الحريري في انتظار التعاون الإيجابي من دون ثلث معطل.. وبري لرئاسة مجلس النواب ينافسه صقر

TT

يجتمع النواب اللبنانيون المنتخبون غدا لاختيار رئيسهم، ومن ثم ينتظرون دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لهم خلال أيام ليشاركوا في الاستشارات الملزمة، ويسموا مرشحهم لتولي رئاسة الحكومة العتيدة. وفي حين تشير المعطيات التي سبقت الانتخابات وتلتها إلى أن إعادة انتخاب الرئيس الحالي للمجلس نبيه بري مسألة محسومة، لا تزال شخصية رئيس الحكومة العتيدة غير محددة بصورة نهائية بسبب التجاذب الحاصل بين قوى الأكثرية والأقلية. ففريق «14 آذار» كان أعلن قبل الانتخابات رفضه منح فريق «8 آذار» «الثلث المعطل» في الحكومة إذا فاز بالأكثرية النيابية. وهو لا يزال عند موقفه. وفي المقابل يحاول فريق الأقلية التشديد على ضرورة المشاركة «لحماية السلم الأهلي وتفعيل أداء المؤسسات ومواجهة الخطر الإسرائيلي»، ولكن من دون إعلان شروط هذه المشاركة وطبيعتها.

وبانتظار بلورة صيغة التسوية التي ستسفر عنها تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة بعدما أعلن رئيس الأكثرية النائب سعد الحريري أنه متريث بشأن تولي هذه المسؤولية من دون ضمانات تؤكد رغبة الأقلية بتعاون إيجابي من دون عرقلة، يعود اسم رئيس الحكومة الحالي فؤاد السنيورة إلى التداول، كونه الوحيد الخبير في مواجهة العرقلة والشروط التعجيزية وإدارة الأزمات. وفي عودة إلى انتخابات البرلمان يبقى واضحا أن النواب المنتخبين سيعيدون رئيس مجلس النواب الحالي نبيه بري إلى الرئاسة التي يتولاها منذ 17 عاما، لا سيما أنه المرشح الوحيد للكتلتين الشيعيتين الرئيسيتين «أمل» و«حزب الله» والمرشح التوافقي لعدد من قادة «14 آذار». إلا أن النائب الشيعي في كتلة «زحلة بالقلب» عقاب صقر قرر «عدم تثبيت المبايعة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه سيعلن ترشحه لرئاسة المجلس النيابي، وذلك خلال مؤتمر صحافي يعقده اليوم ويقدم خلاله برنامجا يوضح فيه أسباب قراره. وأضاف: «قررت أن أترشح لرئاسة المجلس النيابي من أجل حماية الديمقراطية في لبنان. وانطلاقا من كوني أحد ممثلي الشعب في المؤسسة التشريعية الأم، اعتبرت أنه لا يجوز أن يأتي رئيس لهذه المؤسسة بالمبايعة ومن دون انتخابات». وفي حين أشار إلى معرفته المسبقة بعدم فوزه، أوضح: «لا أترشح لأنجح في الوصول إلى رئاسة المجلس ولكن لتنجح الديمقراطية». وردا على سؤال عن تنسيقه مع حلفائه في فريق «14 آذار» وتحديدا في تيار «المستقبل» أفاد صقر: «أعلمتهم بالأمر، فنصحني بعضهم بعدم الإقدام على هذه الخطوة واستاء مني البعض الآخر. لكن قراري لا يخرب السلم الأهلي ولا يمس الدستور أو يخالفه ولا يهدف إلا إلى رفض تثبيت ظاهرة التعيين التي تضر بمجلس النواب تحديدا، وبالشيعة في لبنان عموما. فالشيعة اللبنانيون ينتمون إلى طائفة تؤمن بالديمقراطية وتزخر بالكفاءات ولديها القدرة على تقديم الخيارات. وما تتعرض له من قمع للتغيير والاختيار سيؤدي بها إلى العقم. وحتى لا تتم المبايعة سأعلن ترشحي لأني أملك هذا الخيار ولو كانت شخصية رئيس المجلس محسومة». واعتبر صقر أنه «بعد 17 عاما من شبه التعيين لرئيس مجلس النواب يحق لنا كممثلين للشعب أن نختار هذا الرئيس عبر الانتخاب، فأنا من الذين يرفضون التعيين، لأن هذا الأمر يشكل وصمة للعملية الديمقراطية. ولن أسمح بأن أكون شاهد زور على مبايعة تسمى انتخابا. وترشحي دليل صحي على سلامة هذه العملية وتكريس لحرية الرأي والاختيار ولا يتناقض مع الانتماء الوطني. وهو ليس قرارا حزبيا لأن فريق 14 آذار ليس حزبا». وكان رئيس الجمهورية الأسبق الرئيس الأعلى لحزب «الكتائب» اللبنانية أمين الجميل أكد أن كتلة الحزب «لن تنتخب بري رئيسا للمجلس، وذلك انطلاقا من التزام الحزب وعوده وبرنامجه الانتخابي. ولا يمكننا انتخاب رموز يتناقض موقفها مع أهدافنا». وأشاد الجميل بصداقته لبري، ليقول: «لكن موقفنا السياسي في ما يتعلق بانتخابات مجلس النواب ستكون ورقة بيضاء في حال عدم ترشح أحد. وبذلك نكون منطقيين مع أنفسنا ونحقق ما وعدنا به». قادة فريق «14 آذار» الذين اكتفوا حتى تاريخه بالإعلان عن مواقف متباينة من إعادة انتخاب بري، يتجهون إلى عقد اجتماع اليوم لبحث قرارهم النهائي. وكان النائب في كتلة البقاع الغربي روبير غانم أشار إلى أن القرار لدى قوى «14 آذار» لم يتخذ بعد. وقال: «هناك اجتماع للكتل النيابية لقوى 14 آذار غدا وسيتم اتخاذ القرار. وأعتقد أنه ليس هناك مرشح سوى الرئيس بري». الأقلية النيابية لا تجد ضرورة لمناقشة مسألة انتخابات رئاسة المجلس. وفي حين يجمع نواب حركة «أمل» على رفض أي شروط تتعلق بإعادة انتخاب بري، ينتقل نواب «حزب الله» إلى بحث التشكيلة الحكومية. وفي هذا الإطار يقول رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد: «انتهت الانتخابات النيابية ولا تزال الفرصة متاحة للنهوض بلبنان من أزمته الداخلية عبر اعتماد التوافق أساسا للحكم استنادا إلى وثيقة الميثاق الوطني وتقديرا للوحدة الوطنية التي تحصن البلاد ضد الأخطار والاستهدافات الإسرائيلية العدوانية التي باتت تمثل خطرا واضحا في هذه المرحلة وخصوصا في ظل التمادي العنصري الاستيطاني الذي ينذر بكارثة قومية جديدة في فلسطين والمنطقة». ويصف عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي خريس شروط بعض القوى النيابية لانتخاب بري لولاية جديدة بأنها «غير مقبولة، لا بل مرفوضة وغير طبيعية». ويقول إن «بري ليس في حاجة لفرض شروط عليه، فهو قاد المجلس النيابي منذ العام 1992 وكل قادة البرلمانات الإسلامي والعربي والدولي يشهدون على دوره وعلاقاته ومواقفه الوطنية».