باكستان: إحباط سلسلة هجمات ضد سفارات أجنبية.. واعتقال 25 «إرهابيا»

بيت الله محسود يتبنى اغتيال زعيم منافس.. وطائرات أميركية بلا طيار تستعد لشن هجمات على وزيرستان

ضباط من الشرطة الباكستانية يقتادون 3 من عناصر طالبان الى محكمة كراتشي أمس (أ. ف. ب)
TT

أعلنت الشرطة الباكستانية أمس اعتقال 25 «إرهابيا» مفترضا كانوا يخططون لتنفيذ اعتداءات في المدن الكبرى، بعضها ضد أهداف أجنبية. وتشهد باكستان منذ عامين موجة لا سابق لها من الهجمات الدامية المنسوبة إلى حركة طالبان والتي ارتفعت وتيرتها منذ أن شن الجيش هجوما واسع النطاق على المتمردين نهاية أبريل (نيسان) في وادي سوات (شمال غرب).

وقال قائد شرطة العاصمة، كليم إمام، للصحافيين «لقد اعتقلنا 25 إرهابيا وضبطنا معهم سترات محشوة بالمتفجرات» للاستخدام في تنفيذ الهجمات الانتحارية، مشيرا إلى أن جميع هذه الاعتقالات حصلت في إسلام آباد. وقال «ستة من المعتقلين هم متمردون مطلوبون»، مشيرا إلى أن المشتبه بهم كانوا يحضرون لتنفيذ اعتداءات «في كراتشي ولاهور ومدن كبرى أخرى»، وأن بعض هذه الهجمات كانت «تستهدف مسؤولين أجانب». ولم يعط إمام مزيدا من الإيضاحات بشأن خطط هذه الاعتداءات ولا أهدافها. وبحسب مصدر قريب من القضية فإن أحد المعتقلين اعترف بأنه كلف من قبل إسلاميين برصد سفارات أجنبية في إسلام آباد تمهيدا لاستهدافها، وأن عمله شمل السفارات الأجنبية الواقعة خارج المربع الدبلوماسي في العاصمة، الموضوع تحت حماية مشددة. وخلال الأسابيع الماضية رفعت السلطات الباكستانية مستوى تأهبها في المدن الكبرى، بعد أن هدد زعيم حركة طالبان الباكستانية، بيت الله محسود، بتنفيذ هجمات واسعة النطاق في المدن الكبرى انتقاما للعمليات العسكرية التي ينفذها الجيش ضد قواته في وادي سوات. وقتل حوالي 2000 شخص في باكستان خلال العامين الفائتين في أكثر من 240 اعتداء بالمتفجرات، بينها العديد من الهجمات الانتحارية.

وذكرت تقارير إعلامية أن السلطات الباكستانية أحبطت سلسلة من الهجمات كانت تستهدف سفارات خمس دول أوروبية بالإضافة إلى جنوب أفريقيا. وقالت التقارير الصادرة في ستوكهولم أمس نقلا عن مصادر دبلوماسية في إسلام آباد، إن الهجمات كانت تستهدف سفارات السويد والنرويج والمجر وجمهورية التشيك وإيطاليا. وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية في ستوكهولم صحة تقرير نشرته صحيفة «أفتونبلات» ذكر أنه تم القبض مطلع هذا الأسبوع على رجل وبحوزته طنان من المواد المتفجرة. واعترف الرجل بأن هجمات كانت تستهدف سفارات تلك الدول بالتحديد بسبب موقفها من أفغانستان. ولكن المعروف أن جنوب أفريقيا لا تشارك بقوات ضمن قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف) في أفغانستان على العكس من الدول الأوروبية الخمس المذكورة. وفي بيشاور (باكستان) تبنت قبيلة الزعيم الباكستاني في طالبان بيت الله محسود في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية أمس اغتيال قاري زين الدين الزعيم القبلي المنافس أمس في ديرة إسماعيل خان القريبة من المناطق القبلية في شمال غرب البلاد. وكان زين الدين عضوا سابقا في حركة طالبان الباكستانية التي يتزعمها بيت الله محسود، قبل أن يتحول لأحد أشرس معارضيها، وقتل بيد مسلح مجهول في أحد مقاره. وصرح ناطق باسم محسود عرف عن نفسه باسم ولي الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية في اتصال هاتفي من مكان مجهول «قتلنا قاري زين الدين بأمر من بيت الله (محسود) لأنه كان «كافرا». وأضاف أن «كلا من خصومنا سيلقى المصير نفسه».

ومباشرة بعيد الاغتيال أول من أمس اتهم أقارب زين الدين حركة طالبان الباكستانية. ودعا زين الدين الذي ينتمي إلى قبيلة محسود أخيرا إلى انقلاب على زعيم طالبان الباكستانية، الذي حمله مسؤولية الهجمات الانتحارية في باكستان عوضا عن الجهاد في الخارج. وأعلن الجيش الباكستاني أخيرا عن إطلاق هجوم عسكري قريبا على بيت الله محسود في معقله في ولاية وزيرستان الجنوبية القبلية المتاخمة لأفغانستان وتخضع جزئيا لسيطرة طالبان الباكستانية. وكان زين الدين أعرب عن استعداده لدعم الجيش في هجومه. من جهة أخرى في وانا (باكستان) حلقت طائرات أميركية بلا طيار، أمس، فوق منطقة وزيرستان الجنوبية في باكستان بعد يوم من مهاجمة طائرة أميركية من هذا الطراز معقلا لبيت الله محسود زعيم طالبان الباكستانية ومقتل 70 متشددا. وجاء هجوم الأمس في وقت يستعد فيه الجيش الباكستاني لشن هجوم على وزيرستان الجنوبية معقل محسود زعيم طالبان الباكستانية حليف «القاعدة» المتهم بالمسؤولية عن تدبير اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة بي نظير بوتو عام 2007. ويلوح في الأفق الآن هجوم على وزيرستان الجنوبية على الحدود الأفغانية بعد أن استعد الجيش الباكستاني لإنهاء هجومه على مقاتلي طالبان المتحالفين مع محسود، وهو الهجوم الذي بدأ في وادي سوات شمال غربي العاصمة إسلام آباد في مايو (أيار) ودخل الآن مراحله الأخيرة. والهدف التالي بعد سوات هو محسود. وجاء هجوم سوات بعد أن أثارت مكاسب طالبان مخاوف بشأن مستقبل باكستان المسلحة نوويا، وهي حليف مهم للولايات المتحدة في حربها لهزيمة «القاعدة» وإرساء الاستقرار في أفغانستان حيث يصل آلاف من الجنود الأميركيين الإضافيين إلى هناك. وقال أمس مسؤولو مخابرات باكستانيون إن طائرة أميركية بلا طيار قتلت عشرات من متشددي طالبان الباكستانية في هجوم وقع على جنازة قائد للمتشددين كان من بين ستة قتلوا في هجوم سابق أمس، وهو ما أوحى بتنسيق وثيق بين الولايات المتحدة وإسلام آباد. لكن من غير المرجح أن تعترف بذلك باكستان التي تعترض عادة على الضربات التي تقوم بها طائرات أميركية بلا طيار خاصة أن كثيرين من مواطني البلاد يتشككون في التحالف مع الولايات المتحدة في حربها العالمية ضد المتشددين.