واشنطن تنجح في الالتفاف على موسكو للبقاء عسكريا في قيرغيزستان

رفعت بدل الإيجار من 40 إلى 170 مليون دولار للسماح لها باستعمال معبر لجنودها في أفغانستان

TT

نجحت واشنطن في الاتفاق مع قيرغيزستان حول عدم جلاء العسكريين الأميركيين عن قاعدة ماناس، تحت ستار استمرار وجودها في «مركز العبور» الذي وقعت واشنطن اتفاقا مع القيادة القيرغيزية حول إنشائه في مطار ماناس.

ويأتي هذا الاتفاق على النقيض من القرار الذي سبق وأعلنه الرئيس قرمان بك باقييف في ختام مباحثاته مع نظيره الروسي دميتري ميدفيديف في الكرملين في مطلع مايو (أيار) الماضي، حول جلاء القوات الأميركية من قاعدة ماناس في موعد أقصاه 18 أغسطس (آب) الجاري. وكان الكثيرون قد عزوا إعلان هذا القرار من موسكو إلى نجاح القيادة الروسية في إقناع نظيرتها القيرغيزية من خلال إغداق الوعود المالية ومنح قيرغيزيا قرضا ماليا قدره مليارا دولار ومعونة مالية قدرها 150 مليون دولار. وكان ذلك مقدمة لاتخاذ برلمان قيرغيزستان قراره حول إلغاء الاتفاقية التي سبق ووقعتها الجمهورية مع 11 من دول التحالف المناهض للإرهاب في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001.

وقد سارعت الولايات المتحدة في أعقاب الإعلان عن هذا القرار إلى تكثيف مباحثاتها مع قيرغيزستان وإعلانها عن استعدادها لرفع القيمة الإيجارية للقاعدة في محاولة لإثناء بيشكيك (عاصمة قيرغيزستان) عن قرارها.

وكشف قادر بك صربايف وزير الخارجية القيرغيزية عن أن البرلمان القيرغيزي سينظر اليوم في إقرار مشروع القرار الذي تقدمت به الحكومة حول إنشاء مركز دولي في مطار ماناس لعبور الأسلحة والقوات الأميركية إلى أفغانستان، وهو الاسم الذي اختارته بشكيك للالتفاف حول الاتفاق السابق حول تأجير القاعدة الجوية. وأشار إلى أن واشنطن ستقوم بدفع 170 مليون دولار مقابل استخدام «مركز العبور». وكانت تدفع مقابل استئجار القاعدة 40 مليون دولار. وكشف عن أن هذه المبالغ ستتوزع على النحو التالي: 60 مليون دولار مقابل إيجار المركز، و20 مليون دولار دعما أميركيا لصندوق التنمية، إلى جانب 36.6 مليون دولار لبناء المبنى الإداري والمخازن، و30 مليون دولار خُصصت لشراء معدات الملاحة الجوية اللازمة للمطار، فضلا عن 31.5 مليون دولار للإسهام في جهود قيرغيزستان لمكافحة الإرهاب. وفي أول تعليق لموسكو على توقيع مثل هذا الاتفاق أشار أندريه نيستيرينكو المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية، إلى أن ما وقعته قيرغيزستان مع الولايات المتحدة يُعتبر حقا سياديا، وإلى أن روسيا والبلدان المجاورة أعلنت موافقتها على عبور المعدات غير العسكرية عبر الأجواء الإقليمية للمنطقة إلى أفغانستان. وأعرب المسؤول الروسي عن أمله في أن يكون قرار بيشكيك حول إغلاق القاعدة الجوية الأميركية في ماناس نهائيا ولا رجعة فيه.

إلا أن صحيفة كومرسانت نقلت عن دبلوماسي روسي لم تذكر اسمه، قوله إن موسكو تعتبر هذه الخطوة الأميركية خدعة وإن روسيا سوف تقوم «بالرد الملائم» قريبا على هذا الاتفاق. وأضاف الدبلوماسي: «أنباء الإبقاء على القاعدة كانت مفاجأة غير سارة على الإطلاق بالنسبة إلينا... لم نتوقع مثل هذه الخدعة». وقال الدبلوماسي الروسي: «لم تتغير السمات الفعلية للوجود العسكري الأميركي في آسيا الوسطى، وهذا يتعارض مع المصالح الروسية واتفاقياتنا مع قيادة قيرغزستان».