إدارة أوباما تبدل خططها تجاه الصومال.. وأول الغيث «أسلحة وذخائر»

وزير الخارجية الإثيوبي يجري محادثات في واشنطن باتزامن مع تلويح أديس أبابا بالتدخل من جديد

شاب صومالي ضمن اربعة شبان حكمت عليهم محكمة اسلامية يديرها تنظيم الشباب الاصولي الثلاثاء الماضي ببتر يد ورجل كل منهم بعد ادانتهم بالسرقة في شمال مقديشو (أ ب)
TT

زودت واشنطن الحكومة الصومالية بشحنة من الأسلحة والذخائر في تطور لافت من طرف إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه الأوضاع في القرن الأفريقي. وتأتي الخطوة في وقت يقوم فيه وزير الخارجية الإثيوبي آتو سيوم مسفين، بإجراء محادثات في واشنطن، تتزامن مع تلويح أديس أبابا بالتدخل من جديد في الصومال. وذكر مسؤولون أميركيون لـ«الشرق الأوسط»، أن شحنة الأسلحة أرسلت إلى العاصمة الصومالية خلال هذا الشهر، في وقت تعكف فيه إدارة أوباما على صياغة استراتيجية جديدة تجاه الصومال. وقالت المصادر: «نحن ندرس حاليا الأوضاع هناك من جميع جوانبها، ومن المبكر الحديث عن خطط محددة». وقال مصدر دبلوماسي إثيوبي إن محادثات وزير الخارجية تتعلق «بالعلاقات الثنائية بين واشنطن وأديس أبابا والقضايا ذات الاهتمام المشترك» ولم يشأ المصدر إعطاء مزيد من التوضيحات حول الأمر. وأفادت المصادر أن من بين المسؤولين الأميركيين الذين التقاهم سيوم مسفين، جوني كارسون مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الأفريقية. يشار إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي ميلس زيناوي كان أعلن في وقت سابق أن بلاده ربما تضطر للتدخل من جديد في الصومال إذا ازدادت الأوضاع تدهورا.

ولم يشأ البنتاغون التعليق على التقارير المتعلقة بشحن أسلحة إلى الصومال، وقال مصدر في مكتب العمليات لـ«الشرق الأوسط»: «اطلعنا على هذه التقارير وليس لدينا تعليق». وأحال البنتاغون على تقرير كان تقدم به ميشال فلورني وكيل وزارة الدفاع في وقت سابق أمام اللجنة العسكرية في مجلس النواب حيث قال: «سنواصل جهودنا لإفشال خطط القراصنة قرب السواحل الصومالية بالتعاون مع الأطراف المحلية». ومضى يقول: «هدفنا تشجيع جميع السفن لاتخاذ الإجراءات الأمنية الملائمة للحماية الذاتية من القرصنة»، لكنه قال إن «الولايات المتحدة ستواصل سياستها في التصدي للقراصنة في حال تعرض السفن التي تحمل أعلاما أميركية أو تعرض مواطنين أميركيين لهجوم من طرف القراصنة»، مؤكدا أن أنشطة القراصنة «لا تتطلب تدخلا عسكريا أميركيا».

وفي سياق ذي صلة، قالت صحيفة «واشنطن بوست» إن إرسال أسلحة للصومال من طرف إدارة الرئيس باراك أوباما يهدف إلى التصدي للمتشددين الإسلاميين الصوماليين الذين تربطهم علاقات مع تنظيم القاعدة. ونسبت الصحيفة إلى مسؤول رفيع المستوى في إدارة أوباما قوله: «اتخذ قرار إرسال شحنة أسلحة إلى الصومال على أعلى المستويات حتى يمكن تفادي انهيار الحكومة الصومالية، وتقوية قدراتها الأمنية لمحاربة المتمردين».

والتزمت الحكومة الأميركية بتقديم مساعدات مالية في حدود عشرة ملايين دولار لإحياء الشرطة والجيش الصومالي الذي انهار عام 1991. وتتبادل الحكومة الأميركية معلومات استخباراتية مع الحكومة الصومالية، كما أن عددا من الساسة الصوماليين وجهت لهم دعوات لزيارة واشنطن من أجل صياغة «استراتيجية جديدة» للولايات المتحدة في الصومال. وقال محمد عمر وزير خارجية الصومال خلال زيارة قام بها إلى واشنطن: «دعم الولايات المتحدة لنا حازم جدا، هم واضحون جدا وهم يساندون حكومتنا سياسيا وماليا ودبلوماسيا». وكانت الحكومة الصومالية أرسلت نداء في الأسبوع الماضي لإرسال مزيد من القوات الأجنبية إلى الصومال للمساعدة في الحفاظ على الأمن، بعد أن أدت المواجهات إلى مقتل 200 شخص ونزوح 12 ألفا آخرين. وتأمل الحكومة الصومالية في وصول قوات من كينيا وجيبوتي وإثيوبيا واليمن إلى البلاد للمساعدة في إرساء الأمن. وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش تؤيد إرسال قوات أفريقية إلى الصومال ودعمها أميركيا، بيد أن هذه السياسة فشلت فشلا ذريعا في أن تؤدي إلى استقرار الأوضاع في بلد مزقته الحروب الأهلية. كما أن دعم إدارة بوش «لأمراء الحرب» الصوماليين قاد إلى تعزيز شعبية منظمة «الشباب». وكانت واشنطن وقتها تدفع أموالا طائلة لأمراء الحرب من أجل القبض على أشخاص تتهمهم بأنهم «إرهابيون»، بيد أن الانتهاكات وسياسة البطش التي مارسها هؤلاء أدت إلى سخط واستياء شعبي استغلته الميليشيات الإسلامية التي دخلت في معارك ضارية مع «لوردات الحرب». ولم تبلور إدارة أوباما حتى الآن سياسة هناك بدلا من السياسة التي اتبعتها إدارة بوش. وتعتقد واشنطن الآن أن هناك مقاتلين أجانب يقاتلون إلى جانب المسلحين الإسلاميين في الصومال «الشباب» وتعتبر واشنطن هذه المنظمة إرهابية. وكانت الخارجية الأميركية اتهمت في وقت سابق إريتريا بإرسال أسلحة إلى الإسلاميين، مشيرة إلى أن ذلك ساعدهم للاستيلاء على أجزاء كبيرة من العاصمة مقديشو. وتطالب الدول الأفريقية بإعلان الصومال منطقة يحظر فيها الطيران لضمان وقف إمدادات الأسلحة الإريترية إلى المليشيات الإسلامية في الصومال.

وفي أديس أبابا لم يستبعد رئيس الوزراء الإثيوبي ميلس زيناوي إرسال قوات عسكرية إلى الصومال إذا ما ساءت الأوضاع هناك، لكنه قال إنه ليست هناك خطط للتدخل في الوقت الحالي. وقال زيناوي في مؤتمر صحافي عقد في وقت متأخر من مساء أول من أمس: «لا نريد أن نجد أنفسنا في موقف يحاول فيه ما يدعى بالفرس الإثيوبي التقاط حبة الكستناء من النار بدلا من الجميع.. وأن يستخدم كل شخص غبي السوط مع هذا الفرس». وقال: «نريد أن ننتظر لنرى كيف يستجيب المجتمع الدولي ككل ثم نرى ما إذا كانت هناك حاجة لتكرار موقفنا من هذا الأمر». وأضاف: «نعتقد أن نشر القوات الإثيوبية لن يكون مسوغا لأننا لسنا مقتنعين بوجود خطر حالي على إثيوبيا». وقلل رئيس الوزراء الإثيوبي من شأن مزاعم رئيس البرلمان الصومالي بأن الحكومة الاتحادية الانتقالية في بلاده ستسقط ما لم تتلق مساعدة أجنبية. وقال: «قراءتنا للموقف في الصومال تختلف قليلا عن قراءة رئيس البرلمان بأنه ما لم يكن هناك تدخل عسكري أجنبي.. فسوف تنهار الحكومة الانتقالية.. تواجه الحكومة الانتقالية موقفا صعبا مع ميليشيات الشباب والحزب الإسلامي يدعمهم مئات من الجهاديين، لكننا لا نعتقد أنهم سيسقطون الحكومة».