فتوى البابا شنودة برفع أجهزة الإعاشة عن الميؤوس من شفائهم تثير جدلا

الأزهر يرفضها و«الإخوان المسلمون» والإنجيليون يوافقون بشروط

TT

أثارت فتوى للبابا شنودة الثالث بابا الأقباط الأرثوذكس بجواز رفع أجهزة الإعاشة الصناعية عن المرضى الميؤوس من شفائهم جدلا في مصر، حيث رفض الأزهر الأمر معتبرا أنه «قتل للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق»، بينما أعربت داعية إسلامية، وقيادي بارز بجماعة الإخوان المسلمين، وقس إنجيلي، عن موافقتهم شريطة أن يخضع الأمر لتقييم الأطباء.

وكان شاب قد وجّه سؤالا إلى البابا شنودة خلال عظته الأسبوعية حول ما إذا كان يعتبر قد قتل والدته، بعدما وافق الأطباء على رفع أجهزة الأكسجين والإعاشة الصناعية، بسبب حالتها الصحية، فرد البابا شنودة قائلا: «لا طبعا، هي كده ارتاحت بدلا من أن تتعذب وأنت تقف بجوارها لا تستطيع فعل شيء، لأنها ماتت إكلينيكيا على أية حال».

إلا أن الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر رفض هذا الرأي قائلا: «بالنسبة للمريض الميؤوس من شفائه مثل حالة المريض في الغيبوبة الدماغية أو الذي يعيش على التنفس الصناعي والأجهزة الأخرى اللازمة للإعاشة، لا يجوز شرعا رفع الأجهزة عنه ما دام به عرق ينبض، إلا إذا فقد كل مقومات الحياة تماما وظهرت عليه علامات الموت الشرعي، وهنا يجوز رفع الأجهزة عنه».

وأضاف عاشور: «إن الحكم بنزع الأجهزة الصناعية قبل التحقق من موت المريض موتا شرعيا يعد إنهاء لحياة مريض وقتلا للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق»، موضحا أن الله خلق الإنسان من عدم، وهو قادر على شفائه حتى لو بمعجزة لا يتوقعها الأطباء.

وأشار عاشور إلى أن «هناك الكثير من الحالات التي قال الأطباء إنه لا أمل في شفائها، وعاشت لفترات طويلة على الأجهزة الصناعية، وشفيت واستأنفت حياتها مرة أخرى».

من جانبها قالت الداعية الإسلامية الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إنه «إذا كانت تلك الأجهزة القصد منها هو تطويل الحياة وتأجيل الموت، فهذا شرك بالله، لأنه لا يوجد إنسان يستطيع تأجيل أو تبكير موعد وفاة إنسان آخر.. أما إذا كانت تلك الأجهزة تؤدي إلى زيادة الألم على المريض وتثقل كاهل أهله وذويه بالمصاريف دون جدوى طبية بإجماع آراء الأطباء الثقة، وجب رفعها فورا، ولو أدى ذلك إلى وفاة المريض».

وأشارت إلى أن حالات موت جذع المخ على سبيل المثال أجمع الأطباء على أنها موت كامل، وبالتالي وجب رفع الأجهزة عن المريض في هذه الحالة».

أما الدكتور عصام العريان القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين ووكيل نقابة الأطباء المصرية، فاعتبر أن رفع الأجهزة الصناعية عن مريض ميؤوس من شفائه «ليس موتا رحيما»، وقال إن «الموت الرحيم هو أن يتم إنهاء حياة المريض بوسيلة ما، مثل حقنه بمادة سامة أو ضارة، ولكن رفع أجهزة الإعاشة عنه ليس كذلك». وأشار إلى أن عددا من الفقهاء والأطباء أجمعوا على أن المريض الميؤوس من شفائه بإجماع آراء الأطباء يمكن نزع تلك الأجهزة عنه، وقال إن «البعض كان يرى أنه يمكن وضع المريض الميؤوس منه على أجهزة الإعاشة، حتى لو كان في غيبوبة تامة، على أمل أن يتم التوصل يوما ما إلى علاج لمرضه أو وسيلة لتحسين حالته، لكن مع مرور الوقت تبيّن أن هذا الأمر غير مجدٍ، خصوصا في ظل تحول الطب من رسالة سامية إلى تجارة، فاليوم البقاء في العناية المركزة في أي مستشفى يتكلف كثيرا».

ورفض العريان سن تشريع ينظم تلك الحالات قائلا إن «الأمر لا يحتاج تشريعات لأن الوضع يختلف من مريض لآخر، وحسب رأي الأطباء».

من جهته أعرب القس الإنجيلي رفعت فكري عن تأييده لرأي البابا شنودة، فقال إن «الرأي الأول والأخير في تلك الحالة يكون للأطباء، فهم الذين يقررون ما الذي يجب عمله، ولا أعتقد أن أحدا يستطيع التدخل في هذه الحالة سواهم».