الجيش الأميركي: نحن والمدنيون سنصبح أكثر عرضة للخطر بعد انسحابنا من المدن العراقية

مسؤول عسكري أعرب عن قلقه من إغلاق قواعد في مناطق ساخنة ومنع استخدام المركبات المضادة للألغام

TT

أعرب مسؤولون عسكريون أميركيون عن خشيتهم من أن يؤدي إغلاق القواعد العسكرية داخل المدن والسياسات المقيدة لعمل قواتهم، التي ستدخل حيز التنفيذ بدءا من الأسبوع المقبل إلى تعرض القوات الأميركية والمدنيين إلى مخاطر كبيرة.

وقال المسؤولون، إن من بين الأمور التي تشكل هاجسا كبيرا، ذلك القرار الجديد، الذي يمنع القوات الأميركية من استخدام المركبات المدرعة المضادة للألغام في المناطق الحضرية خلال فترات النهار.

وأشاروا إلى أن ما يثير القلق أيضا، إغلاق القواعد الأمامية في شرق بغداد المجاورة لمناطق الميليشيا، التي استخدمت من قبل لشن هجمات صاروخية مميتة في المنطقة الخضراء.

من المعروف أن آلافا من الجنود الأميركيين سيبقون في عدد قليل من القواعد في بغداد والمناطق المحيطة بعدد من المدن، التي تشهد تمردا مثل الموصل وكركوك في شمال العراق بعد 30 يونيو (حزيران) الموعد النهائي المقرر. لكن القوات الأميركية تقول، إن قدرتها على الاستجابة السريعة لصد الهجمات يمكن أن تتقوض بصورة كبيرة؛ لأن المسؤولين العراقيين سيكون لديهم سلطات غير مسبوقة على تحركاتهم وعملياتهم في المناطق الحضرية. وقال الملازم ثاني جاسون هنكي، قائد فصيلة شرطة عسكرية، وهو من بين من سيستمرون في العمل بإحدى القواعد القليلة الموجودة داخل مدينة بغداد: «لن نتمكن من تقديم نفس مستوى الأمن السابق لأنفسنا والعراقيين مع تلك المساحة القليلة من الوقت، التي سمح لنا بالعمل من خلالها، وسيسهل استهداف القوات الأميركية لدى وجودها خارج أسوار القاعدة».

وقد أبرزت سلسلة هجمات القنابل، التي زرعت على جانب الطريق بالقرب من قاعدته في وسط بغداد هذا الأسبوع المخاوف، التي عبر عنها هنكي بصورة أكثر وضوحا. فقد استهدف أحد أسراب فصيلته يوم الثلاثاء بقنبلة خارقة للدروع أصابت جانب المركبة المضادة للألغام، مما أشعل خط الوقود، كما فقدت فصيلته عربة أخرى يوم الخميس في حادث مشابه. ولدى اندفاع الجنود الآخرين لمساعدة زملائهم في المركبة، التي تشتعل فيها النيران فتح المتمردون نيران أسلحتهم إيه كيه 47 في منطقة مكتظة بالسكان. وأوضح هنكي، الذي يبلغ من العمر 29 عاما، من نيوبيري بارك بكاليفورنيا، أن جنوده ردوا بإطلاق النار على المتمردين، ونجوا دون أن يصاب أحد منهم بسوء، وقال: لو كان الجنود يستخدمون سيارات همفي، الأقل تحصينا خلال فترات النهار كما سيحدث ابتداء من الشهر المقبل، فإنهم، بحسب قوله: «كانوا سيقتلون جميعا».

من الحوادث الأخرى التي شهدها ذلك اليوم وجود عبوتان ناسفتان قويتان زرعتا على جانب الطريق أيضا وفي نفس المسار، بالقرب من نقطة تفتيش للشرطة العراقية. وقال هنكي: «أصيب أحد الجنود بشدة فيما أودت الأخرى التي انفجرت ليلة الأربعاء بحياة قائد شرطة عراقي». وقد أنفق الكونغرس مليارات الدولارات في عام 2007 على بناء سيارات مضادة للألغام، التي يعتقد أنها أسهمت بصورة بارزة في خفض عدد القتلى في صفوف الجنود الأميركيين.

على جانب آخر، جرح 10 جنود أميركيون في كمين نصب لهم يوم الخميس في بغداد، لكن المتحدث باسم الجيش الأميركي لم يقدم تفاصيل بشأن الحادث. وعلى الرغم من انخفاض عدد الهجمات التي يتعرض لها الجيش الأميركي مقارنة بالفترات الأخرى من الأعوام الستة الماضية، إلا أن القادة الأميركيين يقولون إنهم يتوقعون زيادة هذه الهجمات خلال الأسابيع المقبلة؛ لأن المتمردين يرغبون في الكشف عن أنفسهم بعد الموعد النهائي للاتفاقية الأمنية، التي تجدول انسحاب الجنود الأميركيين.

وقد أبرز وقوع عدد من الهجمات في المناطق الحضرية خلال الأيام القليلة الماضية، من بينها تفجيران شهد كل منهما مصرع ما يزيد على 75 عراقيا، المخاوف من استعداد القوات العراقية للعمل مع مساعدة محدودة من القوات الأميركية.

وقال البريغادير جنرال ستيفن لانزا، كبير المتحدثين باسم الجيش الأميركي في العراق، إن «القوات الأميركية ستعتمد على نظيرتها العراقية أكثر من ذي قبل في الكشف عن التهديدات والتصدي لها». وقال للصحافيين يوم الأربعاء: «سنعتمد بصورة أكبر على القوات العراقية لمعرفتها بطبيعة الموقف». إلى ذلك، أعرب الكثير من الجنود والمسؤولين عن شكوكهم في رغبة القوات العراقية أو حتى قدرتها على وقف أنواع الهجمات، التي يواجهها الجنود الأميركيون بصورة رئيسة، التي يأتي على رأسها القنابل الخارقة للدروع، والقنابل التي تزرع على جانب الطريق.

وقال أحد كبار مسؤولي الجيش الأميركي، الذي اشترط عدم ذكر اسمه: «ستزداد إمكانية تعرض قواتنا للخطر عندما يدرك الجيش والشرطة العراقية أنهم ليسوا بحاجة إلى الحصول على مقترحات منا، والسبب الوحيد، الذي يجعلهم يستمعون إلينا، هو منحهم المعدات والأموال، وبمجرد أن نسحبها فإن الكثير من ذلك سيتوقف».

وتمنح الاتفاقية الأمنية القوات الأميركية الحق في الدفاع عن النفس، لكن القادة الأميركيين ناضلوا خلال الشهور الأخيرة للتعريف بوضوح بكيفية ممارسة ذلك الحق بعد 30 يونيو (حزيران). ومن المتوقع أن تؤدي أي مبالغة في ردة الفعل أو انتهاك للاتفاقية الأمنية إلى إغضاب القادة العراقيين، الذين ربط الكثيرون منهم مصيره بالانسحاب الأميركي وقدرتهم على التعامل مع الأمن بمساعدة ضئيلة جدا من الأميركيين.

وقد رفض لانزا الحديث عن الكيفية، التي سيظل عليها الجنود الأميركيون في المناطق الحضرية وعدد المنشآت التي سيتم الاحتفاظ بها، قائلا إن التفاصيل النهائية لا يزال العمل قائما عليها.

ومن المتوقع أن يستمر الاحتفاظ بعشر منشآت توجد بها قوات أميركية، بعد تنفيذ الاتفاقية الأمنية، من بينها اثنتان في المنطقة الخضراء، وذلك بحسب ما أورده مسؤولون مطلعون على القائمة التي وافق عليها العراقيون.

وقد رفضت الحكومة العراقية خلال الأيام القليلة الماضية السماح للقوات الأميركية بالاحتفاظ بأحد المواقع المتقدمة، التي تدعى «كومانشي» على أطراف مدينة الصدر في شرق بغداد، التي كانت عاملا رئيسا في وقف الهجمات الصاروخية وقذائف الهاون، التي أرهبت سكان المنطقة الخضراء في 2007 و2008.

وأِشار كاظم القريشي، القائد بمدينة الصدر، والذي عمل عن قرب مع القوات الأميركية، إلى أن سكان مدينة الصدر يتوقعون عودة العنف خلال الأيام المقبلة. وقد أدى الانفجار الذي وقع في سوق للطيور يوم الأربعاء إلى سقوط ما يزيد على 75 شخصا، في واحدة من أكبر الهجمات، التي شنت على حي شيعي منذ أكثر من عام. وقال القرشي: «مدينة الصدر ضخمة ولا يسهل السيطرة عليها، وأنا على يقين من أن القنابل التي تزرع على جانب الطريق وهجمات المورتر ستعود كما كانت عليه من قبل».

* خدمة واشنطن بوست

* خاص بـ«الشرق الأوسط»