إيران تقمع المتظاهرين والإصلاحيون يدعون للحداد.. وحرب نفسية ضد المحتجين

رضائي يسحب شكاواه من نتائج الانتخابات.. ووزير الداخلية الإيراني يتهم «سي.آي.إيه» بتمويل الاضطرابات

مرشد الجمهورية الايرانية علي خامنئي خلال لقائه مع برلمانيين ايرانيين في طهران أمس أ.ف.ب)
TT

واصلت الحملة الأمنية في إيران قمع احتجاجات الشوارع على نتائج انتخابات الرئاسة الإيرانية المتنازع عليها، لكن القيادة الإيرانية واجهت تحديا جديا، أمس، مع مطالبة رجال دين إصلاحيين بإعلان الحداد الرسمي على القتلى من المتظاهرين، وهى الدعوة المتوقع أن تستجيب لها أعداد كبيرة. ورغم تردد صيحات التكبير الاحتجاجية مرة أخرى من فوق أسطح المنازل في طهران مع حلول الليل، فإن القيادة المتشددة في إيران أصبحت لها اليد العليا في الوقت الحالي على الأقل. وأنهى مئات الأفراد من شرطة مكافحة الشغب وميليشيا الباسيج في الميادين الرئيسية في طهران فيما يبدو الاحتجاجات الشديدة على الانتخابات التي أجريت في 12 يونيو (حزيران) والتي يقول إصلاحيون إنه تم التلاعب فيها لصالح الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد وإبعاد مير حسين موسوي رئيس الوزراء السابق الذي ينتمي إلى التيار الإصلاحي. واستخدمت السلطات الإيرانية خلال الأيام الماضية أساليب كثيرة من بينها الترهيب والحرب النفسية واتهامات بالخيانة، إذ كثر اتهام المحتجين بأنهم مدعومون من الغرب والولايات المتحدة وبريطانيا على وجه الخصوص وألقت القبض على متظاهرين شبان وعرضت صورهم على شاشات التلفزيون وهم يعترفون بأن قنوات إخبارية أجنبية حرضتهم على هذا.

وفي إطار الحرب النفسية على المتظاهرين، قال وزير الداخلية الإيراني صادق محصولي إن منفذي أعمال الشغب في فترة ما بعد الانتخابات الرئاسية تلقوا تمويلا من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية في المنفى. ونُقل عن محصولي قوله إن «العديد من المحتجين على علاقة بالولايات المتحدة و(سي.آي.إيه) والمنافقين (مجاهدي خلق) ويتلقون أموالا منهم». واتهم كذلك «النظام الصهيوني المحتل» بأنه من مهندسي الاضطرابات التي اندلعت بعد إعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.

كما أعلنت شرطة العاصمة الإيرانية طهران أنها اكتشفت مبنى كان يستخدم كمقر لإثارة الاضطرابات التي تلت الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إرنا) عن إدارة الاستخبارات والأمن في شرطة العاصمة أنه تمت مداهمة المبنى المطل على ميدان «هفت تير» مساء الاثنين بعد استخراج تصريح بالتفتيش. وأضافت أنه تم اعتقال المتورطين، ويجرى حاليا التحقيق معهم. وأوضحت الشرطة في بيان لها أن الوثائق التي تم العثور عليها في المبنى كشفت أنه يجرى تنفيذ مخطط ضد أمن إيران. وذكر البيان «بعد التفتيش الدقيق للمبنى الذي كان مكتبا لإدارة حملة مرشح رئاسي، اكتشفنا أنه كان يستخدم للترتيب لتجمعات غير قانونية وإثارة الاضطرابات وجهود تقويض بأمن البلاد». كما أكدت الشرطة أنه تم العثور داخل المبنى على ما يشير إلى تورط عناصر أجنبية في التخطيط لاحتجاجات ما بعد الانتخابات. ورأت الشرطة أن المبنى كان في الواقع «مقرا لحرب نفسية ضد أمن البلاد». وأكدت مصادر لقناة «برس تي.في» الإخبارية الإيرانية أن المبنى كان يستخدم لإدارة حملة موسوي الذي نظم أنصاره احتجاجات في شوارع طهران قتل خلالها أكثر من 13 شخصا، فضلا عن جرح العشرات.

من ناحيتها كتبت صحيفة «كيهان» المحافظة في صفحتها الأولى «موجة شعبية لمحاسبة موسوي على الدماء التي أريقت». وقالت «كيهان» في صدر صفحاتها «مثيرو الشغب يعترفون.. وسائل الإعلام الغربية خدعتنا». كما نشرت صحف إيرانية محافظة أخرى مقالات تلقي فيها مسؤولية العنف على موسوي. وعنونت صحيفة «وطن إمروز» القريبة من الحكومة «من المسؤول عن جرائم هذه الأسابيع في طهران؟». وتشن وسائل الإعلام الرسمية حملة تزداد عنفا على موسوي. واعتقل العديد من الصحافيين في الأيام الأخيرة في إيران كما فرضت السلطات قيودا صارمة على الصحافة الأجنبية.

ونقلت صحيفة «فاتان إمروز» تصريحات لوالد أحد المحتجين القتلى الذي عرف باسم غانيان، وهو اسم الأسرة، قوله «دم ابني في رقبة مير حسين موسوي. سأرفع هذا الأمر إلى أن أنال حقي». وصرح موسوي مرارا بأن أنصاره لا يقفون وراء أعمال العنف التي أعقبت الانتخابات. فيما اتهمت وزارة الخارجية الإيرانية الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالتدخل في شؤون إيران «تحت تأثير قوى بعينها» في إشارة واضحة إلى بريطانيا والولايات المتحدة. وفيما أشار رجل الدين الإصلاحي مهدي كروبي، الذي احتل المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية، إلى أن المعارضة ستستمر، داعيا الإيرانيين إلى إقامة مراسم حداد على القتلى اليوم، ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن محسن رضائي أحد المرشحين الثلاثة المهزومين في انتخابات الرئاسة الأخيرة سحب شكاواه بشأن التصويت. وقال رضائي، القائد السابق للحرس الثوري، والذي حل في المركز الثالث في الانتخابات، إن الأوضاع السياسية والأمنية الحساسة في البلاد هي السبب في قراره. ونقلت الوكالة عن رضائي قوله في رسالة إلى مجلس صيانة الدستور (أعلى سلطة تشريعية في إيران) «أرى أن من مسؤوليتي أن أشجع نفسي والآخرين على السيطرة على الوضع الحالي... ولهذا أعلن أنني أسحب الشكاوى التي قدمتها». وكان رضائي قد قال من قبل إنه فاز بعدد أصوات أكبر مما أظهرته النتائج الرسمية.

ويأتي ذلك فيما اعتقلت السلطات الإيرانية حوالي 25 صحافيا وموظفا في صحيفة موسوي. وقال علي رضا بهشتي، أحد محرري الصحيفة لوكالة الصحافة الفرنسية «ثمة خمسة أو ستة من الموظفين الإداريين، والباقي صحافيون. لقد اعتقلوا الاثنين» مضيفا أن «العناصر الذين حضروا إلى الصحيفة لم يبرزوا أي أمر خطي». وقال إنه كان بين الموقوفين خمس نساء أطلق سراحهن مساء الثلاثاء. وكانت صحيفة «كلمة سبز» أو الكلمة الخضراء، حصلت على ترخيص قبيل الانتخابات الرئاسية غير أنها حظرت غداة الانتخابات. وأفادت الشرطة في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية عن مداهمة مكتب الصحيفة مؤكدة العثور فيها على «وثائق تثبت وجود مؤامرة ضد الأمن القومي». وتابع البيان «بعد تفتيش دقيق للمبنى الذي استخدم مقرا لحملة أحد المرشحين، ثبت أن نشاطات كانت تجرى فيه لتنظيم التظاهرات وأعمال الشغب الأخيرة.. وأعمال تمس بالأمن القومي». وجاء في البيان أنه «عثر فيه على وثائق تتعلق بالارتباط بوسائل الإعلام المعادية والتدخلات الأجنبية وتدبير مؤامرة.. وقد تم تحويل هذا المكان إلى مركز قيادة الحرب النفسية على أمن البلاد». وأضافت الشرطة أن «المتآمرين الذين كانوا في المبنى اعتقلوا ويجري استجوابهم حاليا».