أجواء الجلسة الأولى للبرلمان اللبناني المنتخب عكست صورة العلاقات بين الكتل السياسية

«النائب» بري جلس إلى جانب الحريري والمر.. وعون «المتجهم» تجنب زملاءه

TT

عكست أجواء الجلسة الأولى للمجلس النيابي المنتخب صورة واضحة عن العلاقات بين الكتل والتيارات السياسية في لبنان، سواء في السلوكيات المتبادلة أو في الملامح التي ترجمت شعور البعض بالارتياح وتشنج البعض الآخر بفعل نتائج الانتخابات.

خلال انعقاد الجلسة تمحورت الحركة في وسط بيروت حول مجلس النواب وسط إقفال للمقاهي والملاهي والمتاجر. واحتل النواب الجدد ومرافقوهم ساحة النجمة، حيث مقر المجلس والطرق المتفرعة منها. وقد سجل إشكال بين مرافقي النائبة ستريدا جعجع والعناصر الأمنية لدى إصرار أحد مرافقي جعجع على الدخول معها إلى حرم المجلس، إلا أنها أنهت الأشكال بلياقة.

وقد سادت المجلس أجواء التعارف بين الوافدين الجدد، إلا أنها لم تحل دون بعض التحفظ الناجم عن الاصطفافات السياسية الموروثة من المجلس السابق. نواب حركة «أمل» كانوا الأكثر انفتاحا حيال نواب الأكثرية، لا سيما نواب كتلة «المستقبل». أما نواب «تكتل التغيير والإصلاح» فكانوا أول الواصلين إلى المجلس، وتحديدا النواب الجدد في «التيار الوطني الحر» الذين دخلوا المكان برهبة وبعض الارتباك. وقد حرصوا على تحية زملائهم. في حين بقي نواب «حزب الله» على «استنفارهم المعنوي» حيال «الفريق الأكثري». معظم العائدين إلى المجلس احتفظوا بمقاعدهم في القاعة العامة، وتحديدا رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي حضر بـ«الجينز»، في حين كان بقية النواب بالبذلة الرسمية. كذلك عاد رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون إلى مقعده في الصف الأول لجهة اليسار. وبدا تجهمه مثيرا للانتباه، فهو بقي متوترا طوال الجلسة ولم يتبادل أي حديث مع زملائه. أما رئيس تكتل «لبنان أولا» النائب سعد الحريري فحافظ على مقعده أيضا في الصف الأول ولكن لجهة اليمين. وبقي رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» محمد رعد في عمق القاعة العامة محاطا بنواب كتلته. أما رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية فقد اختار أن يجلس في الصف الأخير من مقاعد الوسط بمواجهة مقعد رئيس المجلس وبنفس الارتفاع.

وضع الصندوق الزجاجي وسط القاعة. وبدأ النواب وفق التسلسل الأبجدي لأسمائهم بالتصويت. وعندما صودف وصول النائب من كتلة «المستقبل» هادي حبيش مع وصول النائب في كتلة «الوفاء للمقاومة» نواف الموسوي ابتسم حبيش ليحييه فلم يرد الموسوي الذي وضع ورقته في الصندوق وعاد إلى مكانه. أما رئيس الحكومة المستقيلة فؤاد السنيورة فقد أدلى بصوته وحيا الحاضرين بيده قبل العودة إلى مقعده في المكان المخصص للوزراء. تولى الجميل فرز الأوراق وتولت تويني قراءتها وبقي بري منصتا حتى أعلن فوزه بـ90 صوتا فقام من مكانه وتوجه إلى المنصة ليلقي كلمته. أوقفه رئيس السن بقوله «لحظة دولة الرئيس» لينهي إعلان النتيجة ويسلم بري الكرسي والمطرقة.

خلال الدقائق التي رافقت عملية التسلم والتسليم عاد قدامى النواب إلى فوضاهم المعهودة وتنقلوا بين المقاعد. أما النواب الجدد فلم يغادروا مقاعدهم، مما دفع بري إلى مطالبتهم بالعودة إلى أماكنهم، وانتقد النائب سيرج طور سركيسيان بقوله «يا سيرج حسبتك تغيرت».

انتخاب نائب رئيس المجلس مزج الجد بالمزاح. فتفتقت «قريحة» النواب عن أسماء لم يترشح أصحابها ودخل الفنان الراحل فريد الأطرش على الخط وكذلك الفنان زياد الرحباني. وقد دفع هذا النوع من المزاح بري إلى انتقاده، فقال إنه «كان من الأفضل لو أنهم وضعوا ورقة بيضاء تعبر عن السلاح الأبيض والقلب الأبيض». وكانت جلسة انتخاب رئيس المجلس النيابي قد سجلت حضورا دبلوماسيا رفيع المستوى. كما سجّل أكثر من إشكال بسيط بين الإعلاميين ومسؤولي التنظيم في المجلس فمنعوا من الدخول إلى أن تدخل مسؤول الإعلام محمد بلوط لحل الإشكالات. وفي حين سجل حديث جانبي داخل القاعة بين ستريدا جعجع وسعد الحريري، بدا اللقاء «وجدانيا» بين النائب ميشال المر ونجله وزير الدفاع إلياس وتخللته قبلة طبعها الأخير على جبين والده داخل القاعة العامة. ما زاد النائب ميشال عون تجهما أنه أثناء سؤال بري عن الذين يرغبون بالترشح لمنصب أمين سر في المجلس عدا النائب مروان حمادة الذي كان قد أعلن ترشحه، وعندما رفع النائب آلان عون يده، التفت النائب عاطف مجدلاني إلى النائب أنطوان زهرا مشددا عليه رفع اليد وقد واظب على لفت نظر بري إلى أن زميله زهرا يودّ الترشّح للمنصب أكثر من مرة. فما كان من ميشال عون إلا أن التفت إلى حمادة الجالس بالقرب منه قائلا «انتخبوا آلان عون فننتخبكم». لكن هذا الطلب لم يلق صداه، فاعتبر عون أن حمادة لم يلتزم الاتفاق.

إثر الإعلان عن انتخاب المفوضين في المجلس بدأ التململ في صفوف النواب. فغادر الحريري وقصد مقهى «اتوال» الذي كان المفضل لدى والده، وأمضى فيه ما يقارب الساعة. كذلك شرع عدد كبير بالمغادرة وحاول بري منعهم، فلم يستطع، لذا تم اختيار المفوضين بالتزكية.

وعلى الرغم من التعليمات المشددة بعدم إطلاق النار والمفرقعات ابتهاجا، فإن جمهور حركة «أمل» أصر على الاحتفال فأصيب عدد من المواطنين، بعضهم في الجميزة والأشرفية (شرقي بيروت)، حالة أحدهم خطرة. ولم تسلم «دار الأيتام الإسلامية» في منطقة «الطريق الجديدة» من «قذائف الابتهاج»، فقد «شذت» إحدى هذه القذائف وسقطت في ملعب دار الأيتام الإسلامية، وتسببت بثقب في السطح وتكسير زجاج، كما أحدثت هلعا بين الأطفال.