مشاورات نصر الله والحريري مستمرة لتشكيل الحكومة.. وحزب الله يريد «شراكة فاعلة»

الموسوي لـ «الشرق الأوسط»: يجب عدم حرق المراحل.. ومشاوراتنا سنحيطها بالتكتم

TT

مع تكليف رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري تأليف حكومة ما بعد الانتخابات النيابية، يترقب اللبنانيون «شروط» قوى «8 آذار» بعدما كثر الحديث عن أن «بروفة» انتخابات رئيس المجلس النيابي ونائبه وأميني السر والمفوضين تعكس التجاذب الذي سيرافق عملية التأليف. ولعل «الثلث المعطل» هو العنوان الأكثر إثارة للجدل في هذه العملية، تليه مسألة التمثيل النسبي التي طرحها رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. وفي حين تبقى عبارتا «المشاركة الفاعلة» و«الوحدة الوطنية» حمالتي أوجه العقد التي يمكن أن تعترض التأليف، بدا التريث في إعلان المواقف هو العامل المشترك لكل من حزب الله وتكتل «التغيير والإصلاح». يقول النائب عن حزب الله نواف الموسوي لـ«الشرق الأوسط»: «بعد التكليف هناك مهمة تأليف الحكومة. القوى السياسية في فريقنا تنظر إلى ما سيطرحه الرئيس المكلف وفي ضوء ما سيعرضه سوف نتخذ المواقف المناسبة. يهمنا أن تتأمن الشراكة الفاعلة والحقيقية لتتشكل حكومة تصح فيها فعلا تسمية الوحدة الوطنية. وفي ضوء تقييم ما سيعرض، وفي محصلة المشاورات التي بدأت بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ولا تزال مستمرة، يتبين الموقف الذي سنتخذه».

وأشار الموسوي إلى استعداد كتلة «الوفاء للمقاومة» للتعاون من أجل الوفاق الوطني القائم على الشراكة الفاعلة. كما أشار إلى «أن التركيبة الحكومية تقوم على التمثيل الطائفي في مجتمع تعددي كالمجتمع اللبناني، وبالتالي تصبح غير دقيقة تسمية الموالاة والمعارضة في تشكيل الحكومات». وقال: «لا بد من تمثيل الطوائف بصورة عادلة كما ينص الدستور (مادة 95). ولا يمكن الحديث عن أكثرية حاكمة وأقلية معارضة».

هل يعني ذلك أن الأطراف ستتنابذ داخل الحكومة وتشل العمل الحكومي؟ يقول الموسوي: «ليس بالضرورة أن تكون الأطراف متنابذة. القوى السياسية قادرة على إيجاد تفاهمات تمكنها من العمل لتحقيق المصلحة الوطنية ولو من منطلقات مختلفة».

وعن العقبات التي يمكن أن تواجه عملية التأليف، قال: «يجب عدم حرق المراحل. النقاش قائم، هناك قواعد يجب مراعاتها. والأمر لا يتعلق بالحصص، إنما بتطبيق مقتضيات الوفاق والنصوص الدستورية. ونحن كنا مبادرين في الحديث عن التعاون من أجل تذليل العقبات وليس وضعها. وقد عبر رئيس كتلتنا النائب محمد رعد عن الاستعداد للعمل بكل إيجابية وتعاون لتكريس الوفاق الوطني والشراكة الحقيقية». ويؤكد الموسوي أن «النقاش لا يدور حاليا حول الحقائب وكيفية توزيعها، فهذا البحث يأتي لاحقا. المطلوب حسم مبادئ تشكيل الحكومة وليس حسم الشؤون السياسية. هناك اتفاق على جزء كبير من هذه الشؤون، وما يتبقى ستتم مناقشته خلال صياغة البيان الحكومي لاحقا. وإذا تم حسم مبادئ التشكيل، سنتبين إذا ما كانت الشراكة الحقيقية ستترجم». ويقول: «نحن أمام تركيبة برلمانية لا تختلف عن تلك التي كانت على مدى السنوات الأربع الماضية. وقد عرفنا تجربة حكومة لم تقم على الشراكة، فشلَّت البلد.

أما الحكومة التي شُكِّلت بعد انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية فقد تمكنت من تحقيق عدد من الإنجازات وبإجماع المشاركين فيها. وبالتأكيد من الأفضل اتخاذ القرارات التي تكون قابلة للتطبيق. وليس القرارات التي لا تجد طريقا إلى التطبيق». وردا على سؤال حول ما إذا كان ذلك يعني أن حزب الله والمعارضة متمسكون بالثلث المعطل، يقول الموسوي: «نحن ننأى عن الدخول في السجالات الإعلامية. كما إننا لن نستبق المشاورات التي نحوطها بالتكتم. ما لدينا سنقوله في إطارها. وبعد استكمالها سيتم الإعلان عن المواقف». أما النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» آلان عون فيقول: «نحن حددنا موقفنا وأعلنا أننا نريد تمثيلا نسبيا في الحكومة. لكننا لن نستبق المشاورات مع الرئيس المكلف. وبالتالي لا شيء مقبولا بالمطلق ولا شيء مرفوضا بالمطلق. عندما نعلم ما سيطرحه الحريري نستطيع أن نأخذ موقفا. مع الإشارة إلى أننا أبدينا استعدادنا وبإيجابية للمشاركة في إدارة الدولة وإعادة بنائها».

وعن كيفية ترجمة هذه الإيجابية في ظل العلاقات المتشنجة أصلا بين التكتل والرئيس المكلف، قال عون: «هدفنا ليس استمرار الصراع بين أكثرية ومعارضة. لدينا مشروع لتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي في لبنان. ونتمنى أن نشارك لنساهم في تحقيقه ولسنا سلبيين. نحن نريد أن نكون شركاء حقيقيين في القرار، لا سيما في المواضيع التي تتطلب إجماعا وطنيا».

وفي حين أبدى عون «تفاؤله» بـ«المبادرة الإيجابية للحريري وما لديه من تطلعات جيدة للبنان، بناء على ما قاله فور انتخابه وفور تكليفه»، قال: «من المفروض أن يكون ما سيطرحه في إطار هذه التطلعات. وتحديدا لأن عامل الثقة بيننا وبينه متزعزع بحكم التجربة السابقة والأزمات التي عرفها لبنان خلال السنوات الأربع الماضية. لذا يجب أن يعاد بناء الثقة تدريجيا».

وحول التنازلات من الطرفين، يجيب عون: «إذا وضعنا الأكثرية والمعارضة في الميزان نجد أن الأكثرية لا تملك الثلثين في البرلمان، وبالتالي ليس لديها حرية القرار، إضافة إلى أنها لا تملك تمثيلا لكل الطوائف الكبرى في لبنان، وبالتالي إذا انطلقنا من أن الدستور يفرض الثلثين للقرارات المهمة، عندها لا بد لهذه الأكثرية من أن تتشارك مع أحد. ونحن نطلب أن يكون لنا وجود في القرارات، فما نمثل مع حلفائنا الذين يشكلون جزءا كاسحا في طائفتهم (حزب الله وحركة أمل) يسمح لنا بالمطالبة بالثلث المعطل. ليس لأننا نستثمر في هؤلاء الحلفاء ولكن لأننا أيضا نمثل أكثر من 50% من طائفتنا. وبما أننا في نظام طائفي يجب أن يؤخذ هذا الواقع في الاعتبار». ويضيف: «الأكثرية ستحكم بأكثريتها في التصويت على القوانين العادية التي لا تحتاج إلى ثلثين. أما في الأمور الكبرى، فممارسة الأكثرية كانت إقصائية، لذا يجب أن نحصل على ضمانات لنحول دون إقصائنا».

ونفى عون أن تعود صيغة المعارضة إلى داخل حكومة الوحدة الوطنية إذا تم الاتفاق بين الجميع على تشكيلها. وقال: «حكومة الوحدة الوطنية تبقى الأضمن للاستقرار. وليس ضروريا أن تبقى الاصطفافات على حالها داخل الحكومة الجديدة. قد نتفق مع وزراء تيار المستقبل ونختلف مع وزراء من حلفائنا. لا لزوم لبقاء الاصطفاف السابق على حاله. فالأسباب التي أدت إليه وضعت جانبا. والملفات التي تؤدي إلى أزمات سحبت من التداول».