تثير دعوات إلى الاستعاضة عن رؤوس الأموال، التي ستؤمنها الشركات الأجنبية لتطوير القطاع النفطي العراقي، بأموال عراقية من خلال طرح الشركات النفطية المحلية للاكتتاب العام، وجعل الشعب شريكا رئيسيا مع هذه الشركات الأجنبية، بدلا من الاكتفاء بشركاء محدودين، مخاوف من إمكانية هيمنة بعض الشخصيات السياسية النافذة أو شخصيات اقتصادية أو شركات وحتى أصحاب رؤوس أموال على هذا القطاع، من خلال دخولهم كمساهمين أو شركاء مع الشركات الأجنبية.
وقالت عضو البرلمان العراقي، ميسون الدملوجي لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك الكثير من الاستفسارات حول موضوع استثمار آبار النفط، مثلا كيف ستحل الخلافات بين وزارة النفط وهذه الشركات إن حدثت مستقبلا؟ وكذلك لماذا لا تكون هناك عطاءات من شركات عراقية، ولهذا استضفنا وزير النفط (حسين الشهرستاني)، ولكن الاستجواب لا يزال قائما»، في إشارة إلى استضافة البرلمان الشهرستاني أول من أمس.
وبشأن مخاوف البعض من هيمنة بعض الشخصيات السياسية والاقتصادية على الاستثمار بالمجال النفطي، بحجة الشراكات مع الشركات الأجنبية، قالت النائبة، «ليس هناك وحتى الآن أية شركات عراقية تتخصص بالقطاع النفطي فقط، هناك شركات حكومية متمثلة في شركات الاستخراج والتكرير وغيرها، وهنا أتوقع أن وزارة النفط تقصد إشراك شركات عراقية في الشركات العامة وليس الخاصة، كما أن الأجنبية ستخصص جزءا من أرباحها لتدريب كوادر عراقية ضمن هذه الشركات، وعلينا اللحاق بالعالم، فلماذا الخبراء العراقيون يقودون القطاعات النفطية في اغلب بلدان العالم وبلدنا يخلو منهم؟». من جهته، قال وزير النفط العراقي السابق، إبراهيم محمد بحر العلوم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ليس هناك تصور خاص بالعقود المطروحة حاليا بالنسبة لدفع القطاع الخاص العراقي للأمام، وهنا الشروط الموجودة تتطلب تنافسية عالية وبشكل يهمش القطاع الخاص العراقي؛ لان الشركات العالمية تؤثر على وجوده، وحاليا نسعى من خلال هذه التراخيص إلى تطوير القطاعين الخاص والعام، ولا اعتقد أن الشراكات كافية لخلق قطاع خاص عراقي قادر على المساهمة مع القطاع العام لإدارة النفط، ووفق تصوري فان هذه العقود هي في نقيض من مشروع قانون النفط والغاز، الذي يؤكد على حقيقتين هما ضرورة الاستثمار الوطني بالقطاع النفطي وضرورة إشراك القطاع الخاص بمهام النفط، والعقود الحالية لا تغطي هاتين الحقيقتين، وسيهمش القطاعين العام والخاص».
وبين بحر العلوم، أن «القطاع الخاص العراقي مبعثر ومهمش ومحتاج لدعم، لكن هناك مسؤولية على الشركات الأجنبية لدعم هذا القطاع، وبخلافه سنفقد فرصة مستقبلية لتنشيطه، وإذا اتبعت الحكومة آليات بهذا الصدد كما حدث في إقليم كردستان، وعلينا دراسة هذه التجربة وتفعيلها، نعم هناك إمكانيات جيدة وأموال كبيرة عراقية، لكن علينا جذبها وتجميعها وتوجيهها، والعقود الحالية تتعلق بقطاع الاستخراج، وهي صناعة معقدة ومع ذلك هنالك شركات أو خبرات محلية يمكن تشجيعها لجذب رؤوس أموال للداخل برعاية حكومية، وأنا مع توجيه القطاع الخاص وبناء الدولة العراقية وبناء اقتصاده بالتعاون مع الأجنبي لإدارة هذه القطاعات، أما في مجال التحويل فهناك قدرات جاهزة تتحمل هذه المسؤولية، ولكن بشكل تكاملي مع الاستخراج والتكرير والتوزيع».
وأثار وزير النفط السابق إمكانية «خصخصة الشركات النفطية وطرحها للاكتتاب العام، وان يشارك الشعب، وخلق علاقة بين الشركات النفطية والمواطنين، ولكن بشكل منصف وعادل وتفعيلها على مستوى وطني وليس تجاريا ضيقا، وهنا يتطلب إعادة تشكيل شركة النفط الوطنية وامتلاكها الاستقلالية المالية والمعنوية بمساهمة الشعب». من جهته، أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، انه لا يوجد لدى الحكومة حاليا أي تفكير باتجاه الخصخصة الكاملة للقطاع النفطي العراقي، أو أية شركات أخرى مملوكة للدولة في القطاعات الأخرى غير النفطية. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك توجها لإعطاء فرصة للشركات العراقية في الدخول في شراكات وتعاقدات وتمثيل تجاري وتعاون بمستويات مختلفة مع مطوري القطاع النفطي، حيث لم تتوفر هذه الفرصة سابقا لبناء شركات عراقية في قطاع النفط والغاز رغم قدرات العراق النفطية». وبين الدباغ، أن «التفكير بطرح أسهم أو الاكتتاب على أسهم شركات نفطية عراقية عامة بدلا من الاعتماد على رؤوس أموال أجنبية هو أمر غير ممكن وبعيد، ولا يمكن التفكير به حاليا، والحكومة ستلتزم بالحلول التي تحقق هدفا واحدا، وهو أن النفط والغاز هما ملك لكل الشعب العراقي، ولا توجد قوالب ثابتة تتعامل معها الحكومة في استثمار النفط، بل هناك أفكار متجددة نأخذ بها كلما أثبتت جدواها وفائدتها للشعب العراقي، ولدينا عقود خدمة حاليا تطرحها وزارة النفط، وواحد من معايير التفاضل هو وجود شريك استراتيجي عراقي».