أجمع أهالي محافظة البصرة على بهجتهم بقرب موعد إغلاق معتقل بوكا الأميركي الذي يعد واحدا من أكبر المعتقلات في المنطقة العربية والإقليمية، وأحد أبرز مظاهر الوجد الأميركي في العراق.
ووصف الدكتور شلتاغ عبود محافظ البصرة هذا الحدث بـ«الكبير» وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه التقى بعدد من كبار المسؤولين الأميركيين للتباحث حول آلية غلق المعتقل ونقل موجوداته إلى السلطات المحلية بعدما تفرغ القوات الأميركية من أطلاق أكبر عدد من المعتقلين ممن لم يثبت تورطهم بأعمال عنف وإحالة بقية المتهمين إلى القضاء العراقي، غير أنه لم يحدد تاريخا محددا لإغلاق المعتقل واكتفى بالقول «قريبا».
من جانبه، أكد جبار أمين، رئيس مجلس المحافظة «أن اختيار القوات الأميركية مدينة البصرة مكانا لأكبر معتقل في المنطقة هو إساءة كبيرة لدور البصرة الحضاري والإنساني الذي اشتهرت به منذ أزمنة بعيدة، إذ يتذكرها الأطفال والكبار في كل أرجاء المعمورة عند اطلاعهم على مغامرات السندباد البحري الذي انطلق منها، ويجلها طلبة علوم اللغة والأدب والفقه والنحو وهم ينهلون من علوم مدرستها النحوية، فهي مدينة أنشودة المطر والمملكة السوداء والتمر البرحي وملتقى النهرين».
ويرى حيدر المنصوري، رئيس نقابة الصحافيين بالمحافظة «أن إطلاق القوات الأميركية اسم الاطفائي بوكا وهو واحد من ضحايا تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول)التي هزت الولايات المتحدة الأميركية، يحمل دالة ثأرية انتقامية ردا على القائمين بالتفجيرات». وأضاف «أن ذكر الاسم بوكا يجعل الجنود الأميركيين في العراق يستذكرون الحادث، مما يجعل ردود أفعالهم عنيفة ضد الأهالي».
وأطلق الجيش الأميركي اسم بوكا على المعتقل نسبة إلى رونالد بول بوكا الذي كان يعمل اطفائيا في دائرة الإطفاء بنيويورك، وقضى حتفه في الهجوم الذي طال برجي التجارة العالميين عام 2001 عندما انهار أحد المبنيين بينما كان بوكا يحاول إخماد الحريق في الطابق الثامن والسبعين بداخل أحد البرجين. وقال المنصوري «إن الكثير من سكان المدن يحملون ذكريات جميلة عن البصرة قبل الاحتلال وأن وجود هذا المعتقل في المدينة جعل ذكريات المعتقلين وذويهم خلال زياراتهم للمعتقل سوداء، وإن غلق المعتقل يعد من أهم أحداث العام الحالي كونه حدثا تاريخيا».
وكان الجنرال ديفيد كونتر قائد قوة المهام 134 مسؤول شؤون معتقلات قوات التحالف في العراق قال «إن هناك حديثا عن إغلاق المعتقلات التي بحوزة قوات التحالف، وإن من بين المعتقلات التي تتطلع القوات لإغلاقها معتقل بوكا، إذ من المؤمل إغلاقه في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل»، مشيرا إلى أن نقاشا يدور حول مستقبل هذا المعتقل بعد إغلاقه، إذ إن هناك عدة خيارات تتم مناقشتها مع الجانب العراقي من بينها أن تستخدمه القوات لتسهيل عمليات انسحابها من الجنوب، منوها إلى أن المعتقلين هناك سيتم إطلاق سراح قسم منهم والجزء الآخر سيتم تسليمه إلى الجانب العراقي.
وشدد الجنرال ديفيد كونتر على «أن قوات التحالف ستسلم الجانب العراقي جميع المعتقلين العراقيين والأجانب، إذ تم تسليم 37 من المعتقلين الأجانب إلى العراق ولم يتبق سوى 96 منهم»، موضحا «أن الحكومة العراقية ترغب بتسلم الأجانب على شكل دفعات لدراسة قضاياهم بشكل مستفيض ومن المؤمل أن يتم تسليمهم بشكل كامل نهاية أغسطس (آب) المقبل». وأوضح ديفيد للصحافيين أن عدد المعتقلين لدى قوات التحالف الآن يبلغ 10826 معتقلا، مبينا أن هذا العدد أقل بكثير مما كان عليه في المدة السابقة. وأكد «أن القيادة أنهت اجتماعها الثالث مع اللجان الفرعية العراقية لوضع آلية لإطلاق سراح المعتقلين لديها إلى جانب تسفير قسم منهم إلى السلطات العراقية».
وقال الجنرال ديفيد إن قوات التحالف لديها الآن بحدود 19 من الإحداث في معتقلاتها بعد أن كان عددهم أكثر من 900، متوقعا أن تشهد الأسابيع القليلة المقبلة، إما إطلاق سراحهم أو تسفيرهم إلى الجانب العراقي لا سيما أن هناك تنسيقا مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لنقلهم إلى أماكن مناسبة. وأكد أن قيادة المعتقلات مستعدة لتقديم الدعم وتبادل المعلومات والخبرات مع الجانب العراقي بهذا المجال، وأن هذا الأمر مدرج في أحد بنود الاتفاقية الأمنية.