على دارنا اتضح انه ابن عم النائب الذي يمثلنا في البرلمان، لهذا اتجهت إلى مكتبه في حي العدل، لكنني وجدت ابن عمه أي الشخص الذي استولى على دارنا هو الذي يجلس في المكتب وأخبرني بأن أوفر الجهد وأبيع له بيتي وأنهم بحاجة له للمصلحة الوطنية، ورفضت، ورحت أبحث عن النائب الذي غالبا ما يكون في عمان، ثم توجهت إلى بناية قصر المؤتمرات وانتظرت خروجه من إحدى جلسات البرلمان، وعندما التقيته وشرحت له المشكلة أنكر أن له ابن عم وأنه استولى على بيتي وأدار لي ظهره ومشى».

وقريبا من قصر المؤتمرات، حيث مقر مجلس النواب(البرلمان) العراقي، التقت «الشرق الأوسط» مع مواطن قادما من مدينة الناصرية، وخلال لقائه مع ممثله في البرلمان، قال له «أنا جئت من الناصرية وأنتظرك هنا منذ الصباح الباكر وتحت أشعة الشمس ووسط العاصفة الترابية»، فأجابه ممثلهم بغير اهتمام «أنا انتهيت توا من الجلسة وتعبان جدا»، فأجابه مواطنه بأن قصته لا تتحمل التأجيل وأنه ذهب إلى المحافظ فقال له اذهب إلى ممثلكم الذي انتخبتموه ليحل مشاكلكم» «وها أنا قد جئت إليك»، لكن عضو البرلمان صعد سيارته ولم يهتم لمواطنه.

وتعلق بتول صالح، موظفة في أحد المصارف العراقية، حول مقابلة عضو مجلس النواب بقولها «ما أصعب الوصول إليه»، مشيرة إلى أن «أعضاء البرلمان لا عناوين لهم وغالبيتهم إما يقيمون خارج العراق وخاصة في عمان أو خلف أسوار المنطقة الخضراء بعيدا عمن انتخبوهم وأوصلوهم إلى البرلمان».

وتذكر بتول حادثة ظريفة فتقول «بحثنا أنا وزوجي عن عضو البرلمان(....) الذي يفترض أنه يمثلنا ونحن قمنا بانتخاب قائمته ليساعدنا في قضية مشروعة وهي إعادة زوجي المفصول إلى عمله، لكننا عجزنا عن ذلك لسفره الدائم، والغريب أننا التقينا هذا النائب في إحدى سفراتنا إلى عمان في أحد الفنادق الراقية، وعندما شرح له زوجي معاناته خلال البحث عنه، أجابه النائب بأنه في عمان لحضور مؤتمر عن العراق وفي مهمة وطنية».

النائب رضوان الكليدار، عضو مجلس النواب عن القائمة العراقية والمتحدث باسمها قال لـ«الشرق الأوسط» إن «بإمكان أي مواطن سواء كنا ممثليه أو لا بإمكانه مراجعتنا عن طريق مكاتبنا سواء في بغداد أو المحافظات، وهناك العشرات من العراقيين يأتون إلى مكتب العراقية في بغداد لمقابلة أعضاء مجلس النواب من القائمة العراقية، أو مراجعة مكاتبنا في بقية المحافظات»، مشيرا إلى أن مكتبه في مدينة النجف معروف ومفتوح للجميع، ونحن نعمل على مساعدة المواطنين في حل مشاكلهم».

أما النائب مثال الألوسي، رئيس حزب الأمة العراقية فقد أكد أن «مكتب الحزب في بغداد مفتوح أمام الجميع وأنه لا يسال أي مواطن عن ممثله أو موقع سكنه ذلك لأن مهمتي كعراقي أولا وأخيرا هي مساعدة العراقيين، لهذا نحن قمنا مثلا بإعادة عدد كبير من المهجرين إلى بيوتهم في حي الجامعة ومناطق أخرى، كما أننا نقوم حاليا بالدفاع عن العراقيين الذين كانوا في الكويت واعتبروا بدون وتم تسفيرهم إلى العراق ونطالب بحقوقهم المعنوية والمادية من الحكومة الكويتية».