رئيس لجنة مراقبة الإحصاء السكاني: اعتراضات الحركة الشعبية «كلام سياسي» والاتهام بالتزوير «كذب»

قال لـ«الشرق الأوسط» عملية الإحصاء تمت بـ«شفافية» ووفقا للمعايير العالمية المعروفة

TT

دافع مسؤول سوداني بشدة عن نتيجة الإحصاء السكاني المثيرة للخلافات بين شريكي الحكم في السودان: حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن النتيجة «صحيحة»، وتمت وفقا للمعايير العالمية المتعارف عليها، واعتبر رفض الحركة الشعبية للنتيجة «كلام سياسي»، ووصف اتهام الحركة بأن شخصيات بعينها في حزب المؤتمر الوطني بتزوير نتيجة الإحصاء بـ«الكذب». ومع ذلك اعترف بإمكانية إحداث «معالجات فنية» فيما يختص بتحديد الدوائر الانتخابية في المناطق التي لم يحدث فيها العد، لتحقيق «العدالة». وشدد على أن «هذا لا علاقة له بصحة التعداد بقدر ما له علاقة بتوزيع الدوائر الجغرافية».

وترفض الحركة الشعبية التعداد وتشكك في نتيجته باعتبار أنها «مزورة»، فيما يتمسك حزب المؤتمر الوطني بالنتيجة ويقول إن العملية تمت «صحيحة فنيا». وقدم عبد الباقي الجيلاني رئيس اللجنة المحايدة لمراقبة ومتابعة الإحصاء السكاني «مشكلة من رئاسة الجمهورية حسب الدستور»، قدم سردا مفصلا حول كيفية إجراء التعداد السكاني في السودان، وقال إن العملية تمت وفقا للمعايير العالمية وحسب اتفاق السلام ووفقا للمادة «215» من الدستور الانتقالي في البلاد، وأضاف أن التعداد جرى في ظرف سياسي مشحون شحنا رهيبا «وعلية فإن عملية المراقبة تمت بدقة فائقة بذل لها الخبراء من كل أنحاء العالم». ويتولى الجيلاني الآن منصب وزير الدولة بوزارة الشؤون الإنسانية، بعد التعديل الوزاري الجزئي الذي أجراه الرئيس عمر البشير في أبريل (نيسان) الماضي في الحكومة المركزية. وكشف أن العملية جرت وفقا لثلاث مراحل وهي: الاستعدادات الأولية، ثم العد، وأخيرا مرحلة التحليل، وقال إن الاستعدادات والتي تتمثل في استمارة العد من حيث الأسئلة وتركيبتها ومواءمتها للدستور جرت بدقة ومتطابقة للمعايير العالمية، حسب شهادة المراقبة المحلية والإقليمية والدولية معا، التي تمت لهذه المرحلة، وكشف أن لجنة المراقبة مكونة من «65» عضوا يمثلون كل ولايات السودان والقوى المحلية والمؤسسات العلمية المتخصصة والمعاهد والجامعات والمجتمع المدني ومن الإقليم شاركت إثيوبيا ومصر، وشاركت الولايات المتحدة وكندا، ومن المانحين شاركت بريطانيا وفرنسا والمعونة الأميركية، والدنمارك وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وقال إن كل هذه الجهات جلست جلسة واحدة وقالت في تقرير كتبته إن المرحلة الأولى هذه تمت بصورة صحيحة.

كما كشف أن مرحلة العد تمت مراقبتها من قبل بيت خبرة فرنسي متخصص وهو «المجموعة الاستشارية الفرنسية للتعداد السكاني»، وقال إن المجموعة جاءت وقسمت السودان إلى «9» أقاليم وإلى «25» ولاية، أي عدد الولايات الحالية ونحو «250» مجالا وأخذت عينات من عملية العدل وتوصلت في تقريرها إلى أن عملية العد جرت في شفافية تامة، حيث تمت في الجنوب بنسبة «89%»، بسبب التوترات القبلية في مناطق الجنوب ونشاط جيش الرب في بعض آخر من المناطق ورفض سلطات محلية في بعض الولايات في الجنوب لعملية العد، وانتشار الألغام في أجزاء من مواقع العد. وفي دارفور جرى العد بنسبة «90%»، بسبب تعذر عد معسكرات للنازحين في الإقليم، ولسوء الاتصالات في مناطق في أقصى الشمال، ولسيطرة حركات مسلحة لمواقع في شرق منطقة جبل مرة وسط الإقليم. وفي ولايات كردفان ووسط الأخرى بنسبة «100%»، وفي البحر الأحمر شرق السودان بنسبة «98%» بسبب عدم عد السكان في منطقة «حلايب» المتنازع عليها بين السودان ومصر. وقال إن بيت الخبرة «أعطتنا في لجنة المراقبة شهادة بصحة وشفافية العد في كل المواقع التي تمت فيها العملية».وقال الجيلاني إن خبراء من الهند والدنمارك وكندا وجنوب أفريقيا ونيجيريا ومن جهات أخرى، هم من قاموا بمراقبة تحليل الإحصاء السكاني، وأضاف «اجتمعوا على فريقين، الأول في مدينة رمبيك في جنوب السودان قام بمراجعة تحليل التعداد في الجنوب، والثاني قام بذات العملية للتعداد في الشمال، ثم اجتمعوا معا وقالوا في تقريرهم إن العملية صحيحة»، وكشف أن كبير المراقبين للإحصاء السكاني وهو مدير الإحصاء السكاني في جنوب أفريقيا أقر بصحة التعداد وشفافيته. وردا على سؤال حول اتهام الحركة الشعبية للجهات الفنية بأنها رفضت تقديم المعلومات لهم في بعض المراحل، قال الجيلاني إن الحركة الشعبية لديها ممثلون في لجنة المراقبة كما أننا ظللنا نتعامل بشكل لصيق فنيا مع الجهة المسؤولة عن الإحصاء في الجنوب. وكشف أن الحركة الشعبية قدمت ثلاثة اعتراضات على الإحصاء السكاني وهي: الزيادة في سكان جنوب دارفور كبيرة بصورة غير منطقية من وجهة نظر الحركة، «وقلنا لهم في الرد إن تعدادهم في عام 93 بلغ «4.3» ملايين نسمة، وبعد إجراء إسقاطات وفقا لهذا التعداد بعد الشكوى وجدنا عددهم في الإسقاطات «7.4» ملايين نسمة، في حين أن نتيجة التعداد الحالي لسكان جنوب دارفور «7.5»، وأضاف «فقلنا لهم هو الفرق»، وقال إن الاعتراض الثاني هو أن عدد العرب الرحل في جنوب دارفور قد تضاعف بنسبة «300%» وأن هذا غير صحيح، وأنه كلام سياسي، وأضاف أن الحركة احتجت على ظهور عدد الجنوبيين في العاصمة بعدد «500» ألف نسمة، وقالت إن هذا العدد قليل، «وقمنا بالمراجعة فوجدنا عن عدد الجنوبيين الذين عادوا إلى الجنوب بعد توقيع اتفاق السلام وفقا لبرنامج العودة الطوعية يفوق نصف العد المقدر لهم في العاصمة أصلا»، ومضى «ودحضنا هذه الحجة بالأرقام». وردا على سؤال آخر بأن الحركة الشعبية تتهم شخصيات من حزب المؤتمر الوطني الحاكم بتزوير النتيجة، قال الجيلاني «هذا الاتهام كذب من الحركة الشعبية»، وأضاف «لا مؤتمر وطني ولا غيره لم يتدخل في أية عمليات التعداد السكاني، وهي فنية من الدرجة الأولى»، وكرر «هذا حديث سياسي كاذب»، وكشف أن عمليات الرقابة اشتركت فيها كل القوى السياسية بمواقع قيادية في العملية، وضرب مثلا بأن قيادات من حزب الأمة شاركت في دارفور وأخرى من حزب المؤتمر الشعبي شاركت في الجنوب ودارفور، فضلا عن مشاركة واضحة للحزب الشيوعي المعارض في العملية، وقال في لهجة متشددة «أين التزوير في ظل وجود كل القوى وعلى كل المستويات الفنية». وحول طلب الحركة الشعبية بضرورة إحداث معالجات سياسية لنتيجة الإحصاء، أقر الجيلاني بأن هذا الأمر فني أيضا ويتعلق بتوزيع الدوائر الجغرافية للانتخابات المقبلة، حيث تتم «معالجات فنية» فيما يختص بتحديد الدوائر الانتخابية في المناطق التي لم يحدث فيها العد، لتحقيق «العدالة». وشدد على أن «هذا لا علاقة له بصحة التعداد بقدر ما له علاقة بتوزيع الدوائر الجغرافية». وقال «إن هذا الأمر لا يتم لدى لجنة المراقبة وإنما في جهاز الإحصاء»، ونوه الجيلاني «من هنا نرى أنهم في الحقيقة يتحدثون عن الدوائر الجغرافية وحساباتهم الحزبية وليس عن الإحصاء كعملية فنية دقيقة تمت بصحة وشفافية في البلاد».