الرئيس الموريتاني المخلوع يعود لساعات إلى الحكم ويستقيل فاتحاً الباب للانتخابات

المفوضية الأوروبية وباريس تشيدان بإحراز «تقدم أساسي» في موريتانيا

TT

أعلن الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله تنازله طواعية عن منصب رئيس الجمهورية بعد أن تم الوفاء بالشروط التي طلبها، وعين حكومة وحدة وطنية جديدة حتى يتسنى إجراء انتخابات رئاسية الشهر المقبل وذلك في إطار اتفاق مع العسكريين الذين أطاحوا به.

وتهدف الانتخابات إلى استعادة الديمقراطية في موريتانيا، المنتجة لخام الحديد، بعد انقلاب عسكري وقع في أغسطس (آب) استنكره المانحون وأثار مخاوف دول غرب أفريقيا من سيطرة الجيش في المنطقة غير المستقرة.

وأضاف الرئيس المخلوع في خطاب بثته الإذاعة مباشرة: «أغادر كما جئت بقلب خال من كل كراهية تجاه أي كان» ودعا الشعب الموريتاني إلى «الوحدة لمنح الأمل للبلاد من خلال انتخابات شفافة». وإثر ذلك قبل المجلس الدستوري استقالة الرئيس المخلوع التي استمرت لساعات، وقد وقع ولد الشيخ عبد الله أول من أمس في نواكشوط مرسوما يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية تقضي مهمتها بالإعداد للانتخابات الرئاسية في 18 يوليو (تموز) المقبل. وتم توقيع الوثيقة في قصر المؤتمرات بنواكشوط أمام أعضاء المجلس الدستوري وفي حضور الرئيس السنغالي. يشار إلى أن رئيس مجلس الشيوخ با إمباري يتولى منصب الرئيس بالإنابة. من جهتها، رحبت فرنسا بتشكيل حكومة وحدة وطنية في موريتانيا، معتبرة أنها تشكل «مرحلة مهمة في عملية الخروج من الأزمة». وأضاف بيان الخارجية الفرنسية أن «فرنسا تظل مستعدة لأن تقدم مع شركائها الدوليين دعمها الكامل لاستمرار تطبيق الاتفاق». وكان تشكيل حكومة وحدة بالتساوي من مؤيدي الانقلاب ومعارضيه منصوصا عليه في اتفاق الخروج من الأزمة الذي تم التفاوض في شأنه في دكار ووقع في نواكشوط في الرابع من الشهر الماضي لكنه لم يطبق بسبب الخلافات بين مختلف الأطراف. جاءت استقالة سيدي ولد الشيخ عبد الله بعد أن حصل على قرار من المجلس الأعلى للدولة «المجلس العسكري» ينص على تحوله إلى مجلس أعلى للدفاع يهتم فقط بقضايا الدفاع والأمن ويخضع لسلطة الحكومة الانتقالية. وجرت الأسبوع الماضي مباحثات بين الأطراف الموريتانية في دكار من دون أن تحرز نجاحا بسبب خلاف على وضع المجلس العسكري قبل الانتخابات الرئاسية. غير أن إعلان الخروج من الأزمة في الميدان السياسي ترافق مع مخاوف جديدة في المجال الأمني. فقد تبنى تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» أول من أمس اغتيال مواطن أميركي في نواكشوط يوم الثلاثاء الماضي، وذلك في بيان نقلته مؤسسة «سايت» لرصد المواقع الإسلامية. وأكد التنظيم مسؤوليته عن اغتيال الأميركي كريستوفر لوجيست أمام مؤسسة لتعليم اللغة والمعلوماتية يديرها في نواكشوط، متهما إياه بأنه كان يمارس «نشاطات تبشيرية». وفي بروكسل، أشادت المفوضية الأوروبية أمس في بيان بتشكيل حكومة وحدة وطنية في موريتانيا باعتباره «تقدما أساسيا باتجاه حل الأزمة الخطيرة الناجمة عن انقلاب أغسطس (آب) 2008».

وأضاف البيان أن «المفوضية الأوروبية تشيد بتوقيع رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية المرسوم التطبيقي لاتفاق الحل التوافقي بشأن العودة إلى النظام الدستوري».

ونقل البيان عن لوي ميشال المفوض الأوروبي للتنمية «إني أشيد بقرار الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي قرر من أجل المصلحة العليا للبلاد وللحد من الانعكاسات السلبية على الشعب الموريتاني، تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية وعهد لرئيس مجلس الشيوخ قيادة البلاد أثناء المرحلة الانتقالية».

وأضاف المفوض الأوروبي أن «مختلف أقطاب الحياة السياسية الموريتانية أثبتوا تحليهم بروح التسوية والمرونة بهدف إطلاق مسيرة آمل أن تضع حدا لفترة طويلة من إدارة البلاد من خارج الإطار الدستوري».

وتابع أن «هذا التقدم الجوهري لم يكن ليحصل من دون مثابرة والتزام الرئيس واد الذي نجح في تجاوز آخر العقبات في طريق تنفيذ اتفاق دكار».