مجموعة الثماني تطالب طهران بوقف العنف فورا.. ومجلس الشيوخ الأميركي يعتبر الانتخابات «مزورة»

روسيا تغير لهجتها وتعبر عن «القلق الشديد» من وفاة مدنيين * بريطانيا: حكومة إيران فشلت في حماية شعبها

الرئيس الأميركي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بعد الانتهاء من مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)
TT

في تزايد للضغوط الدولية على إيران، أعلن مجلس الشيوخ الأميركي أنه يعتبر الانتخابات الرئاسية الإيرانية «مزورة»، واعدا بمساعدة الإيرانيين الرافضين لنتائج هذه الانتخابات على التعبير عن آرائهم بحرية. ويأتي ذلك فيما دعا وزراء خارجية دول مجموعة الثماني إلى وقف أعمال العنف في إيران «فورا» دون الطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها المحافظ محمود أحمدي نجاد. وقال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني لدى تلاوته البيان الختامي لوزراء مجموعة الثماني المجتمعين في ترييستي (إيطاليا) أمس إنه يجب أن «تتوقف أعمال العنف فورا». ودعت المجموعة (إيطاليا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وكندا واليابان وروسيا) إيران إلى «تسوية الأزمة سريعا عبر حوار ديمقراطي وبالطرق السلمية». وأعرب فراتيني عن «تضامن» مجموعة الثماني مع عائلات ضحايا العنف في إيران. وبعد التشديد على «احترام سيادة» إيران دعا طهران إلى «احترام حقوق الأشخاص الأساسية» ولا سيما «حرية التعبير».

ونفت مجموعة الثماني «التدخل» في العملية الانتخابية مطالبة في الوقت نفسه بـ«إلقاء الضوء» على النتائج مؤكدة أن المجتمع الدولي لا ينوي البتة «تغيير» نتائج الانتخابات الرئاسية.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أن نتيجة الاجتماع «إيجابية» لكن «من الواضح أننا لسنا متفقين جميعا» حول إيران، بينما رفضت روسيا أي «إدانة» لعملية الاقتراع. وأعرب الوزير الروسي سيرغي لافروف عن «قلقه الشديد» من استخدام العنف بحق المتظاهرين في تصريحات تُعتبر تحولا كبيرا في لهجة موسكو التي كانت ترى حتى الآن في أزمة إيران شأنا داخليا. إلا أن لافروف أعرب عن ثقته في تسوية «المشكلات طبقا للمعايير الديمقراطية». وتابع: «بطبيعة الحال نعبّر عن بالغ قلقنا بشأن استخدام القوة ووفاة مدنيين. نعول على أن يتم حل جميع القضايا التي ظهرت في سياق الانتخابات بما يتفق مع الإجراءات الديمقراطية».

فيما دعا كوشنير لمواصلة الحوار مع إيران لا سيما بشأن الملف النووي، مشيرا إلى أن «نفس الأشخاص هم الذين يمسكون بزمام الأمور في ما يخص الملف النووي والقمع». من جهته أعلن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية وليام بيرنز الذي حل محل هيلاري كلينتون المصابة أن «الولايات المتحدة قلقة جدا من استخدام القوة في حق أبرياء يحاولون التعبير سلميا عن آرائهم». قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند إن «أعمال العنف التي شاهدناها خلال الأيام العشرة الأخيرة شائنة». وأضاف ميليباند، بينما طردت إيران دبلوماسيين بريطانيين، أن القول بأن «الدول الأجنبية تحرض المتظاهرين أمر لا أساس له من الصحة». كما قال ميليباند إن حكومة إيران فشلت في حماية شعبها خلال الاحتجاجات، وأضاف أن أعمال القتل والضرب التي جرت مستهجَنة. وتابع في مؤتمر صحافي عقب اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الثماني: «أعتقد أن هنا اتفاقا على أن الشعب الإيراني هو الذي له أن يختار حكومته، لكن على الحكومة الإيرانية حماية شعبها. هناك أزمة مصداقية، لا بين إيران والغرب لكن بين الفرز الإيراني للأصوات والشعب الإيراني». وأسفر قمع التظاهرات عن سقوط عشرين قتيلا بينهم ثمانية عناصر من ميليشيا الباسيج على ما أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني، بينما تحدثت وسائل إعلام أخرى عن سقوط 17 قتيلا بين المتظاهرين، في حين يستحيل التأكد من الحصيلة.

أما في الشأن النووي فقد دعت مجموعة الثماني «إيران بحزم إلى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي». وبعد الاعتراف بحق إيران في برنامج نووي مدني اعتبرت المجموعة أن على طهران «استعادة الثقة في الطابع السلمي المحض للنشاطات النووية».

وفي واشنطن وفي تطور آخر لافت في ما يتعلق بموقف أميركا من الأزمة، أعلن أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي أن نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية «مزورة»، واعدين بمساعدة الإيرانيين الرافضين لنتائج هذه الانتخابات على التعبير عن آرائهم بحرية. وقال السناتور الجمهوري ليندسي غراهام إنه «في الحقيقة هذه الانتخابات تم التلاعب بها والشعب الإيراني يحاول إسماع صوته وعلينا أن نساعده».

من جهته قال السناتور الجمهوري جون ماكين ردا على الاتهامات الإيرانية الموجهة إلى البيت الأبيض بالتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية: «نحن لا ننحاز إلى أي مرشح. يبدو أن لغطا حصل في هذا الموضوع». وأضاف ماكين الذي نافس الرئيس باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية في 2008: «نحن ننحاز إلى الشعب الإيراني من أجل أن يتمتع بحقوق الإنسان والحرية التي نعتبرها عالمية». وأكد السناتوران الجمهوريان ومعهما السناتور المستقل جو ليبرمان أنهم يعتزمون مساعدة الإذاعات المدعومة من الولايات المتحدة والتي تبث برامجها في إيران، وكذلك معارضو النظام، على تجاوز القيود التي تفرضها السلطات الإيرانية على الاتصالات الخلوية، التي تسمح للمتظاهرين خصوصا بأن يرسلوا عبر هواتفهم النقالة صور ما يجري على الأرض، وكذلك الوصول إلى الإنترنت.

وأوضح جون ماكين أنه سيتم تحضير مشروع قانون بهذا الشأن في يوليو (تموز)، وسيهدف خصوصا إلى زيادة الموازنة المرصودة لإذاعة «فاردا»، وهي إحدى الإذاعات التابعة ل«فري راديو/راديو ليبرتي» الممولة من الكونغرس الأميركي والتي تم إنشاؤها في حقبة الحرب الباردة لبث الأخبار إلى ما وراء الستار الحديدي.

ومنذ بدأت الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة في إيران منذ قيام الثورة قبل 30 عاما، منعت السلطات الإيرانية وسائل الإعلام الأجنبية من تغطية التظاهرات وكل النشاطات غير المدرجة على «برنامج» وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي. وطردت السلطات الإيرانية أيضا عددا من المراسلين العاملين لحساب وسائل إعلام أجنبية.

إلى ذلك، أعرب رئيس القيادة الجنوبية الجديد في الجيش الأميركي الجنرال دوغلاس فريزر عن «القلق» حيال تصاعد النفوذ الإيراني في أميركا اللاتينية على الأخص عبر علاقاتها مع جماعات كحركة المقاومة الإسلامية حماس أو حزب الله اللبناني. وتسلم فريزر منصبه على رأس القيادة الجنوبية الموكلة العمليات والعلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة ودول أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي أول من أمس، ودعا إلى تعزيز الشراكات الإقليمية لمواجهة التهريب والإرهاب المرتبط بالمخدرات، وذلك في لقاء مع عدة وسائل إعلام من بينها «فرانس برس» في ميامي (فلوريدا، جنوب شرق).

وتَطرّق فريزر إلى الدور المتنامي لإيران في المنطقة. وقال الجنرال فريزر إن أحمدي نجاد حليف ثابت لعدة حكومات يسارية أخرى في أميركا اللاتينية على غرار كوبا. لكن بالإضافة إلى العلاقات الثنائية بين دولة وأخرى، فإن «القلق الحقيقي» الذي ينتاب الولايات المتحدة نابع من «علاقات إيران مع منظمات متطرفة» و«الخطر المحتمل الذي قد يترتب على المنطقة» نتيجتها، ذاكرا حركة حماس وحزب الله اللبناني. وأشار دون الدخول في التفاصيل إلى أن القيادة الجنوبية «ستواصل مراقبة أي ازدياد في التحركات» التي تتعلق بإيران والمجموعتين المذكورتين في أميركا اللاتينية. وكان فريزر الرجل الثاني في قيادة المحيط الهادئ وهو العسكري الأول المنبثق من سلاح الجو الأميركي الذي يتولى القيادة الجنوبية. وهو يخلف الأميرال جيمس ستافريديس الذي عين في مايو في منصب القائد الأعلى لقوات الحلف الأطلسي في أوروبا. وتشمل دائرة عمل القيادة الجنوبية للجيش الأميركي 31 دولة و10 مناطق في أميركا اللاتينية والكاريبي. ونُقلت القاعدة العملانية للقيادة من قناة بنما إلى ميامي عام 1997، حيث يعمل 1600 شخص من عسكريين ومدنيين.