مجتبى خامنئي يطمع في خلافة أبيه وقوته بين الحرس الثوري

يفتقر إلى المكانة الدينية والشعبية في الشارع

مريم رجوي رئيسة منظمة «مجاهدين خلق» تنظر إلى صور للمظاهرات في طهران عرضت في فرنسا أمس (رويترز)
TT

هناك عدد قليل من الحكايات التي تتعلق به، ونادرا ما توجد له صور، على الأقل تلك الصور التي تظهر علانية. ولكن مجتبى خامنئي، ابن المرشد الأعلى في إيران ـ وفقا لبعض المحللين ـ يتمتع بنفوذ قوي، كما أنه أحد الشخصيات الأساسية التي تدير عمليات القمع الذي تمارسه الحكومة على المحتجين المعارضين لها. ويدير مجتبى تلك العمليات وهو متخفٍّ خلف هيكل أمني معقد، وخلف عالم متداخل يمتد من الحرس الثوري الإيراني إلى رجال ميليشيا الباسيج.

ويصف المحللون وبعض المنشقين السابقين مجتبى بأنه حاجب أبيه، آية الله علي خامنئي. وشحذ مجتبى الولد الانعزالي مواهبه السياسية في إيران بعد الثورة، حيث كان الارتباط بأجهزة الأمن والاستخبارات بنفس أهمية اعتناق الآيديولوجية الثورية.

إن التوتر في طهران اليوم أعمق من كونه غضبا بشأن نتائج انتخابات 12 يونيو (حزيران)، التي تقول السلطات إن الرئيس محمود أحمدي نجاد فاز فيها، فهي الجولة الأحدث من الصراع بين المتشددين والإصلاحيين الذي بدأ قبل أكثر من عشرين عاما حول إرث الثورة الإسلامية 1979. ويقف مجتبى خامنئي في قلب ذلك الصراع أو على الأقل في موقع قريب منه للغاية، فيقول المحللون إن رجل الدين المحافظ المتشدد يتم إعداده كي يخلف أبيه، ولكنه يحتمل أن يواجه معارضة قوية.

وقد أعلنت بعض الشخصيات المحترمة في الثورة الإيرانية مثل علي أكبر هاشمي رفسنجاني وحسين علي منتظري، قبل عدة سنوات، عن رأيهم في أن مؤهلات خامنئي الأب الدينية والسياسية غير كافية لكي يخلف آية الله روح الله خميني الذي توفي قبل عشرين عاما. ولكنهم وجدوا أنفسهم تم تجاهلهم. وقد نجح خامنئي بالتدريج في خلق بيروقراطية لتعزيز سلطته على الجيش الإيراني والاستخبارات والسياسة الخارجية.

وظهر مجتبى ـ الذي يعتقد أنه في الأربعينات أو الخمسينات من عمره، والمتوغل بعمق في النظام السياسي الذي يصعب على الغرباء اختراقه ـ كقوة في تلك البيروقراطية.

وقد أصبح تأثير مجتبى خامنئي جليا عندما ساند أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية في 2005. وقد هزم أحمدي نجاد ـ الذي يقول المحللون إنه يشارك مجتبى في الخطابة المنمقة والحماسية الإسلامية ـ على غير توقع مرشحين محافظين بارزين بالإضافة إلى رفسنجاني.

ويدعم آل خامنئي حاليا أحمدي نجاد ضد مير حسين موسوي، القيادي المعارض الذي قال إن انتخابات 12 يونيو (حزيران) تعرضت للتزوير ويجب إبطالها.

ولكن مجلس صيانة الدستور، وهو الهيئة المشرفة على العملية الانتخابية، أعلن أنه لن يلغي نتيجة الانتخابات، ولكنه أكد استمراره في فحص نتائج الاقتراع المتنازع عليه حتى يوم الاثنين.

ويعد جزئيا القمع الذي مارسته قوات مقربة من مجتبى خامنئي هو السبب وراء الاحتجاجات والعنف ـ أفادت وسائل الإعلام بمقتل من 10 إلى 19 شخصا ـ الذي اندلع في الشوارع خلال الأسبوع الماضي.

ويقول مهدي خلاجي، الخبير في الشؤون الإيرانية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: «إن الانقلاب الذي يحدث حاليا هو عملية تصفية سياسية ضد الحرس القديم، يقوم بها أشخاص متهورون مثل مجتبى وأحمدي نجاد، ولكنني لا أعتقد أنهم سوف يفوزون، فالقوة التي لا تعتمد سوى على الجيش ولا تكترث بالمؤسسات الدينية أو الاجتماعية لا يمكن أن تستمر».

ويقول محسن سازيجارا، الصحافي الإيراني والمسؤول السابق بالحكومة، التي أدت آراؤه الإصلاحية إلى دخوله السجن لمدة قصيرة في عام 2003: «إن مجتبى خامنئي هو شخص كتوم لا يحب أن تجري سيرته على ألسنة الناس، فلا أحد يعرف الكثير حوله».

ويقول علي أفشاري المعارض والإصلاحي الذي قضى ثلاث سنوات في السجن لإنشائه برامج مؤيدة للديمقراطية: «إنه الرجل الأكثر تأثيرا بين الرجال المحيطين بأبيه، ولكن السؤال هو: ماذا سوف يحدث عندما يرحل أبوه؟ فمجتبى بحاجة إلى إحكام قبضته على المؤسسات الأمنية».

ويقول خلاجي، الذي درس في مدينة قم الإيرانية المقدسة، إن مجتبى خامنئي «نشأ في منزل محاط بالاستخبارات، فليست لديه قدرات دينية مميزة بالرغم من ارتدائه العباءة وزي رجال الدين». وأضاف أن خلفية مجتبى تختلف كثيرا عن خلفية أبيه، فالمرشد الأعلى في سنوات شبابه أغرق نفسه في قراءة الأدب والروايات وسماع الموسيقى، وكان أصدقاؤه من المثقفين، وقضى وقتا في السجن مع الماركسيين. ويقول خلاجي إن مجتبى «نشأ في جو مختلف تماما، فهو من جيل ما بعد الثورة»، ومعظم ذلك الجيل لا يعرف شيئا عن الشخصيات والولع اللذين أديا إلى ثورة 1979.

ويقول المحللون إن مجتبى يفتقر إلى المكانة السياسية والدينية التي تؤهله للتغلب على الخصوم الذين يمكن أن يواجههم إذا ما فكر دخول مجلس الخبراء، وهو الهيئة التي تختار المرشد الأعلى.

ويعتقد أن خامنئي، 69 عاما، لديه نفوذ على نصف مقاعد المجلس التي يبلغ عددها 86 مقعدا، ولكن المجلس يترأسه رفسنجاني ويشمل إصلاحيين آخرين، وهم الذين سوف يعرقلون في الأغلب محاولة مجتبى لخلافة أبيه.

وقد يؤثر الصراع على السلطة الذي انتقل إلى الشارع بعد الانتخابات في الطريقة التي ينظر إليها رجال الدين البارزين إلى مجتبى وفرصه في خلافة أبيه، فحتى الآن التزم رجال الدين وآيات الله في قم الصمت حيال الانتخابات محل النزاع وحيال المظاهرات، ولكن ذلك قد يتغير إذا ما لجأ أحمدي نجاد والمرشد الأعلى إلى استخدام تكتيكات بوليسية عنيفة.

وقد كتب علي أنصاري رئيس مركز الدراسات الإيرانية في جامعة سانت أندروس باسكتلندا في صحيفة الـ«أوبزرفر»: «لا يتمتع أي من آية الله علي خامنئي أو أحمدي نجاد بالشعبية في قم»، وأضاف: «إن أحمدي نجاد ينظر إليه بازدراء من قبل معظم رجال الدين الكبار، بينما لم يتم قبول خامنئي كعالم مرموق أبدا. وقد ينتظر رجال الدين الفرصة السانحة، ولكن تدخلهم، الذي ربما يحدث عاجلا وليس آجلا، خصوصا إذا انتشر العنف، سوف يكون حاسما». ومثل ذلك السيناريو سوف يحد من آمال مجتبى خامنئي في اعتلاء منصب المرشد الأعلى.

ويقول سعيد إدريس، الخبير في الشؤون الإيرانية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة: «إن يدي مجتبى مغروستان في التسلسل الهرمي للحرس الثوري، ومثله مثل كل المحافظين، فإنه حريص على ألا يسمح للإصلاحيين بالوصول إلى السلطة، لأنه إذا حدث ذلك فسوف يثار الكثير من الأسئلة حول الإدارة المالية للبلاد وملايين الدولارات التي استخدمها المحافظون لمساندة أجندتهم السياسية الإقليمية. ولكنني لا أعتقد أن مجتبى هو الشخصية الأساسية وراء دعم أبيه القوي لأحمدي نجاد، لأنه حتى إذا استعاد أحمدي نجاد السلطة فلن يكون سهلا أن يعلن خامنئي في يوم من الأيام عن تولي ابنه لمنصب المرشد الأعلى».

وليس مجتبى خامنئي هو الابن الوحيد للمرشد الأعلى الذي تكون لديه طموحات سياسية، فأحمد خميني ـ ابن الخميني ورئيس الأركان في الثمانينات ـ كان ينظر إليه دائما على أنه الخيار المفضل لتولي الرئاسة، ولكن في أعقاب موت الخميني في 1989 خسر ابنه في الصراع على السلطة مع رفسنجاني رئيس البرلمان وقتها، وفاز رفسنجاني بالانتخابات بينما استدعى المجلس الأعلى للأمن القومي أحمد خميني وأولاه مسؤولية رعاية ضريح أبيه. وقد توفي أحمد الخميني بذبحة قلبية في عام 1995.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ «الشرق الأوسط»