الحريري يكلف اليوم تشكيل الحكومة.. ومصادر تؤكد أنه لن يخضع لأي ابتزاز

حزب الله يراعي عون ويرفض تسمية أي مرشح لرئاسة الحكومة.. وبري يخرق جبهة المعارضة ويسمي رئيس «المستقبل»

TT

حسمت الاستشارات النيابية الملزمة التي بدأها أمس الرئيس اللبناني ميشال سليمان اسم الرئيس الذي سيكلف تشكيل الحكومة المقبلة، وذلك قبل أن تنتهي هذه الاستشارات اليوم، وبات مؤكدا أن النائب سعد الحريري سيكلف تشكيل الحكومة الجديدة.

وبعد أن استشار سليمان بعد ظهر أمس الكتل النيابية الكبرى، بات واضحا مسار الاستشارات التي ستنتهي اليوم بإعلان الرئيس سليمان تكليف رئيس كتلة «المستقبل» بغالبية 84 صوتا من أصوات النواب الـ128، على الأرجح، بعد أن أجمعت كتل الأكثرية البرلمانية على تسميته إضافة إلى نواب كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري (13 نائبا). وامتنع نواب «حزب الله» عن التسمية مع «وعد» بالتعاون مع الحريري بعد تكليفه، فيما امتنع كتلة «التغيير والإصلاح» التي يرأسها ميشال عون عن التسمية لكن عون قال إنه «لم يضع فيتو على أحد».

وإذا كان بعض المقربين من الحريري ينادونه بـ«دولة الرئيس»، يتمنى أن لا ينال سوى 71 صوتا، أي أصوات فريق الأكثرية، منطلقين من وجهة نظر تقول إن هذا «سيحرره من أي عبء.. وأي دَين»، فإن فريقا آخر داخل الأكثرية كان يدفع باتجاه التعاون مع فريق المعارضة، على الأقل في اختبار لنوايا التعاون. وتؤكد أوساط في فريق «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط» أن الحريري لن يؤلف أي حكومة لا تتعاون معه، وأن الأيام المقبلة ستكون بمثابة «اختبار نوايا» للفريق الآخر لمعرفة مدى جديته في التعاون وملاقاة الانفتاح الذي أبدته الأكثرية. وتشير إلى أن الحريري وعلى رغم حماسته للعمل الحكومي، فإنه ليس مستعدا للرضوخ لأي ابتزاز، فإذا اختار الآخرون هذا الطريق فالرئيس فؤاد السنيورة «أفضل رئيس حكومة في العالم».

وكان رئيس الجمهورية قد بدأ بعد ظهر أمس الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المقبلة. واستهلها بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، ثم رئيس الحكومة المكلف تصريف الأعمال فؤاد السنيورة، والعماد ميشال عون والرئيس نجيب ميقاتي بصفتهما رئيسين سابقين للحكومة، ثم التقى كتلة «التنمية والتحرير» فكتلة «المستقبل» فكتلة «التغيير والإصلاح» فكتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) فكتلة «اللقاء الديمقراطي»، فالنائب ميشال المر، ثم كتلة «زحلة بالقلب» وكتلة «القوات اللبنانية» وكتلة «الكتائب».

وقال السنيورة بعد لقائه سليمان إنه سمّى «الشيخ سعد الدين الحريري ليحظى بالتكليف من أجل تأليف الحكومة الجديدة»، متمنيا أن «تنتهي عملية التكليف غدا (اليوم) وأن تتم عملية التأليف في أسرع وقت لأنه يجب أن نستوي ونقرأ جيدا المتغيرات والتحولات ونفهم أيضا ما جرى من أمور وتجارب في الفترة الماضية وأيضا النتائج التي تمخضت عنها الانتخابات، منطلقين من كل هذا ومدركين حجم التحديات والقضايا التي علينا بتّها في المرحلة المقبلة». وأضاف: «لذلك، على الجميع أن يسهل عملية التأليف لكي ننطلق بأقصى سرعة لمعالجة المسائل الكبيرة التي تواجهنا»، نافيا إمكانية دخوله الحكومة المقبلة وزيرا.

أما الرئيس ميقاتي فقد ترك تسمية الرئيس حتى اليوم عندما يشارك مع كتلته النيابية «التضامن الطرابلسي» متمنيا أن يكون مجيء رئيس الحكومة خيرا على لبنان وأن «يرى الشعب اللبناني السعد على وجهه» في إشارة إلى النائب سعد الحريري.

وأيد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري تكليف الحريري تأليف الحكومة «نظرا إلى أن الانتخابات النيابية كرسته زعيما للأكثرية النيابية، وزعيما يتمتع برصيد شعبي كبير، ويحمل إرثا وطنيا عظيما، إضافة إلى ما يتمتع به من كفاءة وقدرة على تولي هذا المنصب في هذه المرحلة بالذات». وقال: «إن المرحلة المقبلة هي مرحلة عمل وإنجاز. ونتمنى أن يكون في السلطة التنفيذية من يبث روحا جديدة ودما شابا. والأهم، في رأيي، أن يتمكن الحريري، أو أي رئيس وزراء، من أن يحيط نفسه بفريق حكومي منسجم. الأهم أن لا تحمل الحكومة التي سيتم تشكيلها لغم التعطيل في داخلها وأن يتعاون الجميع لبدء مرحلة جديدة، بإيجابية ورغبة في تحقيق طموحات الناس».

وأعلن بري أن كتلته سمت رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري «لترؤّس الحكومة المقبلة». وقال: «قبل الانتخابات وإبانها وبعدها، موقف كتلة التنمية والتحرير مع التوافق الحقيقي الذي تترجمه حكومة وحدة وطنية يذوب من خلالها الشرخ السياسي القائم في البلد، كما أن أغلب أطراف المعارضة قبل الانتخابات أيضا عبرت بوضوح أنها في حال ربحت الانتخابات لن تحكم دون الأطراف الأخرى وأصلا وعلى هذا الأساس سمّينا الزميل سعد الحريري لرئاسة مثل هذه الحكومة، والآن، وإصرارا منا على موقفنا الذي لا نرى بغيره مصلحة للبنان أو الموالاة أو المعارضة أو لأي رئيس مكلف، تشرفنا بإعلام فخامة الرئيس أن كتلة (التنمية والتحرير) لن تشارك أو تشترك بأي حكومة إذا لم تكن هذه الحكومة حكومة توافق ومشاركة حقيقية، إنها الوسيلة النافعة والناجعة التي نراها للبنان الذي لم يعد يحتمل إضاعة فرص».

ثم استقبل سليمان أعضاء كتلة «المستقبل» الذين سموا النائب الحريري. وتحدث باسمهم النائب سمير الجسر، فقال: «رشحنا رئيس كتلة تيار المستقبل النائب سعد الحريري»، مشيرا إلى أن الحريري «تحدث من بداية الطريق عن اليد الممدودة. وهذا الكلام يعكس هذا الشيء. والمهم التسهيل من الآخرين أيضا».

وأعلن ميشال عون أن أعضاء تكتله «لم يسموا أحدا»، وقال: «التقينا في التكتل مع فخامة الرئيس. وأحببنا أن نسهل الأمور فلم نسمِّ أحدا. وقلنا إن الثقة بعد تشكيل الحكومة لا قبل تشكيلها لذلك لم نسمِّ أحدا ولم نضع فيتو على أحد». وأشار إلى أنه قد يشارك في الحكومة المقبلة «وفقا لمعايير معينة». وردّا على سؤال عن سبب عدم تسميته الحريري، قال: «إذا لم يكن هناك تبادل رأي ولا ترشيح ولا أي شيء آخر، لا يستطيع أحد أن يراهن على شخصية رئيس الحكومة بعد تكليفه. إذا شكل حكومة مقبولة حينها نمنحه الثقة».

وراعت كتلة نواب «حزب الله» موقف كتلة عون بعدم التسمية. وقال النائب محمد رعد إن الكتلة لم تسمِّ أحدا، لكنه استدرك: «نقول بشكل واضح إذا انتهت الاستشارات الملزمة حول تسمية رئيس مكلف لتأليف الحكومة، وكانت التسمية من حظ النائب سعد الحريري، فإننا متعاونون ومنفتحون من أجل استكمال الحوار الذي جرى (أول من) أمس بينه وبين السيد نصر الله، علّنا نستطيع إيجاد سبل تعزز الثقة وترضي اللبنانيين وتحقق حكومة وفاق وطني». أما نواب «اللقاء الديمقراطي» فقد سموا النائب سعد الحريري، كما أوضح النائب وليد جنبلاط الذي تحدث باسمهم.