بالونات خضراء وسوداء في سماء إيران حدادا على ندا.. ومتشددون يتهمون مراسل الـ« بي بي سي» بقتلها

كروبي يؤجل «يوم الحداد».. والسلطات الإيرانية تعتقل 140 سياسيا وجامعيا بينهم 70 بعدما التقوا موسوي.. ثم تطلق سراح أغلبهم

مؤيدون للحركة الإصلاحية في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
TT

ألغى مهدي كروبي المرشح الخاسر للانتخابات الرئاسية في إيران وزعيم حزب «اعتماد ملي» تجمعا كان مقررا تنظيمه أمس لتأبين ضحايا المظاهرات الذين قتلوا خلال الأيام الماضية في احتجاجات عارمة اعتراضا على إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد لولاية ثانية وسط شكوك في صحة الانتخابات، وذلك على ما أفاد حزبه على موقعه الإلكتروني. ومنعت وزارة الداخلية الإيرانية أي نوع من أنواع التجمع، وذلك منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية التي نظمت في 12 يونيو (حزيران). وبحسب موقع حزب «اعتماد ملي»، فقد تعذر على كروبي العثور على مكان للتجمع الذي كان دعا إليه. وجاء في الموقع أنه «لمن المؤسف في مثل هذا الوضع أن لا يمنح قادة سياسيون مثل كروبي مكانا لإقامة مراسم حداد ولا حتى مسجدا أو ضريح الإمام»، في إشارة إلى ضريح مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران آية الله الخميني. وبحسب الموقع، فإن الإصلاحي كروبي الرئيس الأسبق لمجلس الشورى قرر تنظيم التأبين الأسبوع المقبل في جامعة طهران أو مقبرة المدينة، «بهجة الزهراء» وهو الجامع الذي خطب فيه الخميني عندما عاد إلى إيران بعد انتصار الثورة الإيرانية. وأكد كروبي وأيضا المنافس الرئيسي لمحمود أحمدي نجاد على الرئاسة مير حسين موسوي، أن إعادة انتخاب الرئيس المنتهية ولايته بنسبة 63 في المائة من الأصوات تم بناء على تزوير انتخابي. وأوقعت الصدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن في هذه الحركة الاحتجاجية الشعبية غير المسبوقة منذ الثورة الإيرانية في 1979، 17 قتيلا على الأقل، بحسب وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية. وبسبب التضييق الشديد على حركة المتظاهرين وانتشار قوات الأمن في كل مكان يعتزم أنصار موسوي إطلاق بالونات خضراء وسوداء اليوم في سماء إيران، وستحمل تلك البالونات رسالة «ندا.. ستبقين دائما في قلوبنا».

وحاولت صحافة المعسكر الإيراني المتشدد أمس تبرئة القوى الأمنية من دم ندا، حتى أنها اتهمت مراسل «بي بي سي» الدائم في طهران جون لين باستخدام قاتل مأجور لقتلها. وأثارت صور احتضار ندا سلطان أغا في أحد شوارع طهران إثر إصابتها برصاصة قاتلة حزن وغضب كثيرين في إيران والعالم، وأصبحت هذه الشابة رمزا لموجة الاحتجاجات غير المسبوقة في تاريخ الجمهورية الإسلامية على نتائج الانتخابات الرئاسية. وأكد خطيب ندا ويدعى قزوين ماكان أن خطيبته لم تكن تتظاهر، بل كانت مجرد عابرة سبيل عندما أصيبت برصاص ميليشيا الباسيج.

ونقلت صحف عدة أمس عن وكالة أنباء «فارس» المحافظة المتشددة، أن «التحقيق أظهر أن شخصا أطلق النار على عدد من الأشخاص في شارع كاريغار من سلاح مهرب وإحدى الرصاصات أصابت ندا صالحي أغا سلطان في الظهر». وأضافت «فارس» نقلا عن مصدر لم تسمه أن «القوات الأمنية ضبطت خلال الأسابيع الفائتة عشرات الأسلحة المهربة من الطراز نفسه الذي قتلت به ندا، تم تهريبها إلى إيران عبر الحدود الغربية بالدرجة الأولى». يذكر أن أفغانستان تتمتع بحدود طويلة مع إيران من ناحية الغرب. من جهتها، اتهمت صحيفة «فاتان امروز» الداعمة لأحمدي نجاد جون لين مراسل هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» الذي طردته السلطات الإيرانية من البلاد، بأنه «وظف أحد قطاع الطرق ودفع له المال بغية قتل شخص ما من أجل فيلمه الوثائقي».

وجرت مظاهرات شبه يومية في طهران منذ الإعلان عن فوز الرئيس أحمدي نجاد. غير أنه منذ يوم الاثنين لم تسجل أية مظاهرة كبيرة في طهران، حيث يمنع القمع والانتشار الأمني الكثيف في العاصمة الإيرانية أي تجمع مهم، وذلك بعد أن حذر المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي من أنه لن يتم التسامح مع احتجاجات المعارضة. وشهدت طهران خروج المئات فقط خلال الأيام الماضية، ويلجأ المتظاهرون إلى التظاهر في أماكن لا يمكن للسلطات بسهولة تطويقها مثل مترو طهران كما حدث خلال اليومين الماضيين.

وقد تم توقيف مئات الأشخاص في إيران منذ بداية الاضطرابات، بينهم 140 سياسيا وجامعيا وطالبا وصحافيا، بحسب ما أفادت عدة مصادر أمس. ونشرت صحيفة «اعتماد» لائحة من 70 اسما لمسؤولين إيرانيين إصلاحيين من الصف الأول وصحافيين ومسؤولي حملة موسوي. وأورد موقع موسوي على الإنترنت أن 70 جامعيا وعضوا في جمعيات طلابية إسلامية تم توقيفهم إثر اجتماعهم بموسوي ليل أول من أمس. إلا ان السلطات الإيرانية أعلنت ليل أمس أنها أطلقت سراح 66 من هؤلاء المعتقلين. وأعلنت السلطات من جهة أخرى هذا الأسبوع توقيف صحافيين أجنبيين أحدهما إيراني كندي والآخر يوناني بريطاني يعمل لوسائل إعلام أميركية. وأكدت السلطات مرارا منذ بضعة أيام أنها فككت شبكات «عقول مدبرة» كانت تخطط لتنظيم مظاهرات معارضة. وأعلنت السلطات توقيف 457 شخصا حتى الآن. ولم تنشر أية حصيلة عن الاعتقالات، في حين أشارت منظمات غير حكومية إلى كثير من الإيقافات في مدينتي تبريز (شمالي غرب) وشيراز (جنوب).