وزير الخارجية الصومالي لـ«الشرق الأوسط»: لن نستسلم لـ «القاعدة» وسننتصر في النهاية

عشرات آلاف الأشخاص يفرون من مقديشو.. ومقتل وإصابة 1150 خلال 6 أسابيع

صوماليات يتنظرن لتسجيل أسمائهن في مركز تابع لأمم المتحدة بمخيم داغاهلي للاجئين في شمال كينيا (أ.ب)
TT

فيما أعلن ناطق باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة أمس أن عشرات آلاف الأشخاص يفرون من مقديشو، حيث تدور معارك ضارية منذ شهر ونصف الشهر بين القوات الحكومية الصومالية والمقاتلين الإسلاميين، أكد محمد عبد الله عمر وزير الخارجية الصومالي لـ«الشرق الأوسط» أن حكومته لن تستسلم لمحاولة من وصفهم بالإرهابيين المتطرفين السيطرة على زمام الأمور في الصومال، مؤكدا أن حكومته ستنتصر في نهاية المطاف على أعدائها. وصرح وليام سبيندلر للصحافيين أن «دوامة عنف» المعارك تركت وراءها «حقلا من الخسائر المدنية والدمار ونازحين جدد». وأوضح أن «إحصائيات المستشفيات في الصومال تفيد عن مقتل أكثر من 250 مدنيا وإصابة 900 آخرين على الأقل خلال الشهر الماضي».

وأكد «نعتبر أن أكثر من 160 ألف شخص اضطروا منذ بداية المعارك في مايو (أيار) إلى مغادرة منازلهم والبحث عن ملجأ في مكان آخر من الصومال أو البلدان المجاورة»، مضيفا أن «نحو 26 ألف شخص فروا من مقديشو بسبب أعمال العنف خلال الفترة ما بين 19 إلى 22 يونيو حزيران وحدها».

وأوضح سبيندلر أن «حوالي 49 ألف شخص لجأوا إلى مناطق أكثر أمانا في العاصمة أو في المخيمات المبنية على عجل في ضاحية مقديشو، بينما فر أكثر من 45 ألفا آخرين إلى ممر افغويي حيث انضموا إلى 400 ألف نازح مكدسين هناك منذ 2007». وأضاف «في الوقت ذاته يتزايد عدد اللاجئين في كينيا المجاورة» حيث وصل 38 ألف لاجئ جديد منذ بداية السنة «وكلهم صوماليون على الأرجح». وأكد أن مخيم داداب في كينيا هو «الأكبر في العالم» ويضم 280 ألف شخص.

ونفى وزير الخارجية الصومالي مجددا أن تكون السلطة الانتقالية في طريقها للانهيار، ووصف الوضع الأمني الراهن في العاصمة الصومالية مقديشو، بأنه طبيعي، حيث لا يوجد إطلاق للنار حاليا.

وأضاف: «الرئيس ورئيس الحكومة والبرلمان هنا، ونحن على ثقة بأن الحكومة ستكون قادرة على الإبقاء على السيطرة على المدينة وستكون لدينا الفرصة قريبا لدحر المتمردين».

وأكد أن الرئيس الصومالي الشيخ شريف بعث مؤخرا برسالة إلى عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية يطلب خلالها دعم موقفه الرامي إلى توسيع صلاحيات ومهام قوات حفظ لسلام الأفريقية (الأميصوم).

وأضاف: «هذا جزء من سياستنا ونأمل أن تتخذ قمة الاتحاد الأفريقي التي ستعقد في ليبيا خلال الأسبوع المقبل قرارا مؤيدا لرغبتنا».

وتابع: «نريد لمهمة القوات الأفريقية أن تتوسع، لأن الحرب الآن حرب حقيقية ضد حركة الشباب وتنظيم القاعدة ولم تعد بعد الآن مجرد حرب صومالية»، لافتا إلى أن المسألة ليست الحفاظ على السلام.

وقال: «المعتاد أن تبحث عن قوات لحفظ السلام عندما تكون هناك حرب أهلية، لكنها الآن حرب ضد الإرهابيين، تنظيم القاعدة في أفغانستان اعترف بإرسال قياديين وقوات إلى هنا، لم يعد الأمر مجرد حرب بين الفرقاء الصوماليين».

وشدد على أن الصومال ليست وحدها هي المهددة من جراء هذا التدخل السافر للمتطرفين من الخارج، معتبرا أن كل المنطقة مهددة بما في ذلك، اليمن وجيبوتي وكينيا وأوغندا. وأضاف: «أفغانستان كانت أول دولة تخلق فيها «القاعدة» قاعدة لها، وإذا ما كانت قد هزمت في أفغانستان لم تكن لترى أي متاعب في باكستان أو العراق». واعتبر أنه إذا لم تحل المشكلة الآن في الصومال، فإن الدور سيأتي على الدول المجاورة في منطقة القرن الأفريقي، لافتا إلى أن هذه ليست حربا أهلية بين الصوماليين ولا يجب اعتبارها كذلك.

وأكد مسؤولون بالحكومة الصومالية لـ«الشرق الأوسط» أن السلطة الانتقالية التي يقودها الشيخ شريف قد تلقت بالفعل شحنة مهداة من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تحوي كميات غير معلومة من الأسلحة والذخيرة في إطار اهتمام واشنطن بتدعيم الشيخ شريف في مواجهة المتمردين الإسلاميين الذين يسعون للإطاحة به.

وقال مسؤول صومالي رفيع المستوى لـ« الشرق الأوسط»: «نعم وصلت هذه الشحنة بالفعل قبل نحو عشرة أيام ودخلت إلى مخازننا، وهي تحت حماية قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي».

واعتبر أن هذه الشحنة التي قدمتها الولايات المتحدة كهدية للسلطة الانتقالية في الصومال تعكس شعور الإدارة الأميركية بالمخاطر المحدقة بمصالحها في الصومال ومنطقة القرن الأفريقي.

وكشف النقاب عن أن الشيخ شريف بعث برسالة شكر إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما عبر القنوات الدبلوماسية لتوجيه الشكر له على هذه اللفتة وطلب مساعدة أميركا لحكومته.

وأبلغ المسؤول الصومالي الذي طلب عدم تعريفه لـ«الشرق الأوسط» أن حكومته تتوقع وصول المزيد من شحنات الأسلحة من دول عربية وغربية خلال اليومين المقبلين، لافتا إلى أن عمليات التسليم والتسلم تتم بصورة سرية لتأمين الشحنات وضمان عدم تعرضها لمخاطر هجمات المتمردين الإسلاميين.

وقال قيادي بارز في الحزب الإسلامي الذي يقوده الشيخ حسن طاهر أويس لـ« الشرق الأوسط» إن إرسال واشنطن شحنات سلاح إلى الصومال دليل جديد على أن أميركا لا تريد الاستقرار والسلام في البلاد.

وأضاف «إنهم يدعمون حكم الشيخ شريف على الرغم من أنه لم يعد يمثل الشعب الصومالي». وتساءل: لماذا يحق لواشنطن دون غيرها إرسال سلاح يدفع ثمنه المواطن الأميركي دافع الضرائب على مرأى ومسمع من العالم؟ بينما تثور واشنطن لوجود عشرات من المقاتلين غير الصوماليين في صفوف ميليشيات المقاومة التي تضم خليطا من ميليشيات الحزب الإسلامي وحركة الشباب المجاهدين.

من جهة أخرى نفذت حركة الشباب المتشددة عقوبة قطع الأيدي والأرجل لأربعة مراهقين اتهموا في وقت سابق بسرقة هواتف محمولة وبنادق، بعد تأجيل يوم واحد بسبب ارتفاع درجة الحرارة.

وقال سكان محليون في منطقة سوكاهولا شمال العاصمة الصومالية مقديشو، إنه تم تنفيذ العقوبة على مرأى ومسمع من نحو مائتي شخص على الأقل، بينما منعت ميليشيات الشباب تصوير الحادث بأية طريقة.

ووزعت الحركة أمس بيانا تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه دافعت فيه عن تنفيذ العقوبة، وقالت إن المحكمة الإسلامية التابعة لها في ولاية بنادر حكمت على المتهمين الأربعة بحد الحرابة، لافتة إلى أن هؤلاء الفتية قاموا بعمليات نهب للمسلمين داخل الأحياء تهديدا بالسلاح، وأضاف البيان الذي ضم عدة صور قبل تنفيذ العقوبة، «بعد متابعة للقضية تمكن جيش الحسبة من القبض على المجرمين وبحوزتهم أسلحتهم وبعض الأشياء المنهوبة من المستضعفين وبعد التحقيق اعترف المتهمون بالجريمة وأقروا بذنبهم».

واعتبر البيان أن العاصمة مقديشو كانت واحدة من أخطر المناطق التي تعج بقطاع الطرق في وضح النهار قبل تواجد عناصر حركة الشباب، موضحا أن هذه الظاهرة بدأت تتلاشى كليا وخاصة في المناطق التي يسيطر عليها أتباع الحركة.