الصراع العربي ـ الكردي في الموصل يراوح مكانه وسط تحذيرات من تفاقمه

مسؤول عسكري أميركي: تنظيم القاعدة يحاول إذكاء التوتر

TT

في طريق ممتد وهادئ محاط بالتلال الناعمة شمال مقاطعة نينوى، تقع نقطة تفتيش يتخوف الكثيرون من أن تصبح الجبهة التالية للصراع حول القضايا الأزلية المتعلقة بالأرض والسلطة اللتين تفصلان بين العرب والأكراد.

وإلى الغرب منها تقع الموصل عاصمة المقاطعة، ومعقل المتمردين التي يحكمها منذ أبريل (نيسان) الماضي مجموعة من القوميين العرب المتشددين الذين يسعون لتأكيد هوية نينوى العربية. وإلى الشرق منها، تقع سلسلة من المدن الأكثر كردية والأكثر هدوءا والتي تعتبر اسميا جزءا من نينوى ولكنها تحكمها قوى البيشمركة الكردية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق في 2003. وينجم التوتر الحديث في المنطقة عن رفض الأكراد قبول سلطة المحافظ العربي الجديد أثيل النجيفي في المنطقة إلا إذا حصلوا على مواقع في مجلس مدينة الموصل الذي يسيطر عليه حاليا تحالف «لحدباء» التابع للنجيفي. وعندما حاول النجيفي زيارة بعشيقة الشهر الماضي، احتشد المحتجون المسلحون بالبيض والطماطم في الشارع لإعاقة طريقه، وقد اتصل حرس البيشمركة في نقطة التفتيش بقوات الأمن العراقية لتحذير المحافظ للابتعاد عن ذلك الطريق.

ويقول النجيفي إنه لن يتفاوض حتى تنسحب ميليشيات الأكراد من نينوى وتسمح للجيش العراقي بفرض سيطرته. وقد تعهد بإعادة العرب إلى المناطق التي استولى عليها الأكراد عقب سقوط نظام صدام حسين.

وتختلط في ذلك النزاع القضايا الدستورية بالضغائن القديمة المتعلقة بالعرق والأرض والموارد. ويقول جوست هلترمان من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات التي يقع مقرها في بروكسل إنه في الوقت الذي تستعد فيه القوات الأميركية للانسحاب من العراق، أصبح الخطر المحتمل حقيقيا، مضيفا: «إنه خطير للغاية، فكلا الجانبين متمسك برأيه بعناد والشيء الوحيد الذي يمنع القتال بينهما حتى الآن هو وجود الأميركيين الذين كانوا يحاولون التوسط ومنع كلا الجانبين من استخدام القوة العسكرية».

ويقول البريغادير جنرال روبرت براون إن الجيش الأميركي غير منحاز لأي من الجانبين في النزاع الكردي ـ العربي ولكنه تواق لإقناع الجانبين بمناقشة مشكلاتهم وما زالت القوات الأميركية موجودة. ويرى براون أن هناك عاملا غير متوقع في ذلك الصراع في يد المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة في العراق التي تحرص على استمرار وجودها في الموصل. ويضيف براون «تحاول (القاعدة) دائما إذكاء التوتر وكما فعلوا بين السنة والشيعة فإنهم يفعلون الآن بين العرب والأكراد».

وقد هيمن الأكراد على مجلس محافظة نينوى قبل الانتخابات في يناير (كانون الثاني) لأن السنة قد قاطعوا التصويت في يناير (كانون الثاني) 2005. ولكن الآن يخشى الأكراد على مستقبلهم كأقلية في العراق.

ويصف حسن نرمو عمدة شيخان ـ واحدة من مدن ومقاطعات نينوى الخمس عشرة الرافضة للاعتراف بسلطة إدارة الحدباء ـ الحزب العربي بأنه مجموعة متشددة للغاية، قائلا: «نعتقد أنهم يمارسون نفس السياسات التي كان يمارسها النظام السابق، فهم يريدون احتكار السلطة وذلك هو ما أودى بالعراق قبل ذلك إلى الجحيم».

وتتعلق معارضة الأكراد لسلطة العرب بقضايا أخرى بخلاف تكوين مجلس المقاطعة. فما يقع على المحك هنا هو هوية ديمقراطية الشباب العراقيين وما إذا كانت سوف تستمر لكي تكون على أساس الإجماع الذي يحدد تكوين حكومات مع بعد الغزو أو أنها سوف تتطور إلى شكل من أشكال الحكم وهو حكم الأغلبية. ويقول الأكراد إن رفض النجيفي إعطاءهم مواقع في المجلس يعد مخالفا لروح الإجماع الذي تم سن الدستور على أساسها.

وقد أيد رئيس الوزراء نوري المالكي مواقف مشابهة للنجيفي، مؤكدا رغبته في مد سيطرة الجيش على كافة مناطق العراق والتعبير عن تفضيله لحكم الأغلبية. ولكنه لا يستطيع تحمل إبعاد الأكراد؛ حلفائه في حكومته الائتلافية في بغداد.ويقول سعدي بيره وهو مسؤول بارز في واحدة من فصائل الأكراد الرئيسية في كردستان العراق عاكسا شكوك الأكراد الكبيرة حول موقف المالكي: «نحن قلقون من أنه يلعب دورا مزدوجا، وهذا أمر خطير في العراق». وما يزيد من تعقيد القضية هو طموح الأكراد بضم المنطقة إلى منطقة كردستان العراق التي تخضع لنظام شبيه بالحكم الذاتي. ويقول هلترمان إنه مع وجود انتخابات عامة في يناير (كانون الثاني) فإنه من المستبعد أن يتوصل السياسيون إلى تسوية خلال الشهور المقبلة. وربما يتفاقم النزاع ويمتد إلى العام المقبل ويظل بلا حل حتى أغسطس (آب) 2010 وهو الموعد المقرر لكي يسحب الجيش الأميركي قواته المقاتلة.

ويشعر بعض الأكراد بالانزعاج من موقف الولايات المتحدة المحايد والذي يعتبرونه خيانة بعد مساندة الأكراد لهم خلال المراحل الأولية من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، فهم يخشون أنه ما إن تنسحب القوات الأميركية فإن الأكراد سوف يجدون أنفسهم بدون حلفاء في منطقة كانت دائما معادية لطموحاتهم القومية. ويقول نرمو عمدة شيخان: «بالتأكيد، سيجعل انسحاب القوات الأميركية الوضع أسوأ لأن القضايا في العراق لم تحل بعد».

* خدمة «نيويورك تايمز»