محامي أبرز المعتقلين من هجمات مومباي: أصبحت أكثر رجل مكروها في الهند

استدعاء 150 شاهد عيان وعرض فيديو على المحكمة

TT

أثارت صور الرجال الذين يحملون البنادق الآلية 47ـAK اهتمام الحضور في قاعة المحكمة المكتظة هنا خلال أحد أيام الأسبوع الماضي عندما عرض ممثل الادعاء مقطع فيديو بدون صوت من هجمات نوفمبر (تشرين الثاني) المميتة على المدينة.

يقول أجوال نيكام للقاضي «ها هما! ها هما!» مشيرا إلى الرجلين المسلحين اللذين يظهران في لقطة فيديو التقطتها لهم إحدى كاميرات المراقبة بمحطة قطار مومباي.

فعلى بعد عدة أقدام منه، يظهر رجل ضئيل الحجم عاري القدمين يرتدي قميصا رمادي اللون يبدو أكبر من مقاسه وينظر بلا اكتراث إلى الشاشة. وبعد انتهاء المشاهد المشوشة لإطلاق النيران والرعب فرك الرجل عينيه ومدد رجليه ومال إلى الخلف ونظر نظرة خاوية.

ويتهم أكمل أمير كساب، الباكستاني المولد، الذي يبلغ 21 عاما، بأنه أحد المهاجمين اللذين تم تصويرهما في لقطات كاميرا مراقبة محطة القطار حيث قتل 48 شخصا. كما أنه الشخص المسلح الوحيد الذي اعتقل حيا خلال الأيام الثلاثة المرعبة بداية من 26 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما وصل عشرة رجال إلى مومباي بواسطة القوارب وهاجموا عشرة مواقع بينها فندقان مستوى نجمتين ومركز يهودي مما تسبب في مقتل حوالي 170 شخصا.

وبدأت محاكمة الرجل بتهم الإرهاب والضلوع في مؤامرة جنائية وشن حرب على الدولة قبل شهرين، ولا يمكن أن يكون الحظ أفضل من ذلك بالنسبة للهند.

فلسنوات طويلة كانت الحكومة في نيودلهي تتهم المقاتلين الإسلاميين المتمركزين في باكستان بشن هجمات إرهابية على الهند، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها القبض على باكستاني ومثوله أمام العدالة بعد أن صرحت الشرطة بتصويره بكاميرا مراقبة أثناء ضلوعه في أنشطة إرهابية.

وقد أثارت تلك المحاكمة المفصلة ومحاولة الأمن حماية كساب غضب الجماهير قائلين إن أدلة إعدامه متوافرة بالفعل، وما هي العقوبة التي سيواجهها إذا ما أدين.

وقد تسبب ضغط الرأي العام في إحجام المحامين عن تمثيل المتهم لعدة أسابيع. ولكن ما يعمل كمعادل للغضب الشعبي هو الفرصة التي تحاول الحكومة استغلالها لكي تذكر العالم بأن الهند هي دولة ديمقراطية ليبرالية بنظام قضائي مستقل.

يقول عباس كاظمي، محامي كساب «بعد قضية كساب، أصبحت أكثر رجل مكروها في الهند لأنني دافعت عنه، فالناس يقولون إن كساب يجب أن يشنق على الفور. ولكن بالنسبة لي، هو بريء حتى تثبت إدانته في المحكمة. والعالم يشاهدنا. فهم سيرون كيف توفر الهند محاكمة عادلة حتى لمن يطلق عليهم إرهابيون».

وكل يوم يجلس كساب في سجن قاعة المحكمة لمواجهة شاهد عيان جديد يفيد بأنه رآه وهو يقتل الركاب ورجال الشرطة والعاملين بمحطات السكة الحديد.

يقول ممثل الادعاء نيكام «لقد قدمنا دليلا من الطب الشرعي، وشهود عيان، ووثائق وصور ومقاطع فيديو في المحكمة حتى الآن، وسوف نقدم كذلك تسجيلات المحادثات التليفونية بين الإرهابيين وبين قادتهم الباكستانيين خلال الهجمات». وأضاف نيكام أنه سيتم كذلك استدعاء فريق من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركية (إف.بي.آي) للإدلاء بشهادتهم.

وتسير المحاكمة ـ التي تنتقد هنا نظرا لسيرها بمعدل بطيء ـ بمعدلات مذهلة السرعة في الحقيقة في بلد اشتهر باستمرار القضايا فيه لسنوات طويلة في المحاكم المثقلة بالقضايا.

ويخطط الادعاء إلى استدعاء 150 شاهد عيان من بين حوالي ألفين متاحين وقد استدعى بالفعل حوالي 68 منهم حتى الآن.

يقول ديفين بهارتي، نائب مفوض الشرطة في مومباي وأحد مستجوبي كساب «إن تلك إحدى أسرع المحاكمات في تاريخنا، فلم تحصل هذه المحكمة حتى على عطلة الصيف التي مدتها شهر مثل بقية المحاكم في الهند».

ويقول بهارتي إنه يتوقع أن تنتهي المحاكمة خلال ثلاثة إلى أربعة أشهر ولكنه أضاف «إن ذلك لم يكن كأي جريمة قتل أخرى، بل كان عملا إرهابيا بشعا وغير مسبوق. ويجب أن تتواءم الاستجابات معه حتى مع التزامنا بأداء واجبنا القانوني».

وفي الوقت نفسه، تستمر الهند في توفير الحماية الأمنية غير القابلة للاختراق لصيدها الثمين حيث يتم إحضار كساب من زنزانته المنفردة التي ليس لها نوافذ إلى قاعة المحكمة عبر ممر ضيق يصل طوله إلى 15 ياردة وخاضع لحراسة مشددة. كما تم تحصين الزنزانة والممر وقاعة المحكمة بحوائط مضادة لطلقات الرصاص. ويتم إعداد طعامه وحده مخافة تسميمه. ويقول بهارتي إن كساب كذلك لديه حمام خاص به، ومضيفا «لدينا أكثر من 200 شرطي ورجال كوماندوز يحرسون كساب طوال اليوم، وتفيد تقارير المخابرات بأن بعض المجموعات في باكستان عقدت العزم على إنقاذه أو قتله لأنه دليل حي على اشتراكهم في الجريمة. ولكن أمننا من القوة بما لا يسمح باختراق الصواريخ أو القنابل للجدران».

وتم السماح لوسائل الإعلام بمراقبة الإجراءات اليومية ولكن لم يسمح بدخول الكاميرات. وقد وفرت قوات الشرطة حتى الأقلام لمنع الناس من استخدام أقلامهم الخاصة التي ربما تخفي مسجلات أو كاميرات.

ويخضع كساب لحماية أمنية مشددة حتى إن محاميه كاظمي يشتكي من عدم قدرته على الحصول على وقت كاف مع موكله، فيقول كاظمي، الذي وافق على تمثيل المسلح المتهم، بعدما رفض عدة محامين آخرين، نظرا لتحفظاتهم الأخلاقية أو خضوعا للضغط الشعبي بالانسحاب «أتحدث إلى كساب تحت رقابة رجال الشرطة ورجال المحكمة المشددة. وفي الحقيقة، لم أجد حتى الوقت الكافي لكي أقرأ عليه التقرير الكبير بالتهم الموجهة إليه. فكيف إذن يمكن له أن يرشدني بفعالية للدفاع عنه؟» وعندما بدأت المحاكمة في أبريل (نيسان) ادعى كساب من خلال محاميه البراءة وسحب اعترافه الذي قال إنه أدلى به تحت التهديد. وتتم المحاكمة باللغة الإنجليزية ولغة الماراثية اللغة الرسمية لولاية ماهاراشترا ولا يجيد كساب أيا منهما. فهو يبدو دائما ضجرا أو مرتبكا أثناء المحاكمة ولكن عندما يبدأ شهود العيان في رواية رعب ليلة أحداث نوفمبر (تشرين الثاني)، يبدو وكأنه يحاول جاهدا متابعة الحديث.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»