أهالي المعتقلين الإيرانيين ينتظرون أمام سجن إيفين للاطمئنان على ذويهم

أقارب أحد المعتقلين: لا دخل له بالسياسة وجاء من كندا لزيارة والدته الطاعنة في السن

ايرانيون في نيويورك يشعلون الشموع أمس أمام صورة للشابة ندا التي قتلت بالرصاص خلال مظاهرات طهران (أ.ف.ب)
TT

تنتظر الأمهات والآباء، والعمات والأعمام، والإخوة والأخوات. إنهم يحتسون الشاي، ويتمهلون، ينظرون في ساعاتهم، ويحدقون في قوائم الأسماء المعلقة، نحو 700 أو 800 اسم.

لقد وصلوا مبكرا خارج سجن إيفين، وهو السجن الشهير سيئ السمعة شمالي طهران، حيث يحتجز معظم الإيرانيين الذين تم اعتقالهم في فترة الاضطراب الأخيرة. وفي الساعة الـ8 صباحا، احتشد العشرات، واقفين حول المدخل أو جالسين على مقاعد بلاستيك بنية بعد أن مسحوا الندى من فوقها. وحملوا قسائم دفع أو تراخيص محلات لاستخدامها كضمان لإخراج أفراد الأسرة والأصدقاء بكفالة. وتم الاتصال بكثير منهم في الليلة الماضية وطلب منهم الحضور إلى هنا.

ولكن لا يوجد أحد هنا ليخبرهم إلى أين يذهبون وماذا يفعلون.

واقترب رجل من بوابة محكمة عامة مغلقة بالقرب من مدخل السجن، فأجابه الجندي في لطف. وقال: «والدي العزيز، يجب أن تذهب إلى المحكمة الثورية في شارع معلم. وهناك سيقولون لك أين ابنك وسيتم الإفراج عنه».

وقد انقسمت بعض الأسر، فذهب الأخ والأخت إلى شارع معلم. ووقف الأب والأم أمام إيفين منتظرين، وهم على اتصال عبر الهاتف الجوال، الذي بدأ في العمل من جديد بعد أن كانت الخدمة متقطعة أثناء المظاهرات.

ولا يوجد كثير يمكن فعله أثناء الانتظار. وأمام المحكمة، توجد عربة مقطورة ذات سقف أزرق تستخدم وكأنها محل صغير، يباع فيه الشاي والماء الساخن في أكواب تستعمل مرة واحدة وتقدم خدمات التصوير للوثائق مثل شهادات الميلاد.

ووضعت أوراق تحمل أسماء المحتجزين في إيفين مكتوبة بخط اليد على المقطورة من الخارج. وتتعلق أبصار الزائرين بها لقراءة أسماء الذين اعتقلوا يوم السبت، عندما شهدت العاصمة أعنف مظاهرات. أما أسماء المحتجزين في وقت سابق، فقد طبعت ومعها اسم المحكمة التي ستحاكمهم، وألصقت على الجانب الزجاجي في المحكمة المجاورة لإيفين.

ويبحث مسعود، وهو أب كبير في السن لابن سجين يدعى سمعان سهراي، وزوجته عن أثر لولدهما في القوائم. وصاحت الزوجة: «لقد وجدت الاسم».

فضحك مسعود بينه وبينه نفسه وقال: «من يجرؤ على أن يقول إن غريزة الأم ليست قوية بما يكفي. لم تعد عيناي ترى جيدا».

وقد رفض معظم المجتمعين خارج السجن البالغ عددهم 40 شخصا تقريبا الإدلاء بأسمائهم كاملة، أو في بعض الأحيان حتى التصريح بأسمائهم الأولى خوفا من الانتقام.

ويقول مسعود إنه تلقى اتصالا في الليلة الماضية ليحضر إلى السجن ومعه قسيمة دفع راتبه ككفالة للإفراج عن ابنه.

وقال له جندي في السجن أن يذهب إلى المحكمة الثورية. ويقول مسعود: «إن القبض على ابني درس جيد له. وإذا تم الإفراج عنه سيحترم والده ووالدته أكثر من ذي قبل، وسيدرك ماذا يعني كسب العيش في هذه البلاد، وأرجو أن يلتزم بدراسته والبحث عن عمل».

وسمعت نرجس، والدة معتقل آخر تم القبض عليه يوم السبت، تعليقه، فهزت رأسها وقالت: «أي درس؟ هل الأمر يستحق ذلك؟».

وكتم زوجان أنفاسهما وهما يتجهان نحو مدخل السجن لقراءة قوائم الأسماء بحثا عن ابنهما. وهما يأملان العثور عليه.

وقال الأب واسمه حسن: «لقد اتصلوا بنا ليلة أمس. اتصل المحقق من إيفين، ولكن عندما اتصلنا بالرقم ذاته في صباح اليوم، كان متصلا بالفاكس. لذا جئنا لنرى إن كان الاسم هنا». ويشعر البعض بالارتباك واليأس. وقف علي، وهو رجل في منتصف العمر يغطي وجهه شعر خشن لم يحلقه منذ خمسة أو ستة أيام، محدقا في القوائم المكتوبة بخط اليد. وقال: «اسم ابني ليس موجودا هنا، ولكنه اتصل بي لمدة دقيقة منذ ليلتين، ولا أدري إلى أين أذهب».

ويبحث رجل آخر، اسمه أكبر، عن ابن عم له جاء إلى إيران في زيارة بعد أن عاش في كندا لمدة خمسة أعوام. وكان ابن عمه في الشارع يشاهد المظاهرات عندما اقترب منه مسؤولو الأمن.

ويقول أكبر: «أخرج لهم بطاقة الهوية الكندية، وقال إنه ليس له علاقة بالمظاهرات، بل هو مجرد أحد المارة. ولكن لم يصدقه مسؤولو الأمن. وحاليا منذ يوم السبت لا نجد أثرا له. إنه يبلغ 29 عاما، وجاء لزيارة والدته الطاعنة في السن».

ويحاول جندي يرتدي زيا رماديا تفريق المحتشدين أمام إيفين، وهو يقول: «كل ليلة سيتم تعليق قائمة جديدة على المقطورة. فلتأتوا الليلة أو صباح غد». ولكنهم ما زالوا منتظرين.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»