من المقرر أن يصدر قائد القوات الأميركية في أفغانستان أمرا يهدف إلى خفض عدد القتلى من المدنيين، وذلك بحثّ الجنود على توخي مزيد من الحذر في شن هجمات جوية على مسلحين، حسبما أفاد المتحدث باسمه. وازداد غضب الأفغان بسبب ارتفاع عدد القتلى والمصابين من المدنيين في استهداف لمسلحين الشهر الماضي في غارات جوية. وقالت كابول إن تلك الغارات أدت إلى مقتل نحو 140 من سكان القرى. ويقر الجيش الأميركي بأن 26 على الأقل قُتلوا. وصرح الأميرال غريغوري سميث أن الجنرال ستانلي ماكريستال سيصدر خلال الأيام القليلة المقبلة أمرا إلى القادة بمراجعة العمليات التي يمكن أن يصاب فيها مدنيون جراء استخدام الدعم الجوي. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن لا نقول لقواتنا أن تنسحب وتتراجع، خصوصا إذا كانت قواتنا في خطر»، لكن من الممكن مثلا اتخاذ قرار بعدم مهاجمة مسلحين في مبنى عندما لا يكون من المؤكد من الذين في داخله، حسب سميث. وأوضح أنه إذا لم تكن القوات في خطر داهم يمكنها أن تقرر أن تتوقف عن الهجوم وتستدعي طائرات استطلاع جوي إلى المنطقة أو نشر مزيد من القوات على الأرض أو العمل مع سكان القرى ضد الأهداف المحددة. وتابع: «أنت لا تركز فقط على كيف تقتل العدو، ولكن كيف تحمي الشعب، ولن يتم الطلب من قواتنا القيام بأي مخاطرة، ولا نقول إن العدو سيفلت من قبضتنا». وقال إنه بدلا من ذلك فإن على القوات أن تجد سبلا للقيام بعملياتها بطريقة لا تهدد السكان المحليين، مشيرا إلى أنه «سيتم إصدار هذا الأمر التكتيكي خلال الأيام المقبلة على الأرجح». وأضاف أنه سيترتب على القادة إبلاغ الجنود كافة بالأمر التكتيكي الجديد الذي قد يتم نشر نسخة غير سرية عنه قريبا. وبلغ القلق بشأن الضحايا من المدنيين في عمليات القوات الأجنبية ذروته في مايو (أيار) عندما قصفت القوات الأميركية مجمعات مستهدفة مسلحي طالبان في ولاية فرح الجنوبية الغربية إلا أنها قتلت مدنيين. وقالت الحكومة الأفغانية إن 140 من سكان القرى، معظمهم من الأطفال، قُتلوا داخل المباني، مما يجعل هذا اسوأ حادث يوقع قتلى مدنيين منذ الغزو الأميركي لأفغانستان في أواخر 2001 والإطاحة بنظام طالبان. إلا أن الجيش الأميركي قال إن عدد القتلى أقل من ذلك، معترفا بوقوع بعض الأخطاء. وحذر النقاد من أن إلحاق الضرر بالمدنيين يهدد الجهود الدولية في أفغانستان ويمكن أن يصبح أداة تجنيد في يد المسلحين. وصرح الجنرال ماكريستال، الذي تولى قيادة القوات الأميركية وقوات حلف الأطلسي في أفغانستان قبل أسبوع، لوكالة الصحافة الفرنسية أول من أمس أنه في العديد من الحالات يستخدم المسلحون السكان المدنيين دروعا بشرية. وقال إنهم يحاولون عمدا اجتذاب نيران الجيش لكي يحصلوا على الدعاية الإعلامية الكافية من القتلى المدنيين. وفي برلين رفض وزير الدفاع الألماني فرانس جوزيف يونغ القول إن الجيش الألماني المشارك في أفغانستان يعيش في حالة حرب وذلك على الرغم من تدهور الوضع الأمني في أفغانستان. وقال يونغ في تصريحات للقناة الأولى في التليفزيون الألماني «إيه آر دي» أمس: «إذا تحدثنا عن الحرب فإن تركيزنا سيقتصر على الشقّ العسكري فحسب وهذا هو الخطأ بعينه»، مشددا على ضرورة الإدماج بين مسألة التأمين العسكري وإعادة الإعمار في أفغانستان بهدف الفوز بثقة المواطنين هناك. وتأتي تصريحات الوزير بعد حادث مقتل ثلاثة جنود ألمان أمس في اشتباكات مع مسلحين بإقليم قندز شمالي أفغانستان. وذكرت مصادر عسكرية أن الجنود الثلاثة كانوا ضمن دورية تابعة للجيش الألماني بالقرب من مدينة قندز «عندما تمت مهاجمتهم من قِبل إرهابيين استخدموا أسلحة خفيفة وأسلحة مضادة للدبابات». وحسب مصادر متعددة فإن القتلى الثلاثة سقطوا في حفرة مليئة بالماء مع دبابتهم من طراز فوكس المخصصة لنقل الجنود، التي انقلبت على ظهرها داخل الحفرة عندما حاولت الإفلات من مرمى نيران المهاجمين الأفغان، وظلت مقلوبة ولم يستطع الجنود مغادرتها في الوقت المناسب مما أدى إلى موتهم غرقا على الأرجح. يُذكَر أن الأوضاع الأمنية في إقليم قندز تدهورت في الأشهر الأخيرة في ظل تصاعد الهجمات التي يشنها متمردو طالبان.