وزير خارجية جيبوتي لـ «الشرق الأوسط»: قاومنا إغراءات إسرائيلية لتطبيع العلاقات

محمود علي يوسف قال إن إرسال قوات عسكرية من جيبوتي إلى الصومال مرهون بقرار أفريقي

TT

كشف وزير الخارجية الجيبوتي محمود على يوسف، في حديث مع «الشرق الأوسط»، النقاب عن أن بلاده رفضت عدة إغراءات ومحاولات وعروض إسرائيلية لإقناعها بتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، مؤكدا أن بلاده ملتزمة بعدم إجراء أي اتصالات أو تطبيع مع إسرائيل، قبل أن تلتزم الأخيرة بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي.

وأبلغ يوسف «الشرق الأوسط» في حوار معه على هامش مشاركته في الاجتماع الاستثنائي، الذي عقده مؤخرا وزراء الخارجية العرب، أن بلاده لا تنوى بأي حال من الأحوال التجاوب مع الإغراءات الإسرائيلية مهما كان حجمها، وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها. واعتبر يوسف، أن استجابة جيبوتي لطلب رئيس البرلمان الصومالي عدن مادوبي، مؤخرا، بشأن إرسال قوات عسكرية عاجلة للحيلولة دون انهيار السلطة الانتقالية، التي يقودها الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد، مرهون بصدور قرار من قمة الاتحاد الأفريقي، التي ستعقد في ليبيا الأسبوع المقبل. وأضاف: «إذا شاركنا بأي قوات ستعمل تحت مظلة قوات حفظ السلام الأفريقية»، مشيرا إلى أن الشيخ شريف، بعث مؤخرا برسالة عاجلة إلى عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية، يطالب خلالها الدول العربية بدعم المساعي المبذولة لتوسيع مهمة القوات التابعة للاتحاد الأفريقي وتعزيز قدراتها، بحيث تكون قادرة على صنع السلام وليس فقط حفظه وفقا للصيغة الحالية. وفيما يلي نص الحوار:

* كيف ستتعاملون مع طلب البرلمان الصومالي إرسال قوات عسكرية من جيبوتي؟

ـ أولا هذا الطلب جاء وتأكد بعد إرسال الشيخ شريف شيخ أحمد، رسالة ومذكرة رسمية إلى عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية، يطلب من خلالها أن تدعم الدول العربية المساعي المبذولة لاستبدال مهمة قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي (أميصوم) من قوات لحفظ السلام إلى صنع السلام

* هل هذا يعنى استبدال القوات الأفريقية؟

ـ لا هذا لا يعنى استبدالا، هو(الشيخ شريف) يريد دعما من الدول العربية لفتح مهمة «الأميصوم» وإعطائها صلاحية لكي تستطيع الوفاء بالمهام المطلوبة منها، وهذا ما ستبحثه أيضا قمة دول الاتحاد الأفريقي مطلع الشهر المقبل في مدينة سرت بليبيا.

* يعنى هذا أنكم لن تتحركوا بشكل منفرد؟

ـ نعم، دول الجوار الجغرافي للصومال لا تستطيع أن تتحرك إلا تحت غطاء، أو تفويض من الاتحاد الأفريقي، وإذا شاركت جيبوتي في قوات حفظ السلام ستكون تحت مظلة «الأميصوم»، ونحن أبدينا استعدادا عندما تلقينا طلبا من الحكومة الصومالية للمساهمة في تلك القوات، وندعم الحكومة الصومالية بالإمكانيات المتوفرة لدينا، وننتظر فقط الحصول على هذا التفويض من الاتحاد الأفريقي، هذا هو موقفنا كحكومة جيبوتي ونحن مستعدون.

* هل يعنى طلب البرلمان أن السلطة الانتقالية باتت على شفا الانهيار؟

ـ لا طبعا الحكومة الصومالية تواجه وتتعرض لمشكلات كثيرة، ومن يسمون أنفسهم الشباب المجاهدين يتصرفون بشكل خطير، ليس فقط على الصومال، وإنما على منطقة القرن الأفريقي كلها، من خلال تصريحاتهم، عندما يقولون إنهم سيصدرون الإرهاب والتفجيرات والحرب إلى نيروبي وجيبوتي وأديس أبابا، وهذه مساع خطيرة، وحتى تقنياتهم وأساليبهم تطورت وتغيرت، وأصبحت تشبه إلى حد ما، ما تقوم به «القاعدة» في دول كثيرة، وهذا طبعا يشكل مصدر قلق لجميع دول الجوار وللمجتمع الأفريقي بشكل عام، ولا يستطيع حتى المجتمع الدولي أن ينتظر ويراقب هذا الموضع عن بعد، ولا يقوم بعمل ما لإنقاذ المؤسسات الانتقالية، ليحد من نفوذ هذه المجموعات المتطرفة، التي تستغل ضعف الحكومة الانتقالية لفرض إرادتها، ونظام يكون بمثابة طالبان في أفغانستان، وهذا أمر مخيف للجميع، ونحن لا نستطيع أن نتكتم على هذا الوضع، وأبلغنا هذا للجامعة العربية، وشرحنا لهم مجريات الأمور في العاصمة الصومالية مقديشو. كما أوضحنا أن التحرك العربي بات ضروريا للغاية، بالإضافة إلى التحرك الأفريقي لإنقاذ الحكومة الصومالية من خطر الجماعات الإرهابية.

* كيف ترى ما يقال عن وجود تنظيم القاعدة في الصومال؟

ـ هذا واضح، رأيتم مثلنا على شاشات التلفزيون، أن بعض من يقاتلون في صفوف المتمردين ليسوا صوماليين، بشرتهم ولونهم كان واضحا ولا يحتاج الأمر مني إلى تعليق، الصور التي تبث على القنوات التلفزيونية تظهر أن هناك مقاتلين أجانب غير صوماليين، الأعلام السوداء دليل على أن عناصر من «القاعدة» توغلت في الصومال، وبدأت تنظم وتنسق مع هذه المجموعات، وهي التي تقوم بشن الهجمات الانتحارية بالأسلوب نفسه، الذي اعتدنا عليه من قبل «القاعدة».

* كيف ترى ما يشاع عن إقامة إسرائيل قاعدة إنقاذ في البحر الأحمر؟

ـ نحن طبعا لا نتقبل هذا الوجود، وهناك اجتماع طارئ سيعقد في المملكة العربية السعودية لقيادات القوات البحرية للدول المطلة على البحر الأحمر، هذا اجتماع عسكري فني سيعقد يوم 29 يونيو (حزيران) الحالي في الرياض، ويهدف إلى أن يكون هناك تنسيق بين الدول العربية، ولوجود عربي لما يجري من مناورات وعمليات عسكرية في البحر الأحمر، حتى لا نكون خارج تلك الحكومات، وهذه المبادرة التي قدمتها السعودية محل تقدير من جيبوتي، وأبدينا استعدادا للمشاركة في هذا الاجتماع وللتنسيق مع السعودية. وبصفة عامة نعتقد أن وجودا عسكريا دائما في البحر الأحمر وخليج عدن غير مقبول، وستكون دول كثيرة عرضة للابتزاز وهذا مرفوض، والوجود الإسرائيلي في منطقة القرن الأفريقي أيضا غير مقبول على الأقل من وجهة نظر الحكومة في جيبوتي.

* كيف ترى حل ظاهرة القرصنة في الصومال؟

ـ تلك الظاهرة أتت بقوات دولية إلى المياه الإقليمية الصومالية وإلى خليج عدن، وهذه القوات الدولية تحاول أن تحمي هذا الممر الملاحي الهام، لكن حسب تقديرنا أنه إذا وجدت الأزمة السياسية في الصومال طريقها إلى الحل، فنعتقد أن ظاهرة القرصنة ستختفي بعدها مباشرة.

* فهمت أنه جرت محاولات من إسرائيل لتطبيع العلاقات معها؟

ـ منذ اتفاق أوسلو، ومن حين إلى آخر، تحاول الحكومة الإسرائيلية فتح قناة اتصال مع جيبوتي، ونحن قلنا إننا لا نساوم على هذه الموضوعات ورفضنا التطبيع من زمان، ولن تسمع عن أي علاقة سواء مكتب أو أي شيء بين إسرائيل وجيبوتي، وهذا أمر مسلم، وكن على ثقة منه، نحن موقفنا واحد ولن نقبل المساومات.

* متى كانت آخر تلك المحاولات؟

ـ قبل نحو عام ونصف، حاولوا إغراءنا من خلال التلويح بتقديم مساعدات وإغراءات لكن موقفنا كان واضحا، ولم يتغير ولم يتزعزع.

* هل تمت مباشرة أو من خلال وسطاء؟

ـ عبر وسطاء، دائما، ليست لدينا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، لكنها تحاول عبر شركات ووسطاء وتجار إقناعنا ببعض المشروعات، ولكن نحن رفضنا المساومة على ثوابتنا الوطنية والعربية مقابل بضع مشروعات أو دولارات، وهذا موقف واضح للجميع.

* ما تقييمك للاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب؟

ـ الحضور ممتاز، بغض النظر عن أن الارتباطات حالت دون رؤية بعض الوزراء الزملاء، ولم تكن هناك خلافات مطلقا، الموقف العربي كان واضحا تجاه ما ورد في خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما، ونحن ندعم المقترحات التي وردت في خطابه، وهناك خطة تحرك عربية على ضوء هذه المقترحات.

* كيف سيكون التعامل العربي مع مقترحات أوباما؟

ـ العالم العربي سيتحرك ويتفاعل بإيجابية مع المبادرة الأميركية الجديدة، لأن إدارة الرئيس أوباما تقدمت بأفكار بناءة، ونحن كدول عربية سنتابع هذه الأفكار، ونناشد أيضا الحكومة الأميركية أن تترجمها على أرض الواقع، وأن يتوقف الاستيطان قبل أن نشرع في تثبيت خارطة الطريق، وحل الدولتين، وتثبيت حق العودة للاجئين الفلسطينيين.