الإدارة الأميركية تقرر إرسال سفير إلى سورية.. ودمشق تأمل بعودة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل 2005

في إطار «الحوار المباشر» ومعالجة مصادر القلق

TT

أكد مسؤول في الإدارة الأميركية أمس أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيوفد سفيرا إلى دمشق، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن القرار «يعكس الاعتراف بأهمية الدور السوري في المنقطة، وأملنا أن الحكومة السورية ستلعب دورا بنّاء لدعم السلام والاستقرار في المنطقة». وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه مفضلا التصريحات الصحافية للناطق باسم البيت الأبيض إن إدارة أوباما «مستعدة للمضي قدما مع سورية من أجل دفع مصالحنا من خلال الحوار المباشر المتواصل».

ويأتي قرار أوباما إعادة السفير الأميركي إلى دمشق، بعد 4 سنوات من قرار الرئيس الأميركي السابق جورج بوش سحبه، تماشيا مع سياسته الداعمة للحوار المباشر. وكان أوباما قد أعلن رغبته في حوار مباشر مع سورية وإيران من أجل العمل على استقرار الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن إيران لم تُبدِ تحمسا لمبادلة أوباما الرغبة في الحوار، أبدت سورية رغبتها في ذلك، مما أدى إلى زيارات لكبار المسؤولين الأميركيين إلى دمشق، على رأسهم موفد أوباما للسلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل بداية الشهر الحالي. وكان ميتشل قد بحث مع السوريين دورهم في تحقيق السلام الشامل في المنطقة، وهو الهدف الذي يسعى أوباما لتحقيقه خلال ولايته الرئاسية الأولى. وكانت زيارتان قام بهما القائم بأعمال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان، ورئيس قسم الشرق الأوسط في مجلس الأمن الوطني الأميركي دانيال شابيرو، إلى سورية في مارس (آذار) ومايو (أيار) الماضيين، أساسيتين في توطيد العلاقات بين الطرفين. وأوضح المسؤول أن الرئيس أوباما يؤمن بالحوار المباشر، مضيفا أن الزيارتين «كانتا جزءا من الحوار المباشر الذي كان الأساس» للخطوة القادمة في تعيين السفير.

ولكن المسؤول الأميركي لفت إلى أنه لا تزال في سورية مصادر «قلق» للإدارة الأميركية ودورها في المنطقة. وقال: «إعادة سفيرنا نموذج صلب على التزام الإدارة استخدام الأدوات كافة المتاحة لنا، بما فيها الحوار، لمعالجة عوامل القلق لدينا»، معتبرا أن وجود سفير في دمشق «يخدم المصالح الأميركية من خلال وجود صوت يمثل الرئيس ووزيرة الخارجية في دمشق». وأضاف أن هناك «قضايا عدة ذات اهتمام مشترك بين سورية والولايات المتحدة، بالإضافة إلى القلق الأوسع في المنطقة الذي من الواضح أن سورية تمثله». وتابع: «ما زالت لدينا عوامل قلق من دور سورية، في المنطقة ونتوقع من سفيرنا عندما يوافق مجلس الشيوخ عليه، أن يعالج ذلك». وأكد المسؤول الأميركي أن السفير السوري في واشنطن، عماد مصطفى، تبلغ قرار إعادة السفير مساء أول من أمس، لكنه لم يفصح عن تفاصيل حول هوية السفير الأميركي المقبل. وعادة ما تُبقي الإدارة الأميركية هوية السفير المرشح سرا إلى حين تقديمه إلى مجلس الشيوخ الأميركي للموافقة عليه.

ومن جهته، قال الناطق الرسمي باسم السفارة السورية في واشنطن أحمد سلقيني: «هذه خطوة في الاتجاه الصحيح»، مضيفا: «يقول مسؤولون أميركيون ما قلناه منذ فترة، وهو أن عدم وجود سفير في دمشق يضر المصالح الأميركية». واعتبر سلقيني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الإعلان عن تعيين السفير «يُظهِر مصداقية إدارة أوباما والتزامها بالعودة إلى الحوار», مضيفا أن الرئيس الأميركي «يريد إعادة العلاقات السورية ـ الأميركية إلى ما كانت عليها تاريخيا ما عدا حقبة الإدارة السابقة» للرئيس جورج بوش. وتابع: «هذه الإدارة عملية وصادقة جدا في إعادة معالجة قضايا السلام في المنطقة، وقد رحب الرئيس (السوري بشار) الأسد برسالة الرئيس أوباما للتواصل بناء على الاحترام المتبادل»، موضحا: «الإدارة السابقة تركت تركة ثقيلة على العلاقات». إلا أنه لفت إلى أن السفارة السورية لم تبلغ بشكل «رسمي» حول قرار أوباما وأنها «بُلّغت بشكل غير مباشر أن التعيين سيحدث قريبا».

وفي دمشق لم يصدر أي تعليق رسمي على ما ذكرته وسائل إعلام أميركية عن أن الرئيس أوباما قرر إعادة السفير الأميركي إلى سورية.

وكانت السفارة الأميركية قد سحبت سفيرتها مارغريت سكوبي من سورية عام 2005 على خلفية اتهام سورية بالضلوع في اغتيال الرئيس اللبناني الأسبق رفيق الحريري، الاتهام الذي نفته سورية.

ورأت مصادر سورية مطلعة أنه من المبكر الحكم على مدى جدية وعمق الخطوة الأميركية باتجاه عودة العلاقات مع سورية، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة السورية «لم تتبلغ بهذا القرار رسميا الذي جرى تسريبه عبر الإعلام، لكن في حال حصلت هذه الخطوة فإن ذلك يبشر بإمكانية عودة العلاقات بين البلدين إلى ما كانت عليه قبل عام 2005». وأضافت المصادر: «من المبكر الحكم على مدى عمق وجدية الإدارة الأميركية في الانخراط مع سورية لإيجاد حلول للقضايا المتعلقة كافة».