ديفيد ماكوفسكي: أميركا ستفاوض إيران حول برنامجها النووي بغض النظر عن من يتولى السلطة

الكاتب المقرب من دينيس روس قال لـ«الشرق الأوسط»: إن مسؤولياته ستوسع في البيت الأبيض

TT

في وقت تشهد إيران تقلبات يومية، على إثر نتائج الانتخابات الإيرانية الرئاسية، ومسيرات التظاهر ضدها، كان من المتوقع أن يكون لدى المندوب الأميركي الخاص لقضايا إيران والخليج دينيس روس، صوت أو على الأقل تأثير ملموس، إلا أن روس لم يدل بأي تصريحات، أو لم يتم تسريب أي معلومات حول موقفه من هذه التطورات. وهناك سببان وراء ذلك، أولا أن الإدارة الأميركية حريصة جدا في الخطوات التي تتخذها في التعامل مع هذه القضية، وقد تركت التصريحات حول إيران للرئيس الأميركي باراك أوباما، والناطقين الرسميين للإدارة. أما السبب الثاني هو أن وضع دينيس روس، والملف المعين الذي سيديره أمر غير معروف حاليا، فمن المتوقع أن ينقل إلى البيت الأبيض في دور جديد تتم تسريبات كثيرة حوله ولكن لم يؤكد بعد. ولكن أفكار روس تجاه إيران معروضة في الكتاب الذي نشره مؤخرا، مع الأستاذ في «معهد واشنطن لدراسة الشرق الأدنى» ديفيد ماكوفسكي، تحت عنوان «الأساطير.. الأوهام والسلام.. إيجاد اتجاه جديد لأميركا في الشرق الأوسط». والتقت «الشرق الأوسط» ماكوفسكي، للحديث عن التطورات في إيران، وتعامل الإدارة الأميركية معها، بالإضافة إلى الكتاب الذي يقول فيه ماكوفسكي وروس، إن لدى الولايات المتحدة «حاجة كبيرة لتغير تصرفات إيران في ما يخص برنامجها النووي وفي المنطقة». وأضافا في الفصل السابع حول التعامل مع إيران، «يجب أن نبحث نقاط ضعف إيران، وأن نستفيد منها»، ليطالبا بـ«التواصل مع إيران من دون شروط ولكن مع ضغوط». ولفت ماكوفسكي، لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه بالنسبة إلى الولايات المتحدة، «السياسة النووية في أيدي المرشد الأعلى خامنئي، فحتى إن فاز موسوي، سيكون علينا التعامل مع ذلك، وحصول إيران على أسلحة نووية كما قال الرئيس أوباما، ستغير الواقع في المنطقة، سيطلق ذلك سباقا نوويا في المنطقة». وأضاف: «هناك شعور بأن حصول إيران على سلاح نووي سيغير الوضع في المنطقة، فبغض النظر عن من سيكون بالسلطة، ستتواصل الولايات المتحدة مع من في السلطة الآن، وهذا لا يعني أن الولايات المتحدة سترضخ لتلك السلطة، وكثيرا ما تكون هناك مشكلة في التفريق بين الحالتين». وأشار ماكوفسكي، إلى أنه كتب مع دينيس روس عن هذه الرؤية، قائلا: «روس الآن في السلطة، ونحن قلنا في الفصل الثالث من كتابنا عن إيران، نقول نعم تواصلوا مع إيران ولكن لا تقولوا إنه أمر مفتوح، يمكن أن يماطلوا، بينما يطورون برنامجهم النووي». وأضاف: «الولايات المتحدة لا تريد أن تهدد إيران، لكن في الوقت نفسه تحاول بشكل هادئ خلق إجماع بين الدول المعنية حول هذه القضايا». وشدد على أن «المفاوضات مع آيات الله، في ما يخص الملف النووي ليست ضعفا، ولكن المفاوضات يجب أن تكون من دون أوهام، وإذا فشلت المفاوضات من الأفضل أننا حاولنا وفشلنا من أن لا نحاول أساسا». وأضاف: «علينا أن نركز على التفاوض بروح جيدة، وهذا ليس فقط تكتيكا، أمام الإيرانيين خيار التفاوض ولكن إذا رفضوا حينها سيكون ذلك تكتيكا وعلينا التعامل معه». وحول رد الإدارة الأميركية على التطورات في إيران منذ انتخابات 12 يونيو الماضي، قال ماكوفسكي: «هناك نقاش فعال هنا في الولايات المتحدة، حول إذا كان رد أوباما معبرا بالشكل الكافي، ومن الواضح أنه قلق من نتائج احتضانه لـ«المعارضة» وإمكانية رد فعل عكسي لمثل هذه الخطوة، ويساعد النظام أن يلطخ الحركة بأنها صنيعة أميركا». وأضاف: «التوصل إلى التوازن الصحيح ليس بالأمر السهل». واعتبر ماكوفسكي، أن «سياسة أميركا الخارجية تحاول دائما خلق توازن بين مصالح الولايات المتحدة وقيمها»، مضيفا: «قيم الولايات المتحدة إلى جانب المتظاهرين الإيرانيين، ليس هناك شك في ذلك، وأظن مصالحنا أيضا بجانب نجاح المتظاهرين, ولكن السؤال هو كيف رسم الخط بين الرغبة في التقارب من أشخاص يريدون الإصلاح، وفي الوقت نفسه عدم خلق التوقعات بأن أميركا ستخلصهم من أمر ما، أو أن يستخدم آيات الله ذلك بطريقة تجعل الولايات المتحدة هي العدو». وتابع: «ليست هناك مشكلة في القول بأن الولايات المتحدة تدعم الإصلاح، وهذا لا يعني أننا نطالب بثورة». وشدد ماكوفسكي، على أن «النظام الإيراني يتقوى من خلال المعارضة لإيران، وهم ينتظرون مثل هذا الأمر ليحصلوا على نقاط سياسية». وأضاف: «لا يوجد شك في أن نظاما يعاني من نقص الشرعية سيشكل تحديا للولايات المتحدة، ولكن في السابق الولايات المتحدة كانت قادرة على التعامل مع الاتحاد السوفياتي بشكل مزدوج، تفاوضنا في ما يخص الأسلحة النووية مع عدد من الرؤساء الروس، ولكن في الوقت نفسه تحدثنا بشكل واضح حول قضية حقوق الإنسان وهذا لا يعني المطالبة بتغيير النظام». وفي ما يخص مستقبل روس وموقعه في الإدارة الأميركية، قال ماكوفسكي: «سننتظر إعلان البيت الأبيض حول هذه المسألة، ولكن ما يقوله مسؤولون من وزارة الخارجية الأميركية بشكل خاص للصحافيين، هو أنه سيكون لديه مسؤوليات موسعة، أفهم أنه سيبقي الملف الإيراني بالإضافة إلى مسؤوليات جديدة». وأضاف: «علينا الانتظار لمعرفة ما هي المسؤوليات الإضافية، إذا كانت إسرائيل أو العراق أو التخطيط الإستراتيجي»، موضحا: «دينيس روس من أكثر الناس معرفة في الولايات المتحدة حول الشرق الأوسط، وهو لا ينظر إلى الأمور من خلال الشعارات أو السطحية، بل كل أمر يلمسه يحاول فهمه من خلال تفاصيل دقيقة». وتابع: «إنه شخص يفهم أهمية التعايش والكرامة للجميع، ويفهم الأمور الحساسة، سيكون أمر رائع للولايات المتحدة إذا تمت توسيع صلاحياته». ويذكر أن روس وماكوفسكي، ركزا على عملية السلام في كتابهما، رافضين فكرة «الربط» بين جميع التطورات في المنطقة، وضرورة حل النزاع العربي الإسرائيلي. وقال ماكوفسكي: «أعتقد أن في بعض وسائل الإعلام الفضائية أن القادة «العرب» يقولون لشعوبهم ما لا يقولونه للمسؤولين هنا، فمثل ما قال الرئيس أوباما، هناك فراغ بين التصريحات العلانية والخاصة». وأضاف: «بشكل خاص اتفق مع رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، الذي قال لي، لا يمكن الحديث مع قائد عربي لأكثر من 10 دقائق، إذا لم يتحدث عن إيران»، موضحا: «لكن لسبب ما لا يستطيعون الحديث عن ذلك علنا، وإلى حين غلق الفرق بين التصريحات، سيبقى الشعب العربي يؤمن بأن هناك مؤامرة كبيرة». ولكن عند الإصرار عليه على جوهر القضية الفلسطينية للعرب، قال ماكوفسكي: «سأعترف هذا موضوع يثير المشاعر، وفي عالم مثالي تريد أن تأخذ بطاقة الضغط النفسي الذي يستخدمه المتطرفون». وأضاف: «نسمع من القادة العرب أنه إذا حلت مشكلة الشرق الأوسط ستنحل كل المشكلات، ولكن منذ 11 سبتمبر 2001 الأميركيون لا يؤمنون بذلك»، موضحا: «إذا قمنا بحل النزاع العربي الإسرائيلي، سيبقى الإيرانيون يسعون للحصول على سلاح نووي».